تحقيق علي الحسيني
منذ ثلاثة عشر عاماً انتقلت مع عائلتها للعيش في مدينة دبي لكنها لم تنسَ بلدها لبنان على الاطلاق ومدينتها طرابلس المكان الأحب الى قلبها ووجدانها، وظلت وفية للمبادئ والقيم التي تربت عليها، فقلبت مقولة <كوني جميلة واصمتي> الى كوني أنثى وعبّري عن رأيك وعن ذاتك وحققي أهدافك. إنها الاعلامية والناشطة السياسية هناء حمزة التي اختيرت مؤخراً سفيرة لجمعية <قل لا للعنف>.
ــ بداية أخبرينا من هي هناء حمزة؟
- هناء حمزة ابنة مدينة طرابلس ناشطة اجتماعية لأكثر من خمسة عشر عاماً في لبنان وإعلامية مقيمة في دبي انتقلت للعيش فيها مع العائلة قبل ثلاثة عشر عاماً وحملت معي عشقي للبنان ومدينتي طرابلس الشمالية، مما دفعني لكتابة زاوية أسبوعية في جريدة <البيان> تحت اسم <خربشات> أطرح فيها قضايا انسانية بأسلوب بسيط وسهل يشعر القارىء بأن شيئاً منه في خربشاتي..
ــ ما هي طبيعة عملك اليوم؟
- أعمل اليوم في قناة <سي ان بي سي> في دبي وأكتب زاوية <خربشات> في عدد من المجلات والمواقع الالكترونية الى جانب <الخربشة> الاسبوعية في جريدة <البيان>. ولا بد ان أشير الى ان إقامتي في دبي جعلتني أؤمن أن لا شيء يعتبر مستحيلاً وان الارادة الصلبة كفيلة بتحقيق الاهداف وان كل الناس سواسية لا فرق بين دين وآخر او جنسية وآخرى او لون وآخر إلا بإنتاجيته وقيمه الاخلاقية.
ــ لقد تم اختيارك مؤخراً سفيرة <قل لا للعنف> أخبرينا عن المؤسسة التي منحتك هذا اللقب وعلى أي أساس تم اختيارك وأين تم الاحتفال؟
الجمعية التي منحتني الجائزة هي جمعية <قل لا للعنف ضد المرأة>، وهي جمعية تهتم بقضايا المرأة والاسرة وتنبذ ممارسة العنف بشكل عام، واختارتني بناء على تطابقي مع معايير الجائزة بسبب طرحي لقضايا المرأة في زاويتي ودفاعي عن حقوق الانسان وضرورة تقبل الآخر ونبذ العنف في مجتمع بات العنف سيده .
ــ هل أخبرتينا عن كتابك الجديد <خربشات في زمن اسود> وعماذا يتحدث ولمن يعود ريعه؟
- الكتاب هو مجموعة من المقالات التي كتبتها ولقيت صدى حسناً تم جمعها في كتاب يباع اليوم في المكاتب في لبنان ويشارك في معارض الكتاب الدولية، وقد أصدرته دار جروس ويعود ريع مبيعاته لدعم نساء مهمشات عبر جمعية <قل لا للعنف ضد المرأة>. وتخصيص ريع الكتاب للعمل الاجتماعي مبادرة مني بضرورة ان يشارك الإعلامي في العمل الاجتماعي. فالاعلام هو وسيلة لإيصال صوت المجتمع والاعلامي هو صاحب رسالة يجب ان يقوم بها وخاصة في الظروف الحالية، كما أنوي ان أجمع مقالاتي كل سنتين في كتاب يعود ريعه لحالات انسانية محددة بشكل يتطابق مع ما أكتبه وأدعو له وما أقوم به.
ــ أين تقف حدود أحلامك؟
- حلمي عالم خال من العنف وسأعمل جاهدة على حث الجميع على نبذ العنف، كل أنواع العنف، فالعنف الذي يمارس اليوم في مجتمعاتنا وفي مناطقنا يجعل من الضرورة ان يقف في الوجه المقابل له مجتمع ينبذ العنف ويعبر عن رفضه له... انا أدعو الجميع للتعبير عن رفضهم للعنف ونبذهم لما يمارس اليوم في شتى أنواع الطرق، فالسكوت عما يحصل هو قبول ضمني به.
طرابلس والزمن الأسود
ــ ما هي الأمور التي تستفزك في وطنك لبنان؟
- يستفزني في لبنان اليوم ان نكون دولة ديموقراطية بلا رئيس يمدد مجلس نوابه وتشل الحياة الديمقراطية فيه. ويستفزني عدم تقبل الإنسان للآخر وعدم الانتماء للوطن واللهجة الاستفزازية المتبعة بشكل عام. أحلم بوطن جميل يسع كل أبنائه، أحلم بوطن تحكمه العقلية المنفتحة وحبنا لبعضنا البعض. أحلم بلبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وبعودة جميع اللبنانيين الى حضن هذا الوطن الذي يجب أن يتعافى من أوجاعه وهذا دورنا نحن خصوصاً جيل الشباب.
ــ أين هي طرابلس في وجدانك وهل حدثتنا عن طفولتك فيها؟
- طرابلس هي العائلة والاصدقاء والزمن الجميل.. لقد أمضيت أجمل أيام حياتي في الحركة الكشفية والعمل الاجتماعي فيها. أعرف ان أهلها أطيب ناس وان شوارعها ادفأ شوارع.. أمضيت طفولتي بين كنيسة مار مارون في طرابلس ومدرسة مار الياس في الميناء. لم تكن طرابلس يوماً كما هي اليوم .. نصف كتابي عن طرابلس، وأدعو الجميع لقراءة الكتاب حتى يعرفوا حجم تعلقي بهذه المدينة.. يحزنني الزمن الاسود الذي وصلت اليه المدينة ولكني على ثقة ان زمناً أبيض آتٍ لا محالة فلا بد لليل ان ينجلي.
ــ ما الذي تغير في لبنان عموماً وطرابلس خصوصاً؟
- الناس تغيروا، فقدوا الامل بكل شيء وفقدوا الثقة بالدولة، والقيادات السياسية فقدت صدقيتها وشعبيتها.. الناس على حق فمشاكل الوطن وأزماته لا تنتهي ومشاكل الوطن أكبر من قدرتهم على الاحتمال.. اللبناني يحب الحياة وهو يستحق حياة أجمل من تلك التي يحياها اليوم.. أملي ان نعود الى جذورنا الجميلة وتقبلنا للآخر والتفافنا حول مؤسسات الدولة وتمسكنا بالديموقراطية ونبذنا للعنف...
ــ ما هي المشاريع المستقبلية التي تنوين القيام بها وما هي نشاطاتك الحالية؟
- أنوي المشاركة في معارض الكتاب الدولية في المنطقة لتوقيع الكتاب من جهة، وحشد الاصوات نبذاً للعنف وللتأكيد ان الإعلامي صاحب رسالة وسلطة وعليه ان يستثمرهما لصالح المجتمع والوطن وليس العكس. وإن شاء الله سأزور مجلة <الافكار> في أول فرصة أنزل فيها الى لبنان.