تضم حكومة الرئيس تمام سلام وجوهاً قانونية على غرار نقيب المحامين السابق رمزي جريج الذي عين وزيراً للإعلام على عكس ما كان ينتظر بأن يكون وزيراً للعدل، لكن المعادلات السياسية حكمت في النهاية بهذا الخيار، في وقت كان أيضاً من حصة حزب الكتائب رغم أنه مستقل. فماذا يقول الوزير جريج بهذا الخصوص وكيف يفكر في إدارة وزارة الإعلام، وما هي نظرته الدستورية للتباين الحاصل حول تفسير بعض المواد الدستورية، لاسيما ما يتعلق بمهلة الثلاثين يوماً المعطاة لإنجاز البيان الوزاري، وإلا تصبح الحكومة في حكم المستقيلة كما يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري. <الأفكار> التقت الوزير جريج داخل مكتبه في الصنائع وحاورته في هذا الخضم بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي، فكان صريحاً وواضحاً ولخص نظرته السياسية والدستورية الى العناوين المطروحة بشفافية لامتناهية. سألناه بداية: ــ بداية نشكر لكم حضوركم حفل تكريم رئيس التحرير الأستاذ وليد عوض في <دار الندوة> ونسألكم إذا كنت مرتاحاً لما قيل من كلمات؟ - هذا واجبي، كنت مرتاحاً جداً، خاصة وأن الكلمات راقية والاحتفال مميز.. ــ نسألك أيضاً: الناس محتارون في انتمائك السياسي بعدما حسبت كوزير في خانة حزب الكتائب. فما هو موقع الوزير جريج السياسي ومن هو؟ - أنا رمزي جريج، وأنا مستقل ولم أنتمِ في كل حياتي الى أي حزب سياسي، والرئيس أمين الجميل الذي تربطني به صداقة وزمالة أيضاً، لأنه محامٍ ويستشيرني في بعض القضايا طرح اسمي للتوزير، ولما حسبت ضمن حصة حزب الكتائب، فأنا بهذا المعنى متضامن مع وزراء الكتائب، خاصة وأن الرئيس الجميل في قوى 14 آذار وأنا لدي ميل الى قوى 14 آذار، علماً أن هناك أكثر من شخص طرح اسمي غير الرئيس الجميل طبعاً، ومنهم الرئيس سعد الحريري عبر نائب رئيس المجلس فريد مكاري، وهو ابن منطقتي وصديقي وقد طرحا تبني ترشيحي. ولكن في النهاية حسبت كمرشح ضمن حصة حزب الكتائب. ــ ورد اسمك بداية كوزير للعدل، فما الذي بدل ذلك وتسلمت الإعلام؟ - لست مستاء من كوني وزيراً للإعلام لأنني أعتبر هذه الوزارة مهمة، وأنا في الماضي كمحام ونقيب للمحامين، كنت دائماً أدافع عن الحريات الاعلامية، والآن في موقعي كوزير للإعلام، سأواصل دفاعي عن الحريات الإعلامية ضمن الضوابط القانونية، لأنني مع حرية مسؤولة، وبالتالي لست مستاء من كوني في هذه الوزارة، وقد يظن كثيرون أن موقعي الطبيعي هو في وزارة العدل، على اعتبار أنني محامٍ منذ أكثر من 50 سنة، ونقيب سابق للمحامين، وكنت أسمع أن اسمي مطروح لوزارة العدل، ولكن في النهاية، حصل تغيير نتيجة رفض اعطاء وزارة الداخلية للواء أشرف ريفي وجرى توافق بأن يعطى وزارة العدل. فهذا هو السبب. ومع هذا أعتبر أن وجود اللواء ريفي على رأس وزارة العدل وفي الظروف التي نعيشها مسألة جيدة ومكسب وطني، وأعتمد هنا على التنسيق بين وزارة العدل والداخلية والدفاع والاتصالات لتشكل مربعاً أمنياً يواجه الإرهاب ويزرع الطمأنينة في نفوس اللبنانيين. ــ كثيرون لا يعرفون عن طفولتك وشبابك شيئاً. فهل عشت وتعلمت في الكورة؟ - درست في بيروت وبعدها في مدرسة <الجمهور> بعدما جاء والدي القاضي خليل جريج الى بيروت من الكورة، ولم أعش هناك، بل كنت أتردد الى الكورة ولديّ الآن بيت في كوسبا. وكان والدي رئيس محكمة التمييز ورئيس معهد الدروس القضائية، إذ تعلمت في بيروت، وعندما نقلت اليسوعية الى الجمهور، أكملت هناك حتى الفلسفة ومن ثم درست الحقوق في اليسوعية. ــ من تذكر من أساتذتك؟ - في الجمهور، هناك أساتذة عديدون، وفي اللغة العربية كان من أساتذتي قبلان مكرزل ولويس أبو شرف، وفي الفلسفة الاب يوحنا قمير، أما في الادب فمن تأثرت به خاصة في اللغة الفرنسية، فكان الأب <دي روز> وهو ترك تأثيره على أجيال من الطلاب. وفي الحقوق، فقد ترك <فيليب اردان> أثراً في نفسي وقد علم القانون الإداري والدستوري وبقيت العلاقة معه بعدما ترأس معهد العالم العربي في فرنسا وتوفي منذ سنتين، إضافة الى غيره من الأساتذة الذين يصعب تعدادهم. ــ كون الوالد من أهل التشريع، هل حكم بتوجهك نحو القانون؟ - ربما ساعدني هذا الأمر رغم أنني ترددت بين الأدب والفلسفة، لكن في النهاية وجدت أن الحقوق تنطوي على ثقافة عامة، خصوصاً في مواد القانون العام مثل القانون الدستوري والقانون الإداري وتاريخ الأفكار السياسية، فكل هذه المواد جعلتني لا أنزعج من دراسة الحقوق. حق الوطن بالمقاومة ــ طالما أنك حقوقي وتشريعي ودستوري، فقد طرح الوزير جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب معادلة جديدة حول المقاومة لاقت ترحيباً من باقي الوزراء الذين ثبتوها في بيانهم الختامي. فكيف كانت ردة فعلك عندما سمعته؟ - حق الوطن بمقاومة الاحتلال هو حق طبيعي والوطن يشمل الدولة والشعب، وفي الوقت ذاته هو حق معترف به في المواثيق الدولة بدءاً من شرعة حقوق الانسان وسائر المواثيق والمقررات التي أعدتها الامم المتحدة، وبالتالي عندما نتكلم عن حق الوطن بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، نتكلم عن حق شرعي. ــ هل ترى أن هذه المعادلة تنقذ البيان الوزاري وتكون بديلاً لثلاثية <الجيش، الشعب والمقاومة> بعدما أصبح الموضوع في عهدة مجلس الوزراء؟ - ممكن، لأننا إذا ذكرنا بالنسبة لإعلان بعبدا مقررات هيئة الحوار الوطني التي اجتمعت في بعبدا وكرست اعلان بعبدا، فهذا كاف طالما يشير الى مقررات هيئة الحوار الوطني، وبالتالي فالموضوع يشمل إعلان بعبدا، وأعتقد أن لجنة الصياغة وصلت الى اتفاق حوله، لكن بالنسبة لبند المقاومة فأعتقد أن الاشارة الى الحق المستمد من القانون الدولي ومن المواثيق الدولية يفي بالغرض ويحدد ماهية المقاومة التي يحق للبنان تبنيها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. حالات استقالة الحكومة ــ هنا نسألك: ماذا يحصل طالما أصبح الأمر في عهدة مجلس الوزراء؟ - مجلس الوزراء يتبنى بالتوافق الصيغة الأفضل لأن هذه الحكومة توافقية،وإذا اعتمد التصويت فيمكن أن يكون مخرجاً بالنسبة للأطراف المتمسكة ببعض الصيغ اللغوية، لكن آمل ألا يصل الى التصويت وتتم الموافقة على صيغة توافقية. ــ تقول إن مهلة الثلاثين يوماً المعطاة لإنجاز البيان الوزاري هي مهلة حث وليست مهلة إسقاط ولا تعتبر الحكومة في حكم المستقيلة، فما هي أسسك الدستورية لتقول ذلك؟ - هناك تصريحات صادرة عن بعض المرجعيات المهمة التي احترمها بهذا الخصوص، ولكن رأيي هو أن مهلة الثلاثين يوماً هي مهلة حث أو حض وليست مهلة إسقاط، لأن الدستور لم ينص على جزاء لتجاوز هذه المهلة. وهناك مبدأ يقول إنه عندما لا ينص على النتائج المترتبة على عدم القيام بعمل معين ضمن المدة المحددة، فلا يمكن استنباط نتائج غير ملحوظة في النص. ومن ثم هناك حجة أخرى أهم وهي قاطعة حسب نظري مفادها أن المادة التي حددت أسباب استقالة الحكومة وهي ست حالات لم تلحظ حالة عدم قبول الحكومة أمام المجلس النيابي إذا لم تنجز بيانها الوزاري. والحالات الأخرى الست للاستقالة هي استقالة رئيسها وفقدان الحكومة أكثر من ثلث اعضائها، أو وفاة الرئيس، أو بداية ولاية جديدة لرئيس الجمهورية وبداية ولاية جديدة للمجس النيابي، ونزع الثقة عنها، وبالتالي لم يلحظ الدستور عدم مثول الحكومة أمام المجلس. ــ يقال طالما أن الأمر مجرد حث، لماذا حدّد مهلة الثلاثين يوماً إذن، في حين أنه لم يحدد مهلة لتشكيل الحكومة بعد التكليف وتركها مفتوحة؟ - عندما أقول حث، فحكماً الحث لا يكون إلا إذا كانت هناك مهلة، وبالتالي أنت تتحدث عن عدم وجود مهلة عندما يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لتأليف الحكومة، وبالتالي لا نستطيع الكلام هنا عن حث طالما لا توجد مهلة، ولكن طالما هناك مهلة فهي تكون إما مسقطة في حال بين المشترع ما هي نتائج تجاوزها وتكون مهلة حث عندما لا يجد المشترع عواقب تجاوزها. وهنا فالمشترع لم يحدد عواقب تجاوز مهلة البيان الوزاري، وبالتالي لا يمكن أن نستنبط أن يؤدي ذلك الى استقالة الحكومة، طالما أن الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، وهي ست حالات لم تتضمنها حالة انقضاء مهلة الثلاثين يوماً على عدم إنجاز البيان الوزاري. وهناك الكثير من الأمثلة بهذا الخصوص في أصول المحاكمات المدنية لمهل تكون مهل حث، خاصة بالنسبة لمهل تقديم اللوائح أو لمهل إصدار الحكم، وبالتالي كل هذه المهل في أصول قانون المحاكمات المدنية لا تتضمن سقوط الحق بعدم التقدم بالمراجعة أو اللوائح. ــ من يحسم إذن هذا الخلاف طالما أن رئيس المجلس نبيه بري يقول إنها مهلة إسقاط وتعتبر الحكومة مستقيلة آنذاك؟ - الرئيس بري يتكلم كرجل قانون ورأيه محترم إجمالاً كرئيس كتلة سياسية كبيرة، لكن ليس هو من يفسر أحكام الدستور، وقد أعطي حق تفسير الدستور في وثيقة مشروع الوفاق الوطني في اتفاق الطائف الى المجلس الدستوري، لكن عند عودة النواب الى لبنان وتصويتهم على التعديلات الدستورية عام 1990 لم يأخذوا بهذا الاقتراح ولم يعطَ المجلس الدستوري حق تفسير الدستور، وبالتالي في غياب هذا الحق من قبل المجلس الدستوري، أصبح من حق المجلس النيابي أن يفسر الدستور، لكن حسب رأيي لا يمكن له أن يفسر الدستور إلا بالأكثرية والنصاب المطلوبين لتعديل الدستور، أي بأغلبية الثلثين لأنه لا يجوز عن طريق تفسير الدستور تعديل أحكامه، خاصة وأن التفسير أحياناً يتضمن ربما تعديلاً لأحكام الدستور، بمعنى إذا كنا نريد تفسير هذه المواد الدستورية، فنحتاج الى نصاب وأكثرية مطلوبين في تعديل الدستور. ــ في هذه الحالة ما الواجب عمله للخروج من المأزق؟ - إذا انقضت المهلة لا سمح الله، ولم تمثل الحكومة أمام مجلس النواب، فالرئيس بري لديه تفسير بأن الرئيس سليمان يستطيع أن يلغي تكليف الرئيس سلام، ولكن في رأيي لا يمكن أن يحصل هذا لأننا لم نعد في إطار التكليف بل صدرت مراسيم التأليف لحكومة قائمة ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يعمد الى إجراء استشارات جديدة بعدما صدرت مراسيم التأليف والحل في هكذا حالة أن يتقدم الرئيس تمام سلام باستقالته.. ــ يقول الوزير السابق سليم جريصاتي إن الحكومة إذا لم تأخذ ثقة المجلس لا يمكن أن تكون حكومة تصريف اعمال. فهل هذا دستوري؟ - مع احترامي لرأي الأستاذ سليم جريصاتي، فالحكومة ولدت يوم تأليفها، وخلافاً لأكثر دساتير العالم، ففي لبنان تكون الحكومة عند تأليفها ولغاية نيلها الثقة حكومة تصريف أعمال، في حين أن الدساتير الأخرى تعطي الحق للحكومة بأن تمارس كل الصلاحيات، وتأتي الثقة لتكريس وجودها. لكن في الطائف فالنواب الذين صاغوا هذا الاتفاق اعتمدوا الى حد كبير النظام المجلسي وأعطوا صلاحيات كبيرة للمجلس النيابي بحيث لم يشاؤوا أن يمنحوا الحكومة المؤلفة والموجودة بشكل دستوري جميع الصلاحيات قبل أن تنال الثقة، وبالتالي فالحكومة الحالية تصرف الأعمال لغاية نيلها الثقة وإذا لم تحصل عليها، تعتبر مستقيلة وتتابع تصريف الأعمال. حدود الحريات الصحافية ــ تشكو الصحافة من إحالتها على القضاء رغم إلغاء التوقيف الاحتياطي على يد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكن الشكوى تتجدد من هذا الموضوع. فأين أنتم من ذلك لاسيما وأن وزير الإعلام من المفترض أن يكون محامي الصحافيين لأنه ايضاً محامي الرأي العام؟ - أنا محامي الصحافة ومحامي الرأي العام ومع الحريات الإعلامية ومع تكريس عدم جواز توقيف الصحافي بالجرائم الملحوظة في قانون المطبوعات، إنما أقول إن الحرية مطلقة ولا يحدها إلا أحكام القانون، وبالتالي فلا تعارض بين الحرية والمسؤولية. فأنا مع حرية مسؤولة ولا أحد في لبنان فوق القانون، لا القاضي ولا السياسي والرجل العادي والصحافي كذلك. وبالطبع أنا مع حرية النقد والانتقاد ورأيت الصحافة في دول العالم تكشف الفضائح ومكامن الفساد. وإذا عدنا الى الوراء، نجد أن مقالاً كتبه <اميل زولا> دفع لتبرئة السياسي <دريفوس> من تهمة كانت موجهة اليه وكان موجوداً في المنفى. والصحافة كشفت عن فساد وزراء في فرنسا بدءاً من الوزيرين <باريس كريسيان بلان> و<آلان جوبانريه>، و<اريك