بقلم عبير انطون
الفنانان الكوميديان شادي مارون وغابي حويك هما فاكهة رمضان اللذيذة لهذا الموسم، بحيث تغيب البرامج الكوميدية عن الشاشات اللبنانية لتحلّ مكانها المسلسلات الدرامية في تنافس يرهق المشاهد، حتى انها تطرح القصة عينها كمسلسل <العراب> مثلاً في أكثر من قالب، علماً ان المسلسلات الخفيفة التي ما زالت عالقة في ذهن المشاهد كانت قبلاً سهلة الهضم لا تلبس ثوب الثأر والانتقام والمطاردات البوليسية، بل تنتزع البسمة في جو خفيف مرح كمسلسل <عائلة الحاج متولي>، بطولة نور الشريف. ويبدو ان الذي بقي على هذا الخط هو الممثل القدير عادل إمام في <صاحب السعادة> للسنة المنصرمة و<أستاذ ورئيس قسم> لهذه السنة وهو مسلسل اجتماعي يحمل اسقاطاً سياسياً على الوضع الراهن في مصر من كتابة يوسف معاطي الذي يتميز بتوظيف النقد السياسي في المسلسلات.
بالعودة اليهما، فإن للمسرحيين الكوميديين القديرين شادي مارون وغابي حويك <كل شي الو شي>. هذا عنوان برنامجهما الترفيهي الجديد على شاشة الـ<ان بي ان> التي اختارت البسمة لوقت الذروة في الثامنة والنصف من مساء كل يوم. جديدهما <اسكيتشات> مناطقية، وشخصيات فريدة سنتعرف إليها في اللقاء بهما معاً، لقاء لن يغيب عنه طبعاً ظل الرئيس نبيه بري، ونائبه الأسبق إيلي الفرزلي. وبدأنا مع <دولة> شادي مارون الموظف السابق في أحد المصارف والذي تركه ليتجه الى شغفه الاكبر: الكوميديا.
نسأل شادي مارون:
ــ ماذا ستقدمون للمشاهد في برنامجكم الجديد الساخر <كل شي الو شي> وما المقصود بالعنوان؟
- نقصد ان لا مستحيل في لبنان ويمكن <تدبير اي شيء>. تقوم <الاسكيتشات> على نماذج من المواطنين المحسوبين كل واحد منهم على مسؤول معين من كبار شخصيات الدولة اللبنانية، فيقصده ويطرح عليه مشاكله وهواجسه والمخاوف التي تنغص عليه عيشه. أتبادل مع غابي شخصيتي المواطن والسياسي بحسب اختلاف الحلقات التي تمتد الواحدة منها على 25 دقيقة، ويشاركنا كل من دبوس دبوس وإيلي عون ويساعد في الإعداد بسام منيمنة، اما الإخراج فلأكرم قاووق.
ويكمل غابي حويك بعد شادي مارون:
- لقد فتح لنا هذا الموسم أفقاً جديداً في <الاسكيتشات> ألا وهو الجانب الدرامي فيها. أعطيكم مثلاً: أثناء التصوير حلقة الرئيس بري، أجلسناه في ديوانية وأمته الوفود، فشعرنا كأننا نمثل في مسلسل <باب الحارة>. كمشاهد يأخذني هذا المشهد وأنا في قلب الكوميديا الى الأجواء الدرامية. من الممكن لنا الذهاب في هذا الاتجاه أي صوب القصة الواحدة بشخصيات مختلفة لاحقاً.
الفرزلي.. و<داعش>!
ــ هل سيكون الرئيس بري الشخصية التي تتقن تقمصها يا شادي ضيف الحلقة الأولى؟
- يعود للمحطة دور توزيع الحلقات كما تراه مناسباً. صورنا عن الرئيس بري حلقتين رائعتين يزوره فيهما <الطفّار> من منطقة بعلبك وبينهم خمسة آلاف مطلوب ينشدون تدخله.
ــ وأنت يا غابي ستلبس حتماً رداء إيلي الفرزلي؟
- بكل تأكيد في <اسكيتش> مبتكر، إذ يزوره <داعشي> ويطلب منه تسلم وزارة الإعلام في دولة <داعش> في حوار رائع.
