ما من حدث في المنطقة يطغى على أحداث غزة التي تعتبر مذبحة اسرائيلية كاملة تحتم على المحكمة الجنائية الدولية استدعاء رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتانياهو> كمجرم حرب كما تم استدعاء <رادوفان كراديتش> بطل مذبحة <سيريبرينيكا> في البوسنة والهرسك.
وبرغم انتقال وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> وأمين عام الأمم المتحدة <بان كي مون> الى المنطقة للعب دور الاطفائي، فإن <نتانياهو> سادر في غيه وبطشه، مستخدماً سلاح الطيران ومدافع الدبابات ضد النساء والأطفال في محاولة اشعال نقمة الأهالي على حركة <حماس> بعدما رفضت المبادرة المصرية بحجة انها توقف اطلاق النار ولا توقف الحصار الاسرائيلي المضروب حول قطاع غزة، وكأنها تريد تحويل هذا القطاع الى سجن لملايين البشر!
ولأن حريق غزة الكبير هم عربي كبير، فقد توجه الى جدة لمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كل من ملك المغرب محمد السادس، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكلاهما معنيان بالملف الفلسطيني: الملك محمد السادس بوصفه رئيساً للجنة القدس، وأمير قطر بوصفه صديقاً مقرباً من حركة <حماس> وفي العاصمة القطرية يقيم رئيس المكتب السياسي لحركة <حماس> خالد مشعل. وقد تلاقى الجميع حول أهمية المبادرة المصرية لوقف القتال في قطاع غزة، ورد الغارات الاسرائيلية الوحشية عن الفلسطينيين بعدما وصل عدد شهدائهم الى أكثر من 650 شهيداً.
المبادرة المصرية أولاً
والى القاهرة توجه وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> والأمين العام للأمم المتحدة <بان كي مون> في محاولة للعب دور الاطفائي لهذا الحريق الكبير في غزة، وقد اعترف الوزير <كيري> بعد لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داخل قصر الاتحادية في مصر الجديدة بأن الأمور ما زالت معلقة وان الجهود لوقف الحرب في غزة تراوح مكانها. وقال: <أنا هنا لدعم المبادرة المصرية الخاصة بغزة والوصول الى حل بناء على تعليمات الرئيس الأميركي <باراك أوباما>.
وفي مؤتمره الصحفي المشترك مع وزير الخارجية المصــــري ســـــامح شــــكري، رفض <كيري> تلقي الأســـــئلة مـــن الصحــــافيين، ولكنــــه أثنـــــى على الدور المصـــــري في دعــــم الديموقراطية، وعلى دعم الشعب المصري للرئيس السيسي، وسعيه لوقف اطلاق النار وتحقيق التهدئة في غزة، كما قدم التعازي الى الشعب المصري وعائلات الجنود الذين قتلوا في الصحراء الغربية، وقال بالحرف:
<كنت على اتصال دائم بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي <بنيامين نتانياهو> وآخرين للوصول الى حل لأزمة غزة، ورأينا حركة <حماس> تواصل على مدى أسبوعين ضرب اسرائيل بالصواريخ واحداً تلو الآخر، وتخطف الاسرائيليين من خلال شبكة الأنفاق المعقدة، ولذا قررت واشنطن دعم حق اسرائيل(!!) في الرد على هجوم <حماس>، وهذا حقها كأي دولة تحمي مواطنيها، والمدنيون هم العالقون في هذه الأزمة وهم الخاسرون..>.
