اعتبرت مصادر حكومية ان نتائج زيارة رئيس الحكومة تمام سلام الى الأردن الأسبوع الماضي، لم تكن بحجم الوفد الوزاري الكبير الذي رافقه فيها والذي ضم 7 وزراء (من دون وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي اعتذر عن عدم المشاركة بالوفد) إضافة الى الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، وذلك على عكس ما كان يتوقعه الجانب اللبناني الذي حمل بعض المطالب الى الجانب الأردني لكنه لم يلق التجاوب المطلوب. وأشارت المصادر نفسها الى ان الزيارة السريعة (أقل من 24 ساعة) لم يتم تحضيرها كما يجب علماً ان هدفها كان انعقاد الهيئة العليا اللبنانية ــ الأردنية التي لم تجتمع منذ العام 2010 أي منذ ما قبل الحرب السورية التي أحدثت متغيرات عدة في المنطقة أثرت مباشرة على الاقتصاد اللبناني والأردني على حد سواء خصوصاً بعد تدفق النازحين السوريين الى البلدين وانقطاع شريان التجارة البرية بينهما بعد اغلاق المعابر بين سوريا والأردن.
وعلى رغم ان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أظهر حفاوة بالغة في استقبال الرئيس سلام وأشاد بدوره في قيادة لبنان <في هذه المرحلة الدقيقة التي تشكل فرصة تاريخية كبيرة لرجل في موقعك لينقذ لبنان مما هو فيه لاسيما وأن لبنان يستحق مثل هذه الوقفة وهذا الصبر الذي تتحلى به>، إلا ان الجانب الأردني تحفظ عن بعض المطالب اللبنانية في معرض البحث في التعاون في مجالات عدة وخلال التوقيع على 8 بروتوكولات ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون.
ففي الوقت الذي تم فيه الاتفاق على التعاون في مجال النقل البحري لاحظ أعضاء الوفد اللبناني ان الاتفاق لم يشمل تقديم الأردن تسهيلات لإقامة خط نقل بحري بواسطة البواخر التي تنقل شاحنات من الموانئ اللبنانية الى ميناء العقبة كبديل من الخط البري المتوقف بعد إقفال معبر <نصيب> على الحدود الأردنية ــ السورية، واكتفى الجانب الأردني بإدراج الطلب اللبناني في محضر المحادثات على أن يدرسه الأردن ويجيب لبنان عليه، مع العلم بأن خط طرابلس ــ العقبة صار شبه جاهز لتسيير الرحلات عليه. كذلك تحفظ الجانب الأردني على طلب الوفد اللبناني إعفاء الشاحنات اللبنانية من الرسوم أسوة بما يفعله لبنان وأرجأ البت بالطلب الى وقت لاحق. ولم يسفر النقاش حول امكانية فتح ممر بري عبر السويداء لأنه أقل خطراً من الممرات الأخرى لأن الجانب الأردني اعتبر ان هذا الممر غير آمن.
مواضيع أمنية... في غياب الوزراء المختصين
وأشارت المصادر الحكومية الى ان الجانب الأردني ناقش مع الوفد اللبناني مواضيع أمنية تتعلق بالتعاون بين البلدين على رغم غياب الوزراء المختصين عن الوفد اللبناني، وسُجل اعتذار الأردن عن التجاوب مع مطلب لبنان بضرورة إبلاغ السلطات الأردنية للسفارة اللبنانية عند توقيف أحد الرعايا اللبنانيين خلال 24 ساعة من حصول التوقيف، على رغم ان لبنان يبلغ عادة سفارة الدول المعنية عند توقيف أي من رعاياها في أراضيه، ولم تكن <حجة> الجانب الأردني ــ وفق المصادر الحكومية نفسها ــ مقنعة للجانب اللبناني على رغم ان الأردنيين وعدوا بدرس الطلب اللبناني والرد عليه عبر القنوات الديبلوماسية. وفسّرت المصادر سبب الطلب اللبناني الى حصول توقيفات للبنانيين في الأردن لأكثر من شهر قبل أن تتبلغ السفارة اللبنانية بحصول التوقيف. وفي الإطار الأمني علمت <الأفكار> ان الجانب الأردني أثار مع الوفد اللبناني مسألة تزايد تهريب حبوب <الكبتاغون> المخدرة من لبنان، طالباً إنشاء لجنة مشتركة من أجهزة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتعيين ضابط اتصال بين البلدين لتبادل المعلومات...
واعتبرت المصادر الحكومية الزيارة أعطت ثماراً <سياسية> عوض خلالها الرئيس سلام عما يعاني منه داخل لبنان نتيجة الشلل الذي يعتري عمل الحكومة بفعل التجاذبات السياسية الحادة، لافتة الى ان الإشادة الأردنية بأداء الرئيس سلام شكلت محطة ايجابية في الزيارة التي أنهاها رئيس الحكومة بلقاء الجالية اللبنانية مؤكداً أمام أفرادها انه لن يتخلى عن المهمة التي يتولاها <مهما كلف الأمر>، علماً انه نقل الى الحاضرين <احباطه> من الأوجاع والآلام والمصائب في لبنان <الغارق بنفايات سياسية وعضوية واقتصادية واجتماعية>!
يذكر ان الوفد الوزاري الذي رافق الرئيس سلام في رحلته السريعة الى الأردن ضم الوزراء السادة: أكرم شهيب، رمزي جريج، ميشال فرعون، رشيد درباس، عبد المطلب حناوي، نبيل دو فريج، وآلان حكيم. وكان لبنان أوفد الى عمان قبيل الزيارة الرسمية، وفداً برئاسة المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة السيدة عليا عباس، تولى مع الجانب الأردني برئاسة الأمين العام لوزارة الصناعة والتموين يوسف الشمالي، تحضير الاتفاقات التي تم التوقيع عليها بين الوزراء المختصين في البلدين بإشراف الرئيسين سلام والنسور.
تجدر الإشارة الى ان التبادل التجاري بين لبنان والأردن انخفض خلال السنوات الماضية وبلغ في 2013 ما مجموعه 297 مليون دولار، ثم تراجع الى 252 مليون دولار في العام 2014، ليصل في الأشهر الخمسة الأولى من 2015 الى 90 مليون دولار!