[caption id="attachment_85546" align="alignleft" width="363"] حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيتوجه الى سويسرا للمثول امام القضاء هناك.[/caption]
حسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمره، وقرر التوجه الى سويسرا خلال الأيام القليلة المقبلة ليمثل أمام المدعي العام السويسري ويرد على ما ورد في الملف الذي احاله المدعي العام السويسري الى القضاء اللبناني طالباً المساعدة في شأنه. لم يرض سلامة ان يتولى القضاء اللبناني التحقيق في اتهامات القضاء السويسري، وهو قال للذين سألوه عن السبب "إن الرأي العام اللبناني يشكك بكل ما هو لبناني ويثق اكثر بكل ما هو اجنبي، فاذا نلت البراءة من القضاء اللبناني سيقال اني مارست نفوذاً وضغطت وغير ذلك من الاقاويل، بينما القضاء السويسري معروف عنه انه محصن ولن يغامر بسمعته من اجلي".... لقد اختار رياض سلامة شركة "LALIVE" للدفاع عنه في سويسرا التي سيتوجه اليها والشركة ستتولى متابعة هذا الملف مع القضاء السويسري لاحقاً لاسيما وانها تملك باعاً طويلاً ونفوذاً فاعلاً جداً في القضاء السويسري. والمعلومات المتوافرة عنها تشير الى انها من بين اهم واكبر الشركات القانونية في سويسرا. عمرها نحو 60 سنة وتضم في صفوفها 200 موظف بينهم خبراء يتقنون 13 لغة من بينها العربية، وهي متخصصة بقضايا البنوك والتمويل، والفنون والملكية الفكرية والافلاس والتحكيم الدولي والوساطات إضافة الى جرائم الموظفين، ولها 3 فروع في جنيف وزوريخ ولندن. وسبق لها ان ترافعت عن باكستان بين الأعوام 2003و2009 من اجل استرداد الأموال المنهوبة هناك، التي يشكك الباكستانيون بأنها هربت الى الخارج في عهد الرئيس آصف زرداري ورئيسي الوزراء بنازير بوتو ( زوجة زرداري) ونواز شريف.
ومن المفترض ان يضع القضاء السويسري نظيره اللبناني في حصيلة التحقيقات التي ستجرى مع سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان حويك التي تقول الإحالة السويسرية إنهم حولوا أموالاً على المصارف السويسرية بقيمة 400 مليون دولار تدور حولها شبهات تبييض تعاقب عليها القوانين المرعية الاجراء.... المؤشرات تدل على انها سيكون من الصعب منذ الان توقع نتيجة التحقيق المفتوح في سويسرا، لكن المؤكد ان دخول القضاء السويسري على الخط طرح عماد النظام المصرفي في لبنان، أي مصرف لبنان، على المحك وسط كلام كثير وتفسيرات وروايات يصعب الحسم في شأنها على رغم تناقضها وهي تستهدف خصوصاً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي تقول مصادره "إنه سريعاً سيتبين الامر، بأنها مؤامرة لم تبدأ من اليوم بل هي تكملة لمحاولات سابقة.
يمكن استفتاء اليوم مرجعيات رئاسية حالية او حكومية سابقة تملك معطيات وافية عن وجود محاولات حثيثة لجر سلامة الى الاستقالة ومحاسبته بناء على ملفات فارغة او تحميله مسؤولية كل الموبقات. لكنها لن تنجح. وهذه المرجعيات تقر في مجالسها بأن سلامة "رح يطلع منها". وتؤكد المصادر ان "سلامة لن يستقيل وسيبقى حتى تاريخ انتهاء ولايته في تموز (يوليو)2023. وذلك بعدما عين مجدداً حاكماً لمصرف لبنان لولاية خامسة العام 2017، وايضاً ليس هناك امكانية لاقالته التي تشبه اقالة رئيس الجمهورية من موقعه. ويبدو ان الطلب الذي ورد بداية الى السفارة السويسرية في لبنان يفصل اكثر محاور الاتهامات والاستفسارات حول حركة تحويلات مالية حصلت من مصرف لبنان الى مصارف في سويسرا، بقصد تتبع مصدرها الاساس ووجهة استخدامها.
" ملف مفبرك"
وتضيف المصادر ان الملف "مفبرك" وان أي محاولة للنيل من سلامة لن تصل الى نتيجة لأن الاتهامات المساقة ضده لا أساس لها من الصحة. لكن هذه المصادر لا تنكر في المقابل ان سلامة بات في مرمى الاستهداف المباشر، علماً ان الطلب السويسري الموجه الى لبنان والذي تم تسريب مضمونه بشكل مشبوه لا يتضمن أي إشارة الى سلامة او الى أموال خاصة او تلك المتعلقة بشقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك، بل يشير الى تحويلات مالية تمت عبر مصرف لبنان يتم التحقيق من مطابقتها للقوانين. وتتحدث المصادر نفسها عن "خلط" متعمد بين الطلب السويسري وبين ما جرى ترويجه منذ اشهر عن تقرير يتعلق بتحويلات مالية بقيمة 400 مليون دولار عائدة لسلامة وشقيقه ومساعدته. وفي هذا السياق فإن النائب في البرلمان السويسري فابيان مولينا لم يستطع ان يجزم بحجم الأموال المحولة كما انه لم يؤكد أي معلومة تتصل بالحاكم سلامة، علماً انه كان السباق في الحديث عن هذا الملف المالي وعلاقة مصرف لبنان به، متهماً المصارف السويسرية بأنها فشلت في القيام بما عليها منعاً لوصول أموال تتعلق بالفساد وتبييض الأموال وتجب مساءلتها أيضاً.
