حضور الرئيس سعد الحريري الاحتفال المركزي الذي أقيم في <البيال> لمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري ورفاقه حرّك الركود الذي استهدف الجهود التي كانت تُبذل على غير صعيد من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع بداية الشهر العاشر على الشغور في قصر بعبدا، بالتزامن مع تسريع التحضيرات الجارية للقاء المرتقب بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والذي لا يزال <إعلان النيات> الذي من المفترض أن يصدر عنه لبعض <الرتوش> الضرورية على نقاط لم يتبلور الاتفاق حولها بعد بين الرابية ومعراب في وقت يرقب فيه الفاتيكان اللقاء المنتظر بين <الجنرال> و<الحكيم> علّه يحمل إيجابيات تخرج البلاد من الفراغ الرئاسي الذي تعاني منه. وقد أوكلت الدوائر البابوية الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي العائد من روما بعد غياب استمر ثلاثة أسابيع مهمة متابعة الحوار المسيحي - المسيحي لتبديد القلق الذي عبّر عنه البابا <فرنسيس> خلال استقباله البطريرك وشرح أسبابه كل من أمين سر الدولة البابوية الكاردينال <بيترو بارولين> ووزير الخارجية المونسنيور <بول غالاغير> خلال لقائهما، كل على حدة، مع البطريرك الراعي الذي كان قد سمع <قلقاً> مماثلاً من الموفد الفرنسي <جان - فرنسوا جيرو> خلال استقباله يوم عيد مار مارون في المقر البطريركي الماروني في روما.
عون في <بيت الوسط>
وإذا كان <القلق> البابوي له ما يبرره مع التأخير المستمر في انتخاب الرئيس الماروني والمسيحي الوحيد في الشرق، فإن مسحة تفاؤل برزت على خط السعي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، من خلال معاودة <الحوار المباشر> بين العماد عون والرئيس سعد الحريري الذي كان مسرحه هذه المرة <بيت الوسط> وليس مقر إقامة الحريري في باريس كما حصل في المرة الماضية. ورغم ان ثمة من رأى انه كان على الرئيس الحريري ان <يرد> الزيارة للعماد عون في دارته في الرابية، فإن <الجنرال> أراد ان يخطو خطوة إضافية في اتجاه الحريري، فزاره في <بيت الوسط> مستذكراً جريمة اغتيال والده، مكرراً التعاطف معه حيال المصاب الجلل، وعارضاً معه ما آلت إليه الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، مستعيناً بالمعطيات التي توافرت لدى صهره وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل خلال لقاءاته الدولية، وهو الذي حضر العشاء الى جانب النائب السابق غطاس خوري (ضابط الارتباط بين الحريري والرابية) ومدير مكتب الحريري ابن عمته نادر الحريري.
مصادر المجتمعين التي حرصت على بث <أجواء إيجابية وودية للغاية> عن اللقاء والعشاء الذي تضمن معايدة للعماد عون بعيد ميلاده الثمانين لم تعطِ تفاصيل كثـيرة عن النقاش الذي دار على مدى ساعتين ونصف الساعة، إلا انها أكدت ان جرعة <تنشيطية> أعطيت للتواصل بين الجانبين اثر <البرودة> التي أصيب بها الحوار بين الرابية و<بيت الوسط>، ما أفسح في المجال أمام التداول في كل المواضيع العالقة بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي من دون أن يكون هذا الملف قد اقترب من الحسم، لأن النقاش فيه - حسب مصادر المجتمعين - ظل في العموميات مع تأكيد على اهمية الإسراع في إنجازه. وفي هذا السياق، تناوب الطرفان على الإشادة بالمناخ الحواري الإيجابي القائم بين <المستقبل> وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وقد شجع كل منهما الآخر على المضي في هذا المسار لأنه بات <البدل عن ضائع> هو الانتخابات الرئاسية! وقد ساعدت عودة نادر الحريري من الجولة السادسة للحوار مع حزب الله وانضمامه الى العشاء في <بيت الوسط> في الاستماع الى خلاصة غير مستفيضة للنقاش الدائر في عين التينة، ما جعل العماد عون يبدي اهتماماً بـ<التقدم> الذي تحقق في هذا المجال.
