التدقيق المالي الجنائي الذي اقرته حكومة الرئيس حسان دياب بعد الحاح شديد من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي اصطدم بشروط مصرف لبنان لرفع السرية المصرفية التي رفعها في وقت لاحق مجلس النواب، لم يبدأ بعد، والوقت يمر من دون ان تتمـــكن شركة "الفاريز اند مارسال" من القيام بالمهمة الموكلة اليها، علماً ان مجلس النواب حدد مهلة سنة للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان والمؤسسات والإدارات والوزارات والصناديق. فما الذي يعيق عمل الشركة حتى الآن؟ من الواضح ان إقرار مجلس النواب لقانون التدقيق، ثم رفع السرية المصرفية، جعلا شركة "الفاريز اند مارسال" تقبل باستئناف مهمتها وعدلت بذلك عن قرارها السابق بالاعتذار عن القيام بالتدقيق، وأبدت رغبة في توقيع عقد جديد يحدد المهمات المطلوبة منها بعد إقرار القانونين. الا ان المعلومات المتوافرة تشير الى ان الشركة الأميركية ربطت استئنافها لعلمها بضرورة إجابة السلطات اللبنانية، وتحