الجميّل يسعى الى جمع أصوات تجعله «مرشحاً وفاقياً » لكن أوان تنازلات «الأقوياء » لم يحن بعد!
لا يبالغ رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل في التفاؤل بأن التحرّك السياسي الذي بدأه يمكن أن يحقق نتائج إيجابية سريعة تطوي ملف الاستحقاق الرئاسي وتجعل الرئيس الثالث عشر للجمهورية يحلّ في قصر بعبدا خلفاً للرئيس ميشال سليمان الذي يمضي أسبوعه الأخير في القصر الرئاسي.. لذلك أطلق الرئيس الجميل على حراكه السياسي عنواناً كبيراً هو <إنقاذ الجمهورية> لأنه يدرك أن هذا الشعار يمكن <تحميله> الكثير من الآمال والأماني والوعود.. واللقاءات، من دون أن يؤدي عملياً الى نتيجة سريعة وفاعلة.. ولعل النتيجة الأولى - والتي قد تبقى الوحيدة - التي سجلت لرئيس الكتائب، أنه استطاع تحريك <المياه الرئاسية الراكدة> خلال الأسبوعين الماضيين في ظل استنكاف فريقي 8 و14 آذار عن القيام بأي خطوة تسهّل انعقاد مجلس النواب دون أن يعني ذلك حكماً انتخاب الرئيس العتيد..
قد لا يكون الرئيس الجميل <يطمح> للحصول على <كارت بلانش> من أفرقاء الصراع السياسي الذين زارهم تباعاً في معراب والرابية وبنشعي وغيرها من المناطق، أو الذين استقبلهم في دارته في بكفيا بعيداً عن الإعلام وأبرزهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، إلا أن الأكيد أن «طموح» رئيس الكتائب في أن يلعب دوراً <وفاقياً> يكرّس انفتاحه على جميع الأطراف، هو طموح مشروع، لاسيما وأنه تميز عن غيره من أقطاب 14 آذار خلال الأعوام الماضية بكثير من المحطات والمبادرات السياسية والاجتماعية التي كوّنت له رصيداً يأمل أن يستعمله في حراكه السياسي المتجدد على أمل أن يحقق ثغرة في جدار الاستحقاق الرئاسي يأمل أن ينفذ منها ليعود الى قصر بعبدا راضياً مرضياً، بعدما غادره قبل 26 عاماً من دون أن يسلّم الأمانة الى رئيس منتخب، فوضعها في عهدة حكومة عسكرية ترأسها في حينه العماد ميشال عون الذي شاء القدر أن <ينافس> - ولو من دون إعلان صريح وواضح - الرئيس الجميل على قصر بعبدا..
يطمح أن يكون <وفاقياً>
تقول مصادر كتائبية مواكبة لتحرك <الشيخ أمين> أن ما قصده من الاتصالات التي قام بها خلال الأسبوعين الماضيين <تحطيم> الدوائر المقفلة على الحوار بين طرفي المواجهة والتي عطّلت إمكانية البحث عن مرشح يحظى بالنصاب الدستوري (86 نائباً) قبل الأكثرية المطلقة (65 نائباً)، وهو استطاع من خلال اللقاءات التي عقدها أن يدرك حجم المخاطر التي تحيط بالحياة الديموقراطية في البلاد، إذا ما استمرّ الاستحقاق الرئاسي معطلاً، ما يستوجب مبادرة سريعة لم يذكر الجميل في لقاءاته ماهيتها، إلا أن المصادر الكتائبية لا ترى مستغرباً أن يحظى الرئيس الجميل بتأييد كتل نيابية تحوله <رئيساً توافقياً> يتأمن نصاب انتخابه للخروج من <النفق> الذي دخلت فيه البلاد نتيجة مواقف القيادات السياسية، إلا أن مهمته - وفقاً للمصادر نفسها - ليست سهلة وهي محفوفة بالمخاطر من جهة وبألغام المرشحين الرئاسيين من جهة ثانية، وهو إذا نجح في تعطيل لغم ما، قد لا ينجح في تعطيل آخر، لاسيما وأن تحركاً آخر يتم بموازاة تحرك الجميل الأب، هو تحرك النائب سامي الجميل الذي التقى خلال أسبوع واحد قيادات في تيار <المستقبل>، ووزير التربية الياس بو صعب الذي يتولى هو الآخر مهمة التسويق لرئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون الذي لم يعلن تشريحه بعد في انتظار <موقف ما> من زعيم تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري.