وأضاف <كيري>:
والمفارقة في زيارة <كيري> للقصر الجمهوري المصري ان وزير الخارجية الأميركي وأفراد طاقم مرافقيه قد أخضعوا للتفتيش لدى الاستعداد لدخولهم الى قاعة الرئيس السيسي، وان أحد أعضاء الوفد الأميركي طلب إليه افراغ جيوبه، فيما تم تفتيش الآخرين عبر جهاز كشف المعادن. <إن التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ليس كافياً، وتجب معالجة كل القضايا الكامنة وراء هذا النزاع، من خلال عقد اجتماعات واجراء نقاشات بنّاءة، والولايات المتحدة ترى ان المبادرة المصرية هي الإطار لأي اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة وايجاد حل للأزمة، وأدعو <حماس> الى الدخول في نقاشات مع الفصائل الفلسطينية كافة لسرعة الوصول الى حل>.
وقال العربي بعد لقائه <كيري> ان الهدنة الانسانية لن تكون 4 أو 5 ساعات، بل ستكون أطول لأن الحالة سيئة جداً، كما أبلغ الوزير الأميركي ان المبادرة المصرية تشمل كل شيء ومن الممكن البناء عليها عندما تتم المحادثــــات بشأنهـــــا، وان ما حدث في مجلس الأمن من مناقشات بشأن غزة غير كاف لتحقيق وقف اطلاق النار. ولكن ماذا عن زيارة <بان كي مون>؟ لقد أعلن الدكتور نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية بعد لقائه أمين عام هيئة الأمم ان الأخير يعمل الآن من أجل التوصل الى هدنة انسانية طويلة، من أجل اخلاء الجرحى والمصابين من قطاع غزة بالنظر للأوضاع المأساوية في هذا القطاع.
معبر رفح والرقابة القطرية
وفي المعلومات الآتية الى <الأفكار> من القاهرة ان معبر رفح يعمل بشكل مستمر منذ بداية العمليات العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة، تسهيلاً لاستقبال الجرحى والحالات الانسانية ونقل المساعدات الغذائية والدوائية، وان عدد المواطنين الفلسطينيين الذين عبروا من غزة الى مصر منذ فتح المعبر وحتى يوم الأربعاء أمس الأول بلغ حوالى 2230 فلسطينياً، في حين بلغ عدد الذين عبروا من مصر الى غزة في الفترة نفسها حوالى 1194 فلسطينياً، كما تم نقل 466 طناً من المساعدات الغذائية وحوالى 53 طناً من الأدوية والمواد الطبية واحتياجات الأطفال.
وقال مصدر مصري مسؤول إن معبر رفح استقبل الجرحى والمصابين الفلسطينيين من جراء الاعتداءات الاسرائيلية وتم توزيعهم على المستشفيات المصرية لتلقي العلاج، وان الجهات الوطنية المصرية المعنية اتفقت على عدة قواعد منظمة لآلية دخول قوافل الاغاثة والمساعدات الى قطاع غزة من خلال معبر رفح البري في المرحلة الحالية، ومن هذه القواعد اعطاء عدد من التسهيلات مثل اعفاء كافة المساعدات من الجمارك والضرائب، اضافة الى السماح لعدد من أعضاء القوافل الانسانية بمرافقة تلك المساعدات أثناء عبورها الى قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبحسب القوانين الدولية يتعين على السلطات الاسرائيلية فتح المعابر وتسهيل عبور الأشخاص ووصول المواد الأساسية الى سكان غزة لأن ذلك يمثل التزاماً قانونياً تفرضه قواعد القانون الدولي، وهناك ستة معابر تربط اسرائيل بقطاع غزة، وهي معابر <أريز> و<نحال عوز> و<كارني> و<كيسوفيم> و<صوفا> و<كرم أبو سالم>.
ومما تطالب به حركة <حماس> وترفضه السلطات المصرية ان يكون هناك مركز لدولة قطر عند معبر رفح لمعاينة الدخول والخروج وتسهيل نقل المساعدات. أما الرفض المصري فناشئ من أن معبر رفح يقع على أرض مصريـــــة ذات ســـــيادة، ولا يجــــوز لأي طرف آخر، حتى لو كان عربيــــاً، أن يتـــــولى مهمـــــة مراقبة العبور عند معبر <رفح>!