بقلم عبير انطون

 

الفنانة والباحثة الموسيقية عبير نعمة بعد إصابتها وزوجها:

الأمل باللبنانيين وليس بالمسؤولين الذين جعلونا أيتاماً ...

[caption id="attachment_85229" align="alignleft" width="516"] فادي ابراهيم:لأقصى درجات المسؤولية تجاه الفيروس اللئيم .[/caption]

"تسونامي كورونية" أصابت الفنانين كما عدداً كبيراً من الاعلاميين اللبنانيين، ولم تكن الفترة بين الإصابة والتعافي سهلة عليهم على الاطلاق. وقد هزّ الوسط الفني اصابة النجم فادي ابراهيم بالـ"كوفيد" الخبيث بعد شائعات سرت عن خطورة وضعه الحرج، خاصة أنه مريض سكري، ويتابعه المشاهدون اليوم في مسلسل "رصيف الغرباء" على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال انترناشيونال. كذلك، فإن نجم المسلسل عينه الممثل إيلي شالوحي بدور الدكتور باسم رزق، كان سبقه الى المحاربة على جبهة "كورونا" ايضاً وانتصرعليها. أما بين آخر من اعلنوا اصابتهم وسط شبكة الاسماء الفنية المعروفة بسهام كورونا، فكانت الفنانة عبير نعمة التي كانت أصدرت بين آخر أغانيها "هيدي الدني"، واأطلقت صرخة في وطن أولاده "أيتام فيه"، ومن تجربة عبير نبدأ.

 الاتكال على الله والصبر كانا السند لعبير نعمة في محنتها الاسبوع الماضي . تقول عبير: "التقطت عدوى "كورونا" من ابن أخي خلال مشاركتي بعمادته وقد كنت عرّابته، وكل من شارك في الاحتفال اصيب إلا والدتي".  

 وعن العوارض قالت عبير بعد ان تعافت: "عوارض "كورونا" واوجاعها لا تحتمل. لا يمكنني تحديد ما هو الأسوأ بين هذه العوارض لأنه في كل يوم يفاجئك وجع جديد. هو لا يشبه الرشح العادي على الاطلاق، وفيه تعب واوجاع  في الرأس والعضلات فضلاً عن الحرارة المرتفعة والالم في العيون وفقدان حاستي الشم والذوق، مؤكدة ان ما خفف من الوطأة كانت مساعدة الناس الطيبة، والكلمة الحلوة .

 وبين هذه الكلمات الطيبة ما جاءها من فنانين تمنوا لعبير الشفاء العاجل وكانت كلماتهم بمثابة البلسم ، بينهم اخوها الفنان جورج نعمة الذي قام بخطوة تجاه شقيقته بحيث نشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو بدا فيه وهو يغني مع شقيقته أغنية بعنوان "يا أختي"، وعلق عليها بالقول: "يا اختي، كان عمري 14 سنة أول مرة غنيت هالغنية مع اختي عبير على المسرح". كذلك واستها بكلمات معبرة الفنانة اصالة التي كانت من اوائل النجمات اللواتي تفاعلن مع ما عانت منه عبير متمنية لها الشفاء العاجل من هذه الازمة الصحية فكتبت لها "سلامة قلبك يا أنقى قلب" بينما علقت الاعلامية ر ابعة الزيات والتي سبق واصيبت بدورها بالفيروس الخبيث: "حبيبتي عبير سلامة قلبك صعبة كتير انتبهي لحالك". اما الممثل والمطرب مايك ماسي فعلق بالقول: سلامة قلبك عبورة "وقالت لها الفنانة سينتيا كرم "حبيبتي بارك الله فيك ستتعافين قريبا جداً".

 أوكسيجين...

[caption id="attachment_85228" align="alignleft" width="373"] عبير..ونعمة الاتكال على الله .[/caption]

معاناة عبير مع "كورونا" كانت مزدوجة اذ طالت زوجها ايضاً وحاله كانت اكثر صعوبة. فالفيروس المستجد أبى ان يصيب عبير من دون ان يصيبه، وقد عانى"جوليو" من اوجاع مبرحة ونقص كبير في الاوكسيجين.

وتقول صاحبة أغنية "حكاية" في هذا الصدد: حاولنا طوال يومين تأمين آلة لضخ الأوكسيجين لزوجي ولم نصل الى نتيجة حتى انسدّت جميع الحلول في وجهنا وفقدنا الأمل بالعثور على حل وعشنا معاناة عرفها الكثير من اللبنانيين. فقد كان الأوكسيجين لـ"جوليو" يصل في الليل الى 87 بالمئة، وكانت الآلة اكثر من ضرورية له حتى لا يتم نقله الى المستشفى، حيث لا أسرّة شاغرة.

