بقلم عبير أنطون
الخطر بوجوهه العديدة يلفّ عالم الطفولة في لبنان اليوم. فبغير النقص الغذائي والدوائي الذي يعانيه بعض الاطفال بنسبة كبيرة في أحياء لبنان الفقيرة، وبغير التسيّب المدرسي الذي دقّت بعض الجهات ناقوس خطره، فإن عددا منهم، ومنذ ساعاتهم الاولى في هذه الحياة يتعرضون الى أبشع انواع اللاانسانية والاجرام من خلال رميهم في كرتونة مركونة على قارعة الطريق، او "زتّهم" في كيس قمامة!
وبغير هذا المصير الاسود الذي قد يلحق بالرضع، فإن من اكبر منهم سنا، صبيانا وبناتا يتعرضون لابشع انواع الاستغلال والتحرش، حد الموت ايضا، فمن يحمي هؤلاء؟
الفنانة ماغي بو غصن وبالتعاون مع جمعية" حماية" قالت انا لها. فما الذي ستقوم به ماغي والتي استهدفتها بعض الاقلام لما صورت ترويجا لصالح الجمعية واهدافها؟ وما الذي ترمي اليه" حماية" وما هي أدواتها في ذلك؟
"الافكار" تلقي الضوء
لولا الكلب الذي جرّ كيسا أسود في طرابلس قرب مبنى البلدية بداخله أنين لما تمّ إنقاذ الطفلة الحديثة الولادة ونقلها إلى "المستشفى الإسلامي" وهي تعاني من جروح متفرقة في مختلف أنحاء جسدها. مثلها ايضا تم إنقاذ طفلَين حديثَي الولادة في كرتونة تحت جسر نهر ابراهيم وجرى قلهما إلى "مستشفى سيدة مارتين" في جبيل. اما قضية الطفلة لين طالب في طرابلس التي نزفت جراء الاغتصاب المتكرر حتى لاقت حتفها، وسط الاتهامات المتبادلة ما بين عائلتي والديها المطلقين والتشهير ببعضهما ونشر غسيلهما على حبل الشاشات التلفزيونية فيما تبث صور الطفلة عبر مختلف المواقع والمنصات (الامرالذي يخضع لعقوبات شديدة في بلدان اخرى) فلا زالت فصولها مستمرة. ومثل "لين" هزت قصة الطفل اليافع طربلس ايضا وقد تم اغتصابه من قبل مراهق كان على صداقة به فاستدرجه الى مكان معزول ليفتعل فيه أشنع الاعمال وتهديده له بابشع النهايات إن هو باح بما جرى. وقبل ذلك بفترة وحيزة فُضحت قضية التعنيف في دار الحضانة عند منطقة جديدة المتن لاطفال بعمر الورود ما اوجب إصدار قاضية التحقيق في جبل لبنان رانيا يحفوفي مذكّرتَي توقيف وجاهيّتين بحقّ مالكة الحضانة والمربّية، وصولا مؤخرا الى فضيحة جمعية "قرية المحبة والسلام"...وتستمر لائحة الاخبار السوداء تجاه الاطفال الواحد تلو آخر في هزّ الضمائر، وانعقاد "المجلسَ الأعلى للطفولة"، وتحريك من وجدوا ضرورة الحماية.
هكذا انطلقت...
خوفا على الاطفال وانقاذا لحياتهم وصحتهم النفسية والجسدية، كانت وتستمر جمعية "حماية" التي أسستها السيدة فيفيان دباس في العام 2008 من منطلق" الحاجة إلى حماية أحبائنا من الشر في العالم " مستوحية ذلك من قصتها مع حفيدها التي تخبرها في كلمتها على الصفحة الرسمية للجمعية فتقول:
كان اليوم الذي رأيت فيه رد فعل حفيدي عندما حاولت استدراجه لإعطاء قبلة لجدته... وكان السؤال:ما مدى سهولة إقناع الطفل بفعل شيء لا يريد القيام به. ما مدى سذاجة وبراءة الطفل حقًا وكيف أنه لا يمكن أن يفهم أن شخصًا بالغًا يلعب دوره".