وتشير المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> الى ان لا نتائج عملية للنقاش الذي دار حول الاستحقاق الرئاسي، لكن ما حصل بين العماد عون والرئيس الحريري <فتح> من جديد أبواب الحوار الرئاسي الذي يحتاج الى جولات إضافية بين الرئيسين أو بين مساعديهما، وهو ما سيحصل فعلياً خلال الأسبوع المقبل بعد عودة الرئيس الحريري الى الرياض.
تفاهم حكومي و<فيتو> سليمان
إلا ان التطور الأبرز الذي نتج عن لقاء <بيت الوسط> كان حول التفاهم الذي تم بين عون والحريري على ضرورة إعادة <تزخيم> العمل الحكومي بعد الجمود الذي انتابه نتيجة الخلاف حول آلية التصويت في مجلس الوزراء والذي أدى الى تعليق جلسات مجلس الوزراء ببادرة من الرئيس تمام سلام الذي لم يعد قادراً على تقبل التجاوزات التي تحصل والتفسيرات المختلفة لآلية العمل التي تم الاتفاق عليها مع بدء الشغور الرئاسي في أيار/ مايو من العام الماضي. وفي هذا الإطار، علمت <الأفكار> ان الرئيس الحريري والعماد عون تفاهما على إعادة إطلاق دورة العمل الحكومي من خلال العودة الى المبدأ الأساسي الذي انطلق من مجلس الوزراء في ظل الشغور وهو ضرورة التعاطي بإيجابية مع القضايا المطروحة وإعطاء الأولوية للتوافق في القرارات بعيداً عن الاعتبارات الشخصية والحسابات الضيقة للوزراء الذين تحولوا الى <رؤساء> في ممارسة صلاحيات لم تكن أصلاً لرئيس الجمهورية!
وقد تم خلال الاجتماع طرح عدة صيغ للخروج من المأزق يتم التشاور فيها مع الرئيس سلام الذي دعا الى عقد جلسة لمجلس الوزراء يرجح أن تكرّس مجدداً أهمية <التوافق> والتعاطي بإيجابية، خصوصاً مع بروز <حركة> اعتراضية على <تفاهم> عون - الحريري قادها الرئيس السابق ميشال سليمان من خلال وزرائه الثلاثة الذين جمعهم داخل دارته في اليرزة في حضور وزراء حزب الكتائب والوزيرين <المستقلين> ميشال فرعون وبطرس حرب.
وفي المعلومات المتوافرة ان التوجه الأبرز هو للعودة الى الصيغة التوافقية المعتمدة سابقاً مع <ضوابط> تحد من <تفلّت> بعض الوزراء من خلال الطلب الى مرجعياتهم <ضبطهم> لئلا يعزفوا على وتر التعطيل، لاسيما وان الكتل الرئيسية في الحكومة، أي وزراء الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون وحزب الله والنائب وليد جنبلاط و<المردة> باتوا يميلون الى إعادة النظر بالصيغة الراهنة إذا ما كانت ستؤدي الى تعطيل عمل مجلس الوزراء وشل السلطة التنفيذية. وبدا لافتاً ان الرئيس سليمان الذي عبّر صراحة عن رفضه إعادة النظر بالصيغة التوافقية وتمسك بحق وزرائه بـ<الفيتو>، سعى مع الرئيس امين الجميل الى موقف موحد بعدما شعر ان توافق الكتل الرئيسية في الحكومة سيحدّ من قدرة وزرائه على التأثير في القرارات المتخذة لوقف تنفيذها.