فويرن> الذي كتبت عنه الصحيفة الالكترونية <ميديا بارت>، مما اضطرهم الى الاستقالة. وكذلك فضحت <ميديا بارت> وزير الموازنة في عهد <فرانسوا هولاند> وهو <جيروم كازاك> لأنه كان يملك حساباً في سويسرا وأنكر ذلك. ولما تكاثرت الدلائل ضده استقال واعترف أمام قاضي التحقيق بما فعل. فكل هذا يبين دور الصحافة في كشف الفضائح وإحقاق الحق. أما في لبنان، فالصحافة كثيراً ما تكشف الفضائح وتتعرض لمكامن الفساد. ــ ماذا عن انتقاد رئاسة الجمهورية كما حصل مع جريدة <الأخبار>؟ - هناك فارق بين الذم والقدح، فالذم هو نسبة شيء الى شخص ينال من شرفه، أما القدح فهو الانتقاد والتشهير دون نسبة شيء معين. وبالنسبة لجريمة القدح والذم فتلزمها شكوى من المتضرر حتى يتحرك الحق العام. أما في ما يتعلق برئيس الجمهورية أو برئيس دولة أجنبية بغية حماية علاقات لبنان بالدول الاجنبية، فالحق العام يتحرك من تلقاء نفسه. وأحياناً يستنسب وزير العدل أن يطلب من النيابة النظر فيما إذا كان يجب التحرك من أجل الحفاظ على كرامة رئيس الجمهورية. وفي موضوع مقالة جريدة <الأخبار»، تحرك الحق العام بعدما طلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي من النائب العام التحرك من أجل ملاحقة هذه الجريدة. وهنا ليست مهمتي كوزير للإعلام أن أطلب ملاحقة أي جريدة، بل أستطيع أن أعطي رأيي في أي مقال كقارئ عادي. وعندما سئلت عن الموضوع قلت صراحة إن هذا ليس من مهامي، لكن سئلت عما إذا كان هناك تحقير لرئيس الجمهورية، فقلت نعم إن التحقير حصل وأيدتني في ذلك جريدة <الأخبار> نفسها التي قالت في مقال ثانٍ: <نعم نحن نحقّر>. وتابع يقول: - هناك رأي في فرنسا يتحدث عن الحق في التحقير، لكن هذا اجتهاد فريد وحددت له أربعة شروط: أولاً أن يكون هدف المقال الخدمة العامة، وثانياً ألا تكون هناك خصومة شخصية بين كاتب المقال والشخص الذي يتناوله، وثالثاً أن يكون الكلام والإنشاء معتدلين، ورابعاً أن تكون الكتابة ذات مستوى، وفي هذه الحالة يعفى الكاتب من العقاب، لكن في لبنان لم يحصل أي تبنٍ لهذا الاجتهاد، ويحكى أن هناك اصلاحات في قانون المطبوعات، وأنا مستعد للتجاوب مع طلبات الصحافيين من أجل إعادة النظر ببعض أحكام قانون المطبوعات، بغية إعطاء حرية أكبر للصحافة، ولكن طالما أن القانون ساري المفعول، لا بد من احترامه. وأستطرد هنا لأقول إن الصحافة والقضاء متكاملان، وضمانة الصحافة في القضاء لأن الصحافة قد تتعرض الى ملاحقات غير محقة أو تتعرض لضغوط أو تهديدات، ومن يضمن حريتها هو القضاء. ولذلك أدعو الى التعاون بين القضاء والاعلام من اجل الوصول الى تنسيق فعلي. ولقد قرأت مقالة كتبها ابراهيم الامين موجهة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى ورأيت فيها بعض الإيجابيات، وكذلك شعرت من خلال اتصالي برئيس مجلس القضاء الأعلى أنه مستعد للحوار مع الإعلاميين من أجل صيانة القضاء وحفظ منعته وهيبته، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الحريات العامة. ــ يعني إذا اعتذر الزميل ابراهيم الأمين من الرئيس ميشال سليمان تستقيم الامور؟ - المسألة ليست مسألة اعتذار، وأنا لست مدعواً لإيجاد صيغ لهذا الموضوع، ولا أعرف كيف تتصرف النيابة العامة. ــ عام 1974 زج بالراحل غسان تويني في السجن بتهمة سرقة مسودة مقررات القمة العربية في الجزائر من باب الإساءة لرئيس الجمهورية وتصويره أنه غير مؤتمن على المقررات، فتدخل الشيخ بيار الجميل وزار تويني في السجن وقال له بأن هناك ثلاث محرمات لا يجب التعرض لها وهي: رئاسة الجمهورية، قيادة الجيش وبكركي. فكيف تقرأ هذه المعادلة؟ - هذا موقف ينسجم مع موقف حزب الكتائب الذي كان يدعم رئاسة الجمهورية والبطريرك، لكن بالنسبة لقيادة الجيش لا أعرف ما اذا كان هذا الكلام المنسوب للشيخ بيار الجميل صحيحاً، لكن إذا صدر عنه فعلى اعتبار ان الجيش هو رمز الدفاع عن الوطن وينبغي ألا يتعرض لانتقاد من شأنه ان يقلل من هيبته. فالشيخ بيار الجميل سبق وعوّدنا على المواقف المتقدمة لجهة عدم التعرض للمرجعيات. ــ هل تفقدت تلفزيون <لبنان> وهل من خطة لتأهيله؟ - صحيح لقد زرته وجلت في أرجائه، وتفقدت كل أقسامه وسمعت شرحاً مفصلاً عن مشاكله. وهنا اعتبر أن تلفزيون <لبنان> درة الاعلام في ماضيه ومستقبله المرجو وإن لم يكن كذلك في حاضره، آملاً أن يرى مستقبلاً أفضل بفضل جهود القيمين عليه، حيث لا بد من تأكيد دوره كتلفزيون ينطق بالحقيقة باعتدال وموضوعية ويعمل على تنظيم برامج ثقافية وأدبية موجهة لرواد الثقافة والأدب الى جانب إمكان تنظيم برامج ترفيهية للطلاب من شأنها تثقيفهم وزيادة معرفتهم مع الحفاظ على أرشيفه الذي يعتبر ثروة وطنية. ــ وماذا عن تعيين مجلس إدارة جديد؟ - بعد نيل الحكومة الثقة، لا بد من البحث في تعيين مجلس إدارة جديد للتلفزيون والعمل على إيجاد السبل لتمويله، لأنه يحتاج الى الدعم ليتمكن من تأدية دوره كإعلام عام يتوجه الى عموم اللبنانيين مهما كانت آراؤهم وميولهم بأسلوب موضوعي تغلب فيه لغة الحوار على لغة التقاتل والتحريض. ــ ماذا يعني لقب الوزير للنقيب رمزي جريج؟ - في الواقع اللقب لا يعني لي شيئاً، وأنا أفضل لقب <نقيب> على لقب <معالي>، لكن مهمتي كوزير تعني شيئاً كبيراً جداً، وهي مسؤولية آمل أن أكون على مستواها. فالوزارة سيكون عمرها 3 أشهر وأنا لن أكتفي بلقب وزير، بل سأحاول أن أساعد زملائي الوزراء على بداية الخروج من الازمة. ــ هناك وزراء سابقون وافقوا على إلغاء وزارة الإعلام واستبدالها بمجلس أعلى للصحافة. فأين أنت من هذا الطرح؟ - أنا واحد منهم، لكن ليس بالضرورة تشكيل مجلس أعلى للصحافة، ففي فرنسا هناك وزير ناطق باسم الحكومة يقوم به حالياً وزير الاعلام عادة، وهناك هيئة للمرئي والمسموع لديها صلاحيات وليست كحال المجلس الوطني للاعلام عندنا ودوره الاستشاري فقط. وإذا كان المقصود بوزارة الإعلام مراقبة الاعلام، فأنا مع إلغائها، وإذا كان المقصود فيها الاهتمام بالإعلام ورعاية شؤونه وإعطائه المزيد من الحرية، فأنا مستعد لأن أكون في هذه الوزارة.