لأننا متفائلون بوجود وزير يكره الظلم، مثل وزير الشؤون الاجتماعية المحامي رشيد درباس، فإننا نضع أمامه هذه المشكلة التي لا يجوز أن يكون لبنان بلد الحضارة والرقي والمساواة بين المواطنين مسرحاً لها.
المشكلة يا معالي الوزير هي هذا العسف الذي تمارسه شركات التأمين بحق الذين تجاوزوا السبعين من العمر، وهي تقريباً سن تقاعد القضاة. فهي ترفض تنظيم أية بوليصة تأمين لأي إنسان تجاوز السبعين سنة. ولا تعترف بحقه في التأمين إلا إذا كان مسجلاً على الأقل منذ عشر سنوات على قائمة المدرجين في لائحة التأمين، وغير ذلك لا بوليصة ولا من يؤمنون!
بعض شركات التأمين تقول إن هذا الأمر يدخل في مشروع ضمان الشيخوخة الذي تضغط شركات التأمين حتى لا يرى النور في مجلس النواب. وشركات أخرى ليست جاهزة حتى لدفع التعويض الإلزامي كما حصل مع رئيس تحرير <الأفكار> وليد عوض الذي صدمته سيارة تابعة لأمن الدولة في عقر حديقة القصر الجمهوري، وترفض شركة <كومباس> حتى الآن دفع أي تعويض إلزامي له عن هذا الحادث بوصفها شركة التأمين المتكفلة بسيارات أمن الدولة. ولما راجع رئيس التحرير مدير عام وزارة الاقتصاد بالنيابة فوزي فليفل قبل تعيينه محافظاً لجبل لبنان، وهي الوزارة الوصية على شركات التأمين في لبنان، قال بعد فتح أحد الملفات أن الوزارة لا تملك حق الضغط على أية شركة تأمين بل كل ما تستطيعه هو أن تقدم النصيحة.
وعندنا الآن وزيران يعترف لهما المجتمع المدني بالشهامة والتجرد، وهما وزيرا الاقتصاد آلان حكيم ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وفي سلتهما نضع المشاكل الناجمة عن سلوك شركات التأمين، وبذلك لا يخسران جمهور العقد السابع والعقد الثامن وهما بسم الله ما شاء الله، يتمتعان بطول العمر ويمكن أن ينضم إليهما في هذه المشكلة رئيس اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان ميشال موسى ويصبح الأمر مسؤولية ثلاثة.
سفيرة الاتحاد الأوروبي <إنجيلينا ايخهوريست> استغربت في حديث معنا أن يكون ابن العقد السابع وابن العقد الثامن بدون حق في بوليصة التأمين، وتعتبر أن هذا الأمر غير وارد في بلدان الاتحاد الأوروبي، لأن كل بلد أوروبي لا يفرق بين عقد ثالث وعقد سابع وعقد ثامن، لأن كل المواطنين متساوون في الحقوق ولا سيما الحقوق الصحية. وبلد مثل لبنان يمثل هذا الرقي لا يجوز أن يرتكب مثل هذا الخطأ.
من حق شركات التأمين أن تتعاطى التجارة والكسب المشروع، ولكن ليس من حقها أن تميز بين المواطنين والاعمار، لأن لكل مسؤول في هذه الشركات أباً أو أماً أو خالاً أو عماً أو خالة. فهل يغفلون عن ذلك، أم هناك عم بسمنة وعم بزيت؟
الدنيا في لبنان لا يجوز أن تكون فالتة كما يتصور أصحاب شركات التأمين، ومن حق النواب أن يسائلوهم ويحاسبوهم ويقولوا لهم: إما أن تساووا بين الناس وإما فرحمة الله على الإنسانية والرقي في هذا البلد!