انطلقنا ب"حماية"و هي"قصة مجموعة من الناس ، أناس مخلصون ومستوحون من رسالتنا، وتم إنشاء لجنة جنبًا إلى جنب مع شراكة وثيقة مع
" Arcenciel"
والتي مكنتنا مواردها ودعمها الكبير من النمو بسرعة وفعالية.
وتهدف الجمعية الى حماية الشباب ضحايا العنف الجنسي والعنف الجسدي والعنف النفسي والإهمال، والوقوف في وجه من يساهم في إخفاء العنف ضد الأطفال في مجتمعنا، فضلا عن التقديم، ولاكبر عدد ممكن من الأطفال المهارات الحياتية اللازمة لحماية أنفسهم".
وتكمل دباس ان الجمعية التي بدأت مع اخصائي اجتماعي واحد، تضم اليوم أكثر من 100 متخصص من خلفيات وتخصصات مختلفة ، وتقدم متابعة عالمية وتعمل من خلال برنامجين (الصمود والوقاية) اللذين يغطيان جميع الأراضي اللبنانية.
وتضيف:اأتيحت لنا الفرصة لفتح مركز يوفر المأوى والدعم النفسي والاجتماعي لأي طفل تعرض بيئته حياته للخطر، معتبرة ان الجمعية باهدافها هي "الدليل الحي على أن العمل معًا والإيمان معًا وعدم الاستسلام أبدًا، ليترك عملنا العالم مكانًا أفضل قليلاً مما وجدناه".
مع ماغي...
هذا العام، اختارت "حماية" سفيرة اعلامية لها الممثلة اللبنانية ماغي بو غصن تحت شعار “معاً من أجل حماية الطفل في لبنان"، ويهدف هذا التعاون الى " تسليط الضوء على إشكالية العنف ضدّ الأطفال لنشر الوعي في لبنان والعالم من خلال مبادرات وحملات سوف يتم تنظيمها تباعاً، ذلك ان الوعي المجتمعي حول إشكالية سوء معاملة الأطفال يمكّن من الكشف المبكر والتبليغ الآمن عن حالات عنف تحصل بصمت وخلف الأبواب الموصدة".
الا انه ومنذ الاعلان عن تعيين بو غصن سفيرةً لجمعية "حماية" للتوعية حول ظاهرة العنف ضد الأطفال، ونشر البوستر الخاص بالحملة، حتى انهالت التعليقات التي صوبت سهامها الى الممثلة متهمة اياها باستعراض جمالها واناقتها وتسخير الحملة لصالحها أكثر مما هو لصالح الجمعية التي تحمي الاطفال، معتبرين ان الإعلان قام بتسليع الطفولة وعدم التعاطي بمسؤولية مع قضايا الأطفال، وانه تم الاعتناء بالشكل الخارجي للممثلة على حساب قضايا الطفل الأساسية، وان الممثلة جعلت من نفسها الحكاية والبطلة، مزينة ذراعيها بعبارات كُتبت باللغتين الإنكليزية والعربية، لتدعو إلى حماية الأطفال وعدم استخدام العنف ضدهم، ما اعتبر "تشييئا" للمرأة وتسليعا لها.
وقبل البوستر كانت ماغي سربت فيديو قصيرا تتعارك فيه مع إحدى الأمهات في الشارع بسبب تعنيف الأخيرة لابنها، فتخلّص الطفل من يدي والدته المعنِّفة، وهنا طالتها الانتقادات ايضا حد طلب محاسبتها قضائيا على فيديو مماثل.
لكن بعيدا عن هذا كله، وبالعودة الى الجوهر، تسعى الجمعية منذ تأسيسها بحسب سيرج سعد المدير التنفيذي لـ "حماية" إلى "نشر التوعية للوقاية من العنف ضد الأطفال، مع الحفاظ على خصوصية الطفل"، كاشفا أنه بناءً على إحصاءات أجرتها الجمعية خلال العامين الماضيين، فإن العنف ضد الأطفال في لبنان، ارتفع بنسبة 6%، وهذا مؤشر خطير.