وتتحدث مصادر قانونية خبيرة في آليات العمل داخل مصرف لبنان عن العمل في المصرف فتشير الى ان الجهات المخولة فتح حسابات في مصرف لبنان هي ثلاث: الدولة ومؤسساتها، المؤسسات المالية مثل المصارف والصرافين، وموظفي المصرف المركزي فقط، وهذا يعني ان الحديث عن حسابات تخص شقيق الحاكم في مصرف لبنان ليس دقيقاً. هؤلاء الموظفون، بمن فيهم الحاكم ونوابه، حساباتهم في المبدأ تكون بالليرة اللبنانية، لكن لا نص قانونياً يمنع من وجود حسابات بالدولار الأميركي. اما تحويل الأموال من حسابات هؤلاء الموظفين الى الخارج، فلا يحصل الا من خلال طرف ثالث third party هو المصارف المحلية، بمعزل عن عملة الحساب. وبشكل ادق فإن الحاكم ونوابه والمدراء في المصرف المركزي لهم الحق بايداع ودائعهم المالية في المصرف، اما الموظفون فيحق لهم فقط إيداع رواتبهم في حساباتهم في المصرف.
وتكشف المصادر ان مصرف لبنان يقوم بتحويلات مباشرة في حالة واحدة حينما يكون التحويل لاموال المصرف نفسه وبغرض استثماري او توظيفي، وهذه العملية لا سلطة للحاكم للقيام بها منفرداً، وانما تحصل من خلال هيئة تتولى اتخاذ قرار تحويل هذه الأموال ومكان توظيفها. وهذا بدوره يقود الى احتمالين. فاذا كان كلام الادعاء السويسري يخص شخص الحاكم لتحويلات مشبوهة تخصه، فإن هذه التحويلات يفترض ان تكون قد مرت عبر "طرف ثالث" (مصرف تجاري) ومن الصعب ان تبقى سراً مكتوماً طوال هذه المدة، خصوصاً اذا ما قورنت بالتهم التي ارفقها الادعاء السويسري عن اختلاسات وغسيل أموال ضخمة كتلك التي تناقلتها وسائل الاعلام. اما الاحتمال الثاني، هو ان تكون التحويلات تخص أموال الدولة، أي أموال مصرف لبنان، وهذا بدوره يعني ان التحويلات مرت حكماً عن طريق هذه الهيئة المختصة داخل المركزي. المصادر نفسها قالت إن الاحاديث المتواترة عن المبلغ الذي يجري التحقق عنه سويسرياً والذي يخص الحاكم شخصياً يدور في فلك 8 ملايين دولار ولا تزيد عن سقف 10 ملايين، معتبرة ان هذا الرقم اذا صح فعلاً فقد لا يشكل شبهة قانونية ضد الحاكم، بقدر ما يحمله مسؤولية أخلاقية خصوصاً اذا قام بالتحويل خلال الازمة الاقتصادية والمالية التي مرّ بها لبنان لأن هذا العمل يعطي انطباعاً سيئاً جداً خصوصاً اذا قامت به الجهة المخولة الحفاظ على النقد.
في أي حال، تبقى الروايات كثيرة والاشاعات اكثر في وقت يتمسك الحاكم بأنه لم يقم بأي عمل مخالف للقانون وانه قادر على الدفاع عن نفسه في وجه الحملات التي استهدفته والتي ارادت ان تحمله مسؤولية كل من الانهيار المالي الحالي واختفاء الودائع وتغطية الصفقات والسرقات المنظمة التي حصلت في لبنان، يندرج ضمن حملة سياسية إعلامية مركزة بهدف اقالته واستبداله بشخصية جديدة تنسف الهندسات المالية القائمة منذ سنوات طويلة، على الصعيد المالي، وتكون قريبة من الحكم ولا تنفذ الطلبات الأميركية بشكل تلقائي، على الصعيد السياسي.
وقالت أوساط متابعة إن بعض المصارف التي لن تتمكن من تنفيذ التعميم رقم 154 الذي يفرض سلسلة من الشروط على المصارف، دخلت على خط الحملة من خلف الكواليس، لأنها فشلت في زيادة رأس مالها بنسبة 20% وفي إعادة جزء من الأموال المحولة الى الخارج، وفي إعادة تكوين نسبة 3% في حساباتها لدى المصارف المرسلة.
وختمت الأوساط كلامها بالتشديد على ان أحدا لا يعترض على إعادة الأموال المنهوبة والمسروقة لكن تصفية الحسابات، واستخدام الازمة الحالية في لبنان لاستبدال حاكم المصرف، او لتغيير السياسات المالية بالقوة ومن دون تفاهم مسبق، لن تعيد ليرة واحدة لأي مودع، بل ستعرض كل القطاع المصرفي للاهتزاز الشديد. ونبهت الى ان الوضع الاقتصادي في حال انكماش كبير، وسيستمر بالتأكيد خلال العام 2021، لافتة الى أن أي ضربة إضافية للقطاع المصرفي ستكون نتائجها كارثية!