ــ وهل يقبل الرئيس بري تولي هذه المسؤولية؟
- على الاطلاق..لم يستطيعوا اقناعه.
ــ لماذا تركزان دائماً على هاتين الشخصيتين العريقتين في المجلس النيابي؟
- لأن الشخصيتين بارزتان، وهما لاعبان اساسيان حضوراً وظهوراً إعلامياً كما ان قلبهما واسع.. لقد بتنا نشبههما حتى في الشكل.
ــ وماذا سنرى بعد من شخصيات يزورها مواطنون؟
يقول شادي:
- سترون ان لوزير الداخلية نهاد المشنوق حصة كبرى وتعرفون الحكاية من خلال مطالب أبو طارق البيروتي. هناك شخصيات مناطقية جديدة لم نقدمها سابقاً إذ ان الحلقات تمتد لثلاثين حلقة ما استوجب منا نبش الكثير.
ويجيبنا غابي عن أفضل الشخصيات الجديدة التي يلعبها:
- هو حتماً <ابو توفيق> القادم من الجبل، مزارع يحمل سلته ويعيش بشفاعة <وليد بيك>، وطبعاً لا يمكنني ان أنسى <ابو ماجد> الشيعي النازل من بعلبك. نتقن اللهجات المختلفة بحكم تواصلنا مع الجمهور في المناطق كافة.
ــ وهل الشخصيتان حقيقيتان؟ موجودتان فعلاً؟
- نحن خلقناهما مع رشات ملح وبهار.. حلو.
ــ تغيب عنكما الصبايا لهذا الموسم. ما هي الاسباب و<الشانسونييه> تعتمد على وجودهن لتقديم مختلف الأدوار والنماذج؟
- صراحة، يعود السبب للميزانية المرصودة للبرنامج من قبل محطة الـ<ان بي ان>.
ويعلق شادي:
- كيف نسيتم شادية؟ ولو! وحدها توازي مئة امرأة ( شخصية يلعبها شادي) ترقّبوا كيف ستزور وزير الصحة وائل أبو فاعور وماذا ستطلب منه.
<سيسون> - أم كلثوم!
ــ هل تعتبران أنكما الخاسران الأكبر بين اللبنانيين مع التمديد للمجلس - النيابي بحيث انكما تضطران الى تقليد الشخصيات عينها وهي تتكرر في بعض منها منذ ما يزيد عن نصف قرن؟
يجيب شادي:
- لا أعتقد ذلك. فحياتنا السياسية حافلة بالمفاجآت وان بقيت الوجوه عينها. هناك دائماً مادة تولد من ذلك. لكن طبعاً إن فزنا بوجوه جديدة فإن دائرة عملنا ستتوسّع.
ويردف غابي:
- مع تقليد الشخصية لأكثر من مرة، تنتزع عنها صفة التقليد فتغدو تمثيلاً، ذلك ان الشخصية المقلّدة تتحول الى <كاراكتير> فلا يعود الأمر تقليداً بل تمثيلاً للشخصية، وتمثيلاً بها إن اردتم..
ــ ما هي أبرز الصعوبات في تصوير حلقاتكما؟
يجيب غابي:
- الارتجال. لم يكن الأمر سهلاً على الاطلاق وهذا ما يبقينا مشدودين على أعصابنا حتى يأتي هذا غير مصطنع.
ــ اي <اسكيتشات> قدمتماها معاً تعتبرها الأجمل لكما يا غابي؟
- بدون أدنى شك، ذلك الذي يترجم فيه الرئيس ايلي الفرزلي للرئيس بري بسبب غياب النائب علي بزي المتقن للغة الانكليزية وحامل الجنسية الأميركية ما تدلي به <سيسون> السفيرة الأميركية في لبنان وقد لعبت دورها بإتقان ألين أحمر. هذا <الاسكيتش> يطلب منا وكأنه رائعة لأم كلثوم..
