بقلم وليد عوض
أحياناً يكون المنصب السياسي أهم من المنصب الوزاري، وجاه السلطة، وهذا ما ينطبق الآن على النائب السابق سمير فرنجية الذي انتخب في مجمع <البيال> رئيساً للمجلس الوطني لمستقلي قوى 14 آذار، وحصل على 236 صوتاً، فيما حصل منافسه الدكتور فوزي الفري ابن طرابلس، وهو أستاذ محاضر في جامعة <البلمند> على 32 صوتاً في هيئة انتخابية من ثلاثمئة شخص، و11 ورقة بيضاء وورقتان ملغاتان، وظرفان فارغان.
وهذه الهيئة تضم رجالاً من مختلف الاختصاصات كالبيئة والإعلام والاقتصاد والاغتراب والعلاقات الخارجية، ومنها سيتم اختيار أعضاء المكتب التنفيذي في اجتماعها الثاني.
وجارنا قرب عمارة المكتب سمير فرنجية (70 عاماً) أعرفه منذ العام 1971، عندما رافقته مع عقيلته السيدة آن موراني الى مدينة <أزمير> في تركيا ضمن بعثة سياحية، واكتشفت فيه الانسان المتزن، الواسع الفكر، الديموقراطي النهج، المحاور دون كلل أو ملل. ووقفت وإياه في ساحل <أزمير> أمام تمثال باني تركيا الحديثة <مصطفى كمال أتاتورك>، وهو يشير بيده من فوق حصانه الى البحر الأبيض المتوسط ويهتف ضد عسكر اليونان: خذوهم الى البحر!
وفي رأيه أن <أتاتورك> كان مقاتلاً في السياسة مثلما كان مقاتلاً في المعارك العسكرية، وربما كان القتال بالسياسة هو الأصعب لأنه يتطلب طول نَفَس، وطاقة من الصبر، بعكس قادة المعارك العسكرية. وهكذا هو حال سمير فرنجية، الابن الثاني لبطل الجلاء وزير الخارجية الراحل حميد فرنجية. أما الابن الأول قبلان فرنجية الذي يحمل اسم جده، فقد اختار العمل الحر في باريس وترك السياسة لشقيقه يصول فيها ويجول.
كان سمير فرنجية عام 2001 يريد أن يكون نائباً عن طرابلس في انتخابات ذلك العام، ولكن جان عبيد أخذ منه المقعد، وترك له حصان السياسة فكان واحداً من أقطاب لقاء <قرنة شهوان> المناهض للوصاية السورية، ثم أصبح بعد ذلك عضواً في تحالف 14 آذار، وأحد أبرز مؤسسي <المؤتمر الدائم للحوار> و<اللقاء اللبناني للحوار> حتى قيل: أين يكون سمير فرنجية يكون الحوار.
وبرغم أنه بيك ابن بيك، فالرجل لا يؤمن بالوراثة السياسية، ولكنه يؤمن بالمواقف، ومن ذلك موقف والده المحامي الكبير ووزير الخارجية الأسبق حميد فرنجية عندما ترأس بطلب من رئيس الوزراء رياض الصلح الوفد اللبناني الى باريس عام 1946 للمطالبة بجلاء من تبقى من قوات الانتداب الفرنسي من لبنان، وكان هو رئيس الوفد وكان الرئيس رياض الصلح عضواً فيه.
وكانت لفتة ذكية من رياض الصلح أن يجعل الماروني اللبناني، لا المسلم اللبناني، هو رأس المطالبين بجلاء الفرنسيين عن أرض لبنان. ويعلم سمير فرنجية أن والده حميد فرنجية كان المرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية عام 1952، ولكن لعبة الأمم شاءت يومذاك أن يكون <فتى العروبة الأول> كميل شمعون، كما كان لقبه، هو صاحب الصولجان في قصر القنطاري، فتحول حميد فرنجية الى قطب من أقطاب المعارضة مع الرئيس صائب سلام والرئيس صبري حمادة وكمال جنبلاط وجان عزيز. وكان مكتب جبهة المعارضة على بعد بضعة أمتار من قصر القنطاري.
وعندما سيطل عليكم من شاشات التلفزيون سمير فرنجية، لا تحسبوه وريث زعامة سياسية، بل تعاملوا معه كرجل حوار، وهذه الصفة أحياناً تجعله مع رفيق دربه السياسي الدكتور فارس سعيد ينتقدان بعض تصرفات أهل البيت السياسي أي قوى 14 آذار.
وكما تعبير أمين الريحاني يقول سمير فرنجية كلمته و.. يمشي!