وفي رأي مصادر معينة، ان الجميل الأب لم يحصل على جواب واضح من رئيس القوات اللبنانية المرشح الدكتور سمير جعجع يوحي بإمكانية انسحابه من المعركة الرئاسية ليصبح الرئيس الجميل <المرشح المدعوم من 14 آذار>، والمرشح المقبول من معظم مكوّنات 8 آذار، لأن مثل هذا الأمر مرتبط بـ<اقتناع> قوى 14 آذار بضرورة <إقناع> الدكتور جعجع بالانسحاب، وهو أمر لا يزال بعيد المنال، ولعل ما قاله <الحكيم> في بكركي غداة اجتماعه بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من استعداده للانسحاب إذا اتفقت قوى 14 آذار على غيره وتوافرت لهذا <الغير> مقومات النجاح في الاقتراع السري، يعكس صورة واقعية حول استمرار <عدم الاتفاق> بن مكونات 14 آذار على مرشح واحد غير جعجع الذي أدى قسطه للعلى ونال 48 صوتاً، لن يكون من السهل زيادة أي صوت إضافي عليها.. هذا إذا لم ينقص العدد بحكم ظاهرة <التناقص> في حضور نواب ثورة الأرز الجلسات الانتخابية المتتالية.
لا تنازلات واضحة بعد
أما مع العماد عون فهناك جهد يُبذل وهو لن يصل حتماً الى حد تنازل عون لمصلحة الجميل الأب، وإن كان ثمة من يعتقد أن العكس يمكن أن يحصل فيجيّر الرئيس الجميل أصوات نواب كتلة حزبه لصالح عون، عندما تحين الساعة ويصبح <الجنرال> في وضع <المرشح التوافقي> بامتياز. صحيح أن الجميل وعون التقيا على وصف لقائهما بـ<الإيجابي>، لكن هذه <الإيجابية> لن تصل الى حد قبول الرابية بعودة الرئاسة الى بكفيا أو العكس، طالما أن خطوط الاتصالات لا تزال مفتوحة وفي بداياتها، رغم قرب انتهاء ولاية الرئيس سليمان يوم 25 أيار/ مايو المقبل. من هنا، فإن المصادر المتابعة تعتقد أن حراك الرئيس الجميل سيستمر في الآتي من الأيام انطلاقاً من كلام كان قد سمعه من النائب جنبلاط خلال العشاء في بكفيا، من أن فرص انتخابه ممكنة إذا تنازل جعجع عن المضي في المعركة، وإذا رضي عون بأن يكون ناخباً أساسياً، وليس رئيساً عند ذاك أوحى حديث جنبلاط للرئيس الجميل بأنه قد يمنحه أصوات جبهة النضال الوطني مع إمكانية حصول <تمرّد> محدود من قبل أحد الأعضاء (إشارة ضمنية الى مروان حمادة).
في المقابل، <يراهن> الجميل الأب على دعم الرئيس نبيه بري الذي لا يزال يملك زمام المبادرة في أكثر من مجال، وثمة من قال إن بري <يستلطف> الرئيس الجميل، ويمكن أن يفتح أمامه باب 8 آذار، في حين لا يستمرئ آخرين من القوى نفسها.. كما يعتقد الجميل ان النائب سليمان فرنجية ليس <بعيداً عنه> إذا ما ذللت <عقدة ترشح> العماد عون غير المعلنة..
وثمة من يرى أن الرئيس الجميل يسعى من خلال لقاءاته مع القيادات المسيحية (فضلاً عن القيادات الإسلامية) الى إنقاذ الاستحقاق الرئاسي من <بـــــراثن> التوافــــق الإسلامي - الإسلامي على حساب الأطراف المسيحية، ما يفرض عملياً جمع <أهل البيت> الموارنة تحت سقف واحد، وهذا ما سيطلبه من البطريرك الراعي خلال الأيام القليلة المقبلة لأنه يعتبر أن اتفاق الأقطاب المسيحيين يؤمن وصول رئيس ماروني قوي، سواء كان هذا الرئيس من الأقطاب الأربعة أو ممن همس باسمه في آذان كثيرين... والخير لقدام!