صيف ... المهرجانات
ــ نجمة ما قبل الشهر الفضيل في مسلسل <علاقات خاصة> هي الفنانة ميرفا القاضي. وكانت لها تجربة معكما في احد برامجكما الكوميدية، لكنها لم تلمع فيها. ما السبب؟
- صحيح، لقد شاركتنا، غابي وأنا في <طل القمر> منذ ثلاث سنوات في الجزء الاول ببعض حلقاته. لم تحب التجربة وفضلت الانسحاب.
ــ تخرج البرامج الكوميدية من الشاشة الى الخشبة والى المهرجانات والحفلات. أين أنتما منها لهذا الصيف؟
- نشارك في بعض المهرجانات والحفلات الخاصة. سنكون قريباً في كازينو قرطبا، ولنا في جنوب لبنان جولة ايضاً، بعدها ننتقل الى ربوع زحلة في شهر تموز/ يوليو ونعود الى تلفزيون الجديد مع دورة الشتاء المقبلة في <شادي وغابي شو>. وقد <نتمدد> خارج لبنان اذ هناك كلام عن جولات في بلجيكا واستراليا.
ــ والدول العربية، لم يصل إليها هذا النوع من البرامج والمسرحيات. هل يصعب تقليد الشخصيات العربية، السياسية بشكل خاص؟
- هدفنا اليوم هو المشاهد اللبناني وما من ضير في التوسع بعد ذلك. يعنّ على بالنا تقليد شخصيات عربية وتشخيصها على المسرح.
ــ يعتبر البعض ان المسرح بأنواعه المختلفة الى انحسار. ماذا عن مسرحكما وهل أدخلتم اليه وسائل الترويج الجديدة عبر مشاهد تعرضانها عبر <يوتيوب> وغيرها من مواقع التواصل، ما يخلق لكم جمهوراً اضافياً؟
- تبقى للمسرح نكهته بعيداً عن اي مشاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي. نحن نستخدمها بالتأكيد للترويج لأعمالنا، الا ان الحضور والتفاعل المباشر يبقيان المطلوبين.
ــ هل تفكر بأدوار تمثيلية درامية يا شادي وكانت لك مشاركات فيها؟
- طبعاً، فعلى الممثل أن يجرب مختلف الأنواع الا ان الوقت لا يسمح بذلك. سبق وشاركت في فيلم <كاش فلو> وفي مسلسلي “<ورود ممزقة> و<ليلة الفرار>.
ــ لماذا يصعب على الجمهور تقبّل الممثل الكوميدي في أدوار درامية؟
- هي عقدة العالم الثالث.. ينطبع الممثل برأسهم في شكل معين، فلا يتقبلونه في غيره. في الغرب هذا ليس موجوداً وأبرع النجوم قدموا النوعين ونجحوا.
شربل خليل وعادل كرم..
ــ من هو منافسكما الأبرز على الشاشات المحلية، والبرامج الكوميدية كثيرة؟
يجيب شادي:
- البرامج كثيرة، ولكل منها نكهته الخاصة.. رمضانياً لهذا العام ما من منافس لنا.
ــ وفي غير رمضان؟ هل هو شربل خليل، عميد هذه البرامج؟
- طبعاً هو منافس قوي خاصة واننا نعرض البرامج في التوقيت عينه.
ــ هل تعتبرانه أجرأ منكما في طرح المواضيع والأفكار؟
- شربل جريء طبعاً.. من جانبنا، نبتعد عن تقليد رجال الدين. نعمل في المسرح منذ حوالى عشرين عاماً ونعرف كيف ننتقد ونوصل رسالتنا بطريقة سلسة ومن دون صخب. نحن المسرح الوحيد ربما الذي يطلب الى حفلات السياسيين وغيرهم من الشخصيات لأننا نتعامل معهم بطريقتنا. لقد أصبحوا زبائننا الدائمين ويفرح المشاهد لرصد رد فعلهم أثناء تقليدنا لهم بشكل مباشر.
ــ بين <بس مات وطن> و<ما في متلو> لفريق <اس ال شي>، أيهما تشاهدان أولاً؟
- نقلب بين الاثنين، كما نفعل مع كل البرامج الأخرى.