 وفي ظل استحالة تأمين الآلة وانسداد كل السبل مع الارتفاع الجنوني لأعداد الإصابات بفيروس "كورونا" وعجز المستشفيات عن استقبال حالات جديدة شاءت العناية الالهية كما تسميها عبير ان تنقذه، وكان ذلك عبر اتصالها بالسيدة ميراي قزي وهي مسؤولة في جمعية "درب السما" فما كان منها الا ان اوصلتها مع ابنها الى بيت عبير وسط طقس عاصف، وكانت قدمت الالة احدى عائلات منطقة حارة صخر. هذه الالة  انعشت "جوليو" جداً وراحت حالته تتحسن يوماً بعد يوم .

 وهنا تصر الفنانة الشفافة على الاشارة الى عطاء هؤلاء الاشخاص وتسميتهم ، لأن لبنان هو هؤلاء بالتحديد. من هنا فهي دعت الى الاتكال على الله وعلى اشخاص مماثلين، لأننا ايتام في هذه الدولة التي تخلّت عنا، وسط غياب تام لأدنى حقوقنا كمواطنين في عيش كريم .   

وعبير التي لم تتلق الطعم شأن الكثير من الفنانين الذين حصلوا عليه بعد ان سافروا الى خارج لبنان والعديد منهم ابرزوا ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اكدت انها لن يسبق ان حصلت عليه وانها تنوي ان تتلقاه فور وصوله الى لبنان.

ووسط تمنياتها بالشفاء العاجل وانقشاع هذه الغيمة السوداء حذرت عبير متتبعيها من خطورة هذا الفيروس ومن الألم الذي يُسببه للمصاب، داعية إياهم إلى الحذر جيداً والانتباه منه وحثهم على البقاء في المنزل للحماية منه.

للمفارقة، كانت عبير، قبل الاصابة بمدة، اطلقت اغنية "هيدي الدني" من انتاج "Universal Music MENA" معلقة على الاصدار بالقول:

  للموسيقى هدفٌ أسمى من الترفيه فهي رفيقة الإنسان في السرّاء والضرّاء، لذا فموضوع هذه الأغنية هو إنسانيّ أردت أن أوجّه من خلاله رسالةً إيجابيّةً في هذه الأيّام الصعبة التي نمرّ بها. فلو قست الظروف علينا أحياناً إلّا أنّ ما بعد العسر يسراً. فإرادة الحياة دائماً تنتصر بفضل عزمنا وطاقتنا الإيجابيّة ونحن دائماً على موعدٍ مع فجرٍ جديد والفنان لا يُمكن أن يعزل مشاعره عن مُحيطه وحاجته كبيرة لترجمة كلّ ما يعيشه ويختبره من خلال أعماله.

يذكر أنّ أغنية "هيدي الدني" التي تنتمي إلى نمط موسيقى البوب الكلاسيكيّة، وهي من كلمات غدي  الرحباني وتأليف موسيقيّ أسامة الرحباني كانت ُصورت على طريقة الفيديو كليب مُباشرةً قبل فترة الحجر الصحيّ تحت إدارة المُخرج جيل الغبري في ظروفٍ إستثنائيّة تطلّبت العمل في حالةٍ من الطوارئ لإنهاء التصوير وإيصال رسالة الأغنية إلى الناس، كي تُرافقهم وتُلهمهم وتُقوّي عزيمتهم في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشونها.

  نعمت: وينك؟

[caption id="attachment_85231" align="alignleft" width="349"] هيدي الدني.. بالناس الطيبة.[/caption]

اغاني عبير التي تصل الى القلب، أبكت واحدة منها بعنوان "وينك" المذيعة المتألقة دائماً نعمت عازوري التي أصيبت بالفيروس ايضاً مع زوجها الاعلامي كريستيان اوسي، وكان وضعه حرجاً جراء الفيروس ما اضطره الى دخول مستشفى رزق والبقاء تحت عناية طبية دقيقة، الى ان بلغ مرحلة الشفاء. عن اغنية عبير قالت "نعمت": كنت اسمعها على احدى الشاشات المحلية من بيتي، وكريستيان يسمعها من على سريره في المستشفى. نحن نلتقي على حب هذه الاغنية التي كان لها في هذا الظرف وقع خاص جداً.

من ناحيته، النجم فادي ابراهيم ساءت حالته بسبب شعوره بضيق حاد في التنفس استدعى نقله إلى مستشفى "المشرق" حيث خضع للعلاج. حالة النجم اللبناني لم تكن افضل حالاً مع آلة الاوكسيجين التي لم تتوفر مع بداية العوارض الصعبة الى ان أمّنها منتج ومخرج مسلسل "رصيف الغرباء" ايلي معلوف الذي يشارك فيه ابراهيم. اما سرير المستشفى ، فقد تطلب من جهته "برمة العروس" لايجاده "مع واسطة" رئيس المؤسسة اللبنانية للارسال الشيخ بيار الضاهر لتوفيره. وقد بقي ابراهيم تحت انظار العناية الطبية حتى استعاد عافيته وخرج من المستشفى.