ويتابع في هذا السياق بالقول:"لقد شهدنا مؤخراً أفعال عنف ضدّ أطفال في الأماكن التي من المفترض أن تكون الأكثر أماناً لهم، ما يجعلنا ندقّ ناقوس الخطر وندعو الجميع للتحرك كلّ من موقعه للحؤول دون تكرار أفعال مماثلة يدفع اطفالنا فيها الثّمن والذي قد يودي أحيانا بحياتهم. توجد العديد من الممارسات المشابهة التي لا نعلم بها حتى الآن ولم تظهر للعلن، واجبنا العمل لكشفها و تسليط الضّوء على هذه الإشكالية أساسي في هذا المجال، مع ضرورة مراعاة واحترام خصوصيّة الطّفل وعائلته".
ويشير سعد إلى أنّ رسالة الجمعية "هي تعزيز الدعم لإيصال أصوات الأطفال، مختتما حديثه بالتأكيد على أن التعاون بين "حماية" والممثلة ماغي بو غصن لن يقتصر على هذا الإعلان فحسب، بل ستتبعه مشاريع تثقيفية سيُكشف النقاب عنها قريباً، كاشفا ان اختيار ماغي سفيرة اعلامية للجمعية لانها "تمثل نقطة قوة للتأثير على الرأي العام".
ماغي: حاسبوا!
من جانبها، اعتبرت ماغي بو غصن أنّه بسبب مَهامها الجديدة كسفيرة في "حماية"، أصبحت أكثر حرصاً على مواضيع الأطفال، لأنّها أصبحت منبراً للتوعية حول هذه الآفة التي تضرب المجتمع. وعرّجت الممثلة على بعض القضايا الآنية في المجتمع، من بينها قضية وفاة الطفلة لين طالب، إلى جانب الأطفال الرُّضَّع الذين وُجدوا أخيراً مرميين في الطرقات، داعية إلى محاسبة الأهل والأشخاص المعنِّفين، لأن ذلك يُعَدُّ جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون. وتشكر ماغي الجمعية على اختيارها لها، بالقول:"تقود حملة إنسانية في زمن نفتقد فيه للإنسانية".
وتعرب ماغي عن تقديرها للدور الجديد الذي اوكل لها بالقول:"يشرفني التعاون مع جمعية حماية كسفيرة إعلامية للجمعية، حيث سأتمكّن من مشاركتها في نشر الوعي على نطاق واسع وتشجيع المجتمع على التبليغ عن حالات العنف الممارس ضدّ الأطفال. لقد شهدنا في الآونة الأخيرة أفعال عنف مؤسفة ضدّ الأطفال ترتقي إلى مستوى الجريمة، من هنا أهمية وضرورة التعاون على كافة المستويات كلّ من موقعه، وانطلاقاً من المسؤولية المجتمعية المشتركة للعمل جديّا لحماية أطفالنا وضمان عيشهم في بيئة سليمة وآمنة. لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي وفي صفوف المتفرّجين باعتبار أنّنا بمنأى عمّايحدث بل بالعكس نحن جميعاً معنيين، والدليل على ذلك حوادث العنف ضدّ الأطفال التي شهدناها مؤخراً".
وتابعت: “صحيح أنّ المشهد في الفيديو الذي تمّ نشره كان تمثيلياً وأردنا من خلاله إحداث صدمة لدى الجمهور وخلق جدلا وتفاعلا، لكنّ هذا المشهد هو واقع ويتكرّر يومياً وراء الأبواب المغلقة. نتمنى على الجسم الاعلامي، الفني وجميع الجهات المعنية، من سلطات وأفراد، كسر حاجز الصمت والتضامن للحدّ من هذه الأفعال في لبنان عبر التبليغ على الخط الساخن الخاص بالجمعية، فنكون شاهدين لا مشاهدين ويكون لنا تأثير إيجابي في مجتمعنا".