ــ كيف وجدتما عادل كرم في إطار المقدم عبر برنامجه الناجح <هيدا حكي>؟
- يقول شادي: أعتبر تجربة عادل جيدة، خاصة وان معه فريق إعداد مهماً وفي هذا النوع من البرامج الإعداد مهم جداً. استغل تجربته في المسرح لصالح البرنامج وتبقى الدنيا مجرد أذواق. وان كانت لي من نصيحة أقدمها له، فهي ألا يتجاوز الإعداد وان يلتزم به لأن الارتجال عندما يقوم به يحسب عليه ولا يحسب له.
ــ وغابي، ما رأيك انت بتجربة عادل مقدماً؟
- له جمهــــــور يحبــــه ويهوى ما يقدمه، كزميل احترمه جداً الا انه لا يضحكني شخصياً.. لا يعنيني فنياً.
ــ من تفضل في مجال الكوميديا؟
- عديدون، بينهم ماريو باسيل فهو فنان رائع وكذلك يلفتني عباس شاهين علماً انني لم أحضره على المسرح ولا أنسى طبعاً المميز فادي رعيدي.
ــ هل انتما حاضران لبرنامج شبيه ببرنامجه <هيدا حكي>؟
- سبق وطرحنا الفكرة على قناة <الجديد> أن نستضيف الشخصية نحن الاثنين وتكون الحلقة على منوال لعبة كرة اليد <بين - بونغ> والضيف بيننا.
ــ لم تتبنّ القناة الفكرة؟
- فضلوا غيرها!
ــ لماذا لم تعرضوا الفكرة على <ال بي سي آي> مثلاً؟
يضحك شادي ويقول: <ال بي سي آي> بالقلب.. .. ان شاء الله. على اية حال، فإن علاقتنا بها لا تزال جيدة وهم طرحوا علينا عندما انتقلنا الى تلفزيون <الجديد> ان يبقوا الرعاة لمسرحنا الا اننا التزمنا مع تلفزيون <الجديد> واخلاقياً تكون الرعاية له.
ــ ما هي أفضل المحطات من حيث الدفع لشراء برامجكما؟
يضحك شادي: <تلفزيون لبنان>.
ويضيف: الشاشات اللبنانية جميعها تعاني من أزمات مالية.. ربما موظفو تلفزيون لبنان هم الأفضل لأنهم يتقاضون رواتبهم في آخر كل شهر.
ــ كان مفترضاً ان تطلا عبره، فجئتم الى المشاهدين عبر محطة <الجديد>. ما الذي حصل؟
- بعدما كان مقرراً انطلاق البرنامج الجديد <حلو كتير> عبر تلفزيون لبنان، عدلت إدارة القناة عن القرار، والسبب يعود بحسب ما قيل الى عدم توافر السيولة المادية الإنتاجية علماً أنه تمّ تصوير ثلاث حلقات تجريبية في بداية الخطة لتقييم البرنامج ثم ما لبثت الإدارة بنفسها أن طلبت لاحقاً تصوير ثلاث حلقات تجريبية أخرى للهدف ذاته الأمر الذي لم يتم لأن الإنتاج مكلف وهو على نفقتنا الخاصة.
ــ ونسأل غــــابي ختاماً: ما سر نجاحكمـــــا معاً، وكنت قــــد تركت أميركا التي عشت فيهــــا لسنتين وعـــــدت إلينا؟
- نحن نعمل سوياً منذ ما يقارب العشرين عاماً. تخرجنا سوياً من <ستوديو الفن> بإشراف سيمون أسمر عام 1993 وعملنا لعشر سنوات ظللها الكثير من الحب والصداقة والعلاقات الانسانية الحلوة. انقطعنا لفترة وعدنا لنعمل معاً. قطعنا بمراحل عديدة وبقيت علاقتنا متينة وعندما عدنا من جديد ازداد نضجنا على الصعيدين الانساني والمهني وأسسنا شركتنا الخاصة لإنتاج أعمالنا في العام 2015 ونظمناها هيكلياً ومهنياً على ان ننتج لغيرنا لاحقاً. والله يديم الوفق..!