<تغريدة> جعجع ورد عون
وفيما أبدى الرئيس الحريري خلال اللقاء مع العماد عون ارتياحاً للتطور الحاصل في العلاقة بينه وبين الدكتور سمير جعجع، لوحظ ان وتيرة الاتصالات الجارية بين الرابية ومعراب عادت إليها الحياة من جديد بعد عودة جعجع وزوجته السيدة ستريدا من الزيارة الخاصة التي قاما بها لإحدى الدول الأوروبية، فزار منسق الحوار المرتقب بين عون وجعجع النائب ابراهيم كنعان معراب والتقى رئيس القوات اللبنانية في حضور زميله في <التنسيق> ملحم رياشي حيث استكمل البحث في التحضيرات الجارية للقاء المنتظر، علماً ان مصادر في القوات تحدثت عن <قرب> <إعلان النيات>، مع التشديد على ان مسألة الاستحقاق الرئاسي لم تحسم بعد وإن تُركت للقاء الثنائي المرتقب. في وقت تحدثت مصادر متابعة عن وجود <رغبة> لدى العماد عون في ان تصدر عن جعجع <إشارات> اكثر وضوحاً بالنسبة الى موقفه من مسألة ترشيح <الجنرال> لرئاسة الجمهورية، علماً ان مصادر القوات تتحدث باستمرار عن ان <الحكيم> لم يضع <فيتو> على ترشيح عون، لكن الموقف النهائي من الاستحقاق الرئاسي يجب ان يكون <نتيجة> للحوار وليس شرطاً له، وبالتالي فهو يتريث في التجاوب مع رغبة العماد عون.
ولا تخفي مصادر متابعة <صدمتها> حيال <التغريدة> التي هنأ فيها جعجع عون بعيد ميلاده الثمانين حيث تمنى - قبل عيد ميلاده المقبل - ان يكون قد أنجز الاتفاق الكامل، وقد رأت هذه المصادر في إشارة جعجع الى العيد المقبل لميلاد عون، اي بعد سنة، ما يؤشر الى ان الأمور لم تتضح بعد بين الرجلين خلافاً لما <غرّد> به العماد عون شاكراً المعايدة ومتمنياً إنجاز الاتفاق مع نهاية زمن الصوم، <فنقدمه هدية للبنانيين تترافق مع فرح القيامة>! إلا ان المحصلة التي توصل إليها المتابعون أشارت الى <مواعيد معلقة> لا تزال تحتاج الى مزيد من التشاور، خصوصاً ان كمية كبيرة من <التسريبات> ضجت بها الأندية السياسية حول <الثمن الكبير> الذي تريده القوات للقبول بـ<الجنرال> رئيساً للجمهورية، ومن بين ما قيل ان جعجع يصر على الحصول على <التزام> من عون بأن تكون اللوائح الانتخابية في الاستحقاق النيابي المقبل <مشتركة> لاسيما في المناطق المسيحية <الصافية> في كسروان والمتن والبترون وجزين وبعبدا إلخ... واللافت ان هذه <المعلومات> لم تلقَ نفياً أو تأكيداً لا من عون ولا من جعجع، خلافاً للعادة!
تطويق <البارازيت>
في المقابل، يقرّ عاملون على خط التقارب بين الرابية ومعراب بوجود <بارازيت> على تحركهم من بعض <المتضررين> في الجانبين، ما حتّم القيام بخطوات <وقائية> لحماية الحوار غير المباشر تمهيداً ليصبح مباشراً، وقد نجح هؤلاء في خطواتهم لكنهم يخشون من تكرار المحاولات، لاسيما وان الوضع <سريع العطب> نتيجة تراكمات الماضي. ولا يزال شريط <الفيديو> الذي بثته محطة <أو تي في> البرتقالية لحوار مجتزأ دار بين النائب ستريدا جعجع والإعلامية دنيز رحمة فخري من محطة الـ<ام تي في> بعيد العملية التي نفذها حزب الله في مزارع شبعا محور نقاش وتقييم ومثلاً حيّاً على ما يقوم به <المتضررون>، رغم المواقف الواضحة التي اتخذها العماد عون حيال هذه المسألة لإزالة سوء التفاهم الذي حصل بين الجانبين. إلا أن ثمة من قال إن صاحبة العلاقة السيدة ستريدا لم تكن راضية عن <المخرج> الذي اعتمد ولا تزال <زعلانة> مما بثته محطة العماد عون التلفزيونية.