بقلم وردية بطرس
لا حدود لطموح الشباب اللبناني، فكل يوم يثبت أنه مثابر وعازم لتحقيق أحلامه مهما كانت الظروف قاسية وصعبة لأنه يؤمن بأن هذا البلد الصغير بمساحته سيظل شعلة الشرق وأن أبناءه لن يخذلوه بل سيواجهون التحديات والعقبات لرفع اسمه عالياً في أهم المحافل الدولية في مختلف المجالات... من بين انقاض مرفأ بيروت رفع اللاعب اللبناني رودريغ ابراهيم قاربه ورممه بعدما تدمر جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020، ومثّل لبنان ببطولة العالم
Rowing"
" أو التجذيف. لقد شارك الشاب البناني رودريك ابراهيم في بطولة العالم للتجذيف التي أقيمت في مدينة "راسيس" التشيكية من 13 لغاية 25 أيلول (سبتمبر) 2022 بدعم من الاتحاد الدولي للتجذيف. ولقد تمكن من تعزيز رقمه بعد سباقات عدة شارك فيها حيث سجل رقماً زمنياً بلغ 8:31 ولمسافة 2000 متر كما حاز على تقدير مدير الاتحاد الدولي "فانسان غايارد" ومديرة مركز التدريب والتطوير في الاتحاد الدولي "دانييلا غوميز" على أدائه ومثابرته وطموحه للمشاركة في بطولة العالم رغم الأوضاع الصعبة في لبنان على صعيد التدريب بسبب تدمير مركز التدريب التابع للاتحاد اللبناني للتجذيف جراء انفجار مرفأ بيروت.
فهذه الارادة والشغف برياضة التجذيف أهلت رودريك أن يحقق انجازاً كبيراً من بلد صغير من خلال مشاركته ببطولة العالم للتجذيف ليثبت أنه تمكن من تحقيق حلمه لأنه لم يفقد عزيمته وأمله بل قرر أن يتحدى الألم والدمار ليرفع اسم لبنان عالياً.
تجدر الاشارة الى أن الاتحاد اللبناني للتجذيف تأسس في العام 1968، وعلى الرغم من أنه يعاني من نقص التمويل ويُدار من قبل متطوعين فقط، الا أنه كان مركزاً لنحو 20 مجدفاً نشطاً بداء من الأطفال الى المحاربين القدماء.
اللاعب رودريغ ابراهيم وتحقيق الحلم
ولأن رودريغ ابراهيم لم يسمح لليأس أن يغلبه بل قرر أن كل يوم هو فرصة للأمل والحلم والمحاولة من جديد ولهذا لم يتوان للحظة لمواصلة رياضة التجذيف وعن شغفه بهذه الرياضة يقول:
لا أنكر أنه تطايرت أحلامي مع شظايا انفجار مرفأ بيروت عندما رأيت تعب ومجهود سنين ينهار أمام عيني حيث تدمر مركز التمرين الذي كنت أدّرب فيه، وأيضاً تدمر يومها مركبي ولكن على الرغم من المآساة كانت ارادتي أقوى من كل الدمار والحزن، لقد قررت أن أتحدى كل ذلك فقمت تصليح وترميم مركبي بيدي ومثلّت لبنان ببطولة العالم للتجذيف الذي استضافتها جمهورية التشيك في أيلول "سبتمبر" الماضي وحققت مركزاً متقدماً.
ويتابع:
كلبنانيين تعلمنا أن ننتفض في كل مرة لنواجه الصعاب، وهذا ما فعلته حيث قررت أن أكافح حتى آخر نفس لكي أحقق أحلامي والحمدلله نجحت بذلك لأنني لم أفقد الأمل وسأظل متمسكاً بالأمل لكي كل أحلامي بما يتعلق برياضة التجذيف. فمنذ أن وقع انفجار المرفأ لغاية الآن فكرت ثلاث مرات بأنني سأتوقف عن اصلاح المركب وبأنني لا أريد أن أكمل لأننا كنا نتمرن كثيراً ونشعر بتعب جسدي ولكن بالمقابل لا نحصل على شيء، وبالتالي أصبح الأمر مضيعة للوقت، الا أنني قررت بالنهاية أنني سأصلح المركب وسأشارك في البطولة وسأحقق حلمي مهما كان الأمر صعباً. بالنهاية اعتدنا على مواجهة التحديات والصعوبات في لبنان، وسنظل ثابر من أجل تحقيق أهدافنا لأننا لا نعرف اليأس والاستسلام.
مشاركتي في الألعاب الأولمية في طوكيو
وبالسؤال عن مشاركته في الألعاب الأولمبية التي أجريت في طوكيو عام 2022 يقول:
قبل أن أشارك في الألعاب الأولمبية الصيفية التي أجريت في طوكيو ، كنت أعتقد أنه مثل الحلم لن أتمكن من المشاركة فيها، لأنه الظروف ساءت للأسف في لبنان أن تشكل عائقاً أمامي لتحقيقه خصوصاً في ظل الأزمات المتتالية وصولاً الى انفجار مرفأ بيروت، فكل هذه الأمور شكّلت عقبة أمامي ولكن بالرغم من ذلك فذلك لم يمنعني من الوصول الى الهدف المنشود. لم أسمح أن أتعثر بالمركب المدمر بل رممته واستخدمته ونجحت برفع اسم لبنان عالياً. بمبادرة فردية وبمجهود شخصي تمكنت بالقيام بخطوة كبيرة في الألعاب الأولمبية في طوكيو والآن أتحضر للمشاركة في الألعاب الأولمبية التي ستُقام في فرنسا عام 2023. ومن قلب العاصمة بيروت أقول للعالم كله أنه ربما طموح الشباب يتغير أو يتأجل ولكنه لا يتلاشى. سأعمل جاهداً لتحقيق أحلامي فكان من بين أحلامي المشاركة في الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2022 التي راحت صدى بسبب انفجار مرفأ بيروت حيث لم نتمكن من القيام بالتمرين ولكن بالرغم من ذلك تمكنت من المشاركة فيها. وهذه الفرصة سنحت لي للمرة الأولى وهو حلم من أحلامي الكبيرة وآمل أن تفتح لي فرص أكبر لأنجح في الألعاب الأولمبية التي ستُقام في فرنسا 2023.
النهوض مرة تلو المرة
وعن مواجهة التحديات يقول:
على أنقاض مركب صنعت مركباً لأن حلم وطموح الانسان يدفعه دائماً نحو الأمام. والأهم من كل ذلك ألا يتوقف عن المحاولة لتحقيق الأحلام والطموحات مهما كان هناك صعوبات وتحديات ويجب أن نكمل المشوار بالرغم من كل شيء...أحياناً أفكر بأن الكثير من الناس وصلوا الى النجاح والقمة بكل أنواع الألعاب الرياضية وليس فقط برياضة
Rowing"
"أو التجذيف
ولم يكن لديهم القدرات الكافية فلماذا علينا أن نتذمر ونشكو بأننا لا نقدر أن نحقق ما نريده، فلو كان المركب يغرق علينا أن نحاول فلا بد أن تصلح الأمور ونحقق أحلامنا وطموحاتنا. والحمدلله حاولت قدر الامكان أن أصلح المركب لأنه لم يكن قابلاً للتصليح ولكن أقله أن أتمكن من انزاله الى المياه والقيام بالتجذيف حتى لو كان الأمر متعباً وشاقاً، وحتى المياه في لبنان لا تساعدنا للقيام بالتجذيف لأن مياه البحر ليست كما البحيرات، ولكن طبعاً لا نسمح لشيء أن يعيق هدفنا وحلمنا بل سنثابر وسنكافح الى أن نرفع اسم لبنان عالياً سواء في مجال الرياضة أو أي مجال آخر.
رسالتي للشباب اللبناني ألا ييأس
* ماذا تقول لكل شاب لبناني من سنك لا يزال يثابر على الرغم من التحديات والظروف القاسية في البلد ولكن قد يشعر أحياناً باليأس بسبب الأزمات المتتالية التي تقف عائقاً أمامهم لتحقيق أحلامهم وأهدافهم؟
- على الصعيد الشخصي فكلما كنت أشعر باليأس كان هناك دوماً شيئ يحفزني ويدفعني للمثابرة والمحاولة مرة ثانية وثالثة لكي أصل الى هدفي، فرسالتي لكل شاب لبناني ألا يشعر باليأس لأن اليأس هو مرحلة ولكن ما أن يصل الى هدفه سيسأل نفسه كيف تخطى الشعور باليأس والجواب هو أنها مرحلة وستمر وسيتمكن من تحقيق حلمه مهما كانت التحديات كبيرة وصعبة وهذا ما اختبرته بنفسي حيث أسأل نفسي كيف شعرت باليأس وكيف تخطيته الى أن تحقق حلمي. مع العلم أنني لا أزال أشعر باليأس ولكن أعود وأتذكر كيف كنت يائساً ولكنني حققت هدفي وحلمي فلما لا أتخطى اليأس في كل مرة أشعر به. لهذا أنصح الشباب ألا يستسلموا لليأس.
المشاركة في بطولة آسيا وبطولة العالم
وما هو الهدف المقبل بما يتعلق برياضة التجذيف؟
كما ذكرت في سياق الحديث الهدف المقبل هو المشاركة في الألعاب الأولمبية التي ستُقام في باريس 2023 وسأشارك أكثر في بطولات أخرى ومنها بطولة آسيا التي سأتحضر لها كثيراً، وأيضاً أطمح للمشاركة في بطولة العالم، وبالتالي من خلال المشاركة بهاتين البطولتين (بطولة آسيا وبطولة العالم) سأحقق أحلاماً أكبر،انما طبعاً الحلم لوحده لا يكفي بل علي أن أتحضر بشكل أفضل لأنجز أكثر في رياضة التجذيف، وأعلم تماماً انه رودريغ امام مركبه المدمر بالايمان والمثابرة سأحقق أحلامي حتى لو واجهتنا الصعاب في بلدنا.