يجنح ابراهيم الى القول إنه التقط العدوى اثناء العمل، اذ انه يشارك حالياً في تصوير مسلسلات ثلاثة. وعلى الرغم من جميع الاحتياطات المتخذة من قبل كل فرق العمل، واجراء الـ"بي سي ار" لجميع الممثلين المشاركين التقنيين كافة، الا انه التقط الفيروس، الذي يصفه باللئيم .

يؤكد ابراهيم ان الممثل يعمل، ليستمر وتكمل الحياة مسيرتها ، مؤكداً انه لم يستهتر يوماً بالفيروس، الا اننا ممثلون ومضطرون للتواصل ولا يمكن وضع الكمامة او البقاء على مسافات بعيدة ونحن نمثل . لقد التقطت الفيروس وكذلك عدد من التقنيين ايضاً .  

 لم استهتر يوماً بالفيروس - يقول ابراهيم - وكنت اتخذ كل الاحتياطات اللازمة (الاحتياطات التي يجب ان تكون متبعة بأدق ما يمكن، خاصة مع الفيروس الذي يطل علينا بتحولات وسلالات جديدة أشد

[caption id="attachment_85230" align="alignleft" width="191"] من داخل المستشفى.[/caption]

فتكاً وسرعة في الانتشار). ويقول في هذا الصدد:

"الحمد لله اننا بنينا نفسنا على قواعد ثابتة من الثقاقة وحد أدنى من المعلومات الطبية والحشرية  والمسؤولية الكبيرة تجاه الوضع الذي نرتع تحته. نحن اشخاص مثقفون ، لدينا الحد الادنى من المعلومات الصحية، وضرورة الوقاية من هذا الفيروس الذي هز الانسانية بكاملها وغير حياة البشرية جمعاء".

واذا ما كان ابراهيم يؤكد على ضرورة التوعية التي يقوم بها الاعلام، الا انه من جانب آخر يحمل بعض العتب على وسائل اعلامية ومواقع تواصل تحدثت عن خطورة شديدة في وضعه، الامر الذي لم يكن حقيقياً، وقد اوصلوا الخبر للناس بطريقة خاطئة ، حتى إن البعض اعتقد انه في اسوأ حال "لا سمح الله" متسائلاً: من يحق له ببث معلومات كهذه وصلت الى حد الكذب ..عيب!.

ونشير في هذا السياق ان فادي كان دحض الشائعات عن وضعه الحرج والمتدهور من صورة بدا فيها مبتسماً مع الطبيب الذي يعالجه من قلب مستشفى المشرق، وفي بيان صدر عن نقابة الممثلين، اعلن أنه بخير ووضعه مستقر، كما أكد نقيب ممثلي الإذاعة والسينما والتلفزيون والمسرح نعمة بدوي، إذ نفى الأخبار المتداولة حول خطورة وضع إبراهيم الصحي ، مضيفاً حينها لصحيفة لبنانية انه تكلم مع فادي إبراهيم، هو بصحة جيدة جداً، موجود في منزله ويتابع الأخبار التي تتحدّث عن وضعه الصحي الحرج باستغراب، لاسيّما مع وصول البعض إلى الإعلان عن وفاته!"، مضيفاً: "هو بألف خير، وليخفّف بعض المحبين حبّ نشر هكذا أخبار، فمن الحبّ ما قتل" !.

من جانبه يعيد ويكرر فادي، النجم المحبوب، على أهمية الوعي، واتخاذ الامر باقصى درجات الجدية . فنحن نخسر اهلنا ونخسر اولادنا وربما نخسر انفسنا و"بعد في ناس مش مصدقة" ولا يعون خطورة ما يجري. كما لم يفته شكر الشيخ الضاهر الذي وبحسب ما قال ابراهيم: "بعرف انو ما بيترك حدا أصلاً".  

وفي رده عن تحميل مسؤوليات الوضع الخطير الذي وصلنا اليه، يقول ابراهيم:

 المسؤولية مشتركة ما بين الدولة والمواطن. فلو تم الاغلاق الكامل في وقت سابق لما وصلنا الى هذا الدرك ولما فلت الامر بهذا الشكل، حتى من قبل حفلات الميلاد ورأس السنة. كذلك لو ان المواطن يعي مسؤوليته ويدرك خطورة الوضع الذي نحن فيه جراء فيروس "ضرب" العالم كله، لكنا تلافينا الكثير، محيياً الجسم الطبي الذي يتفانى في عمله وهو في الخطوط الامامية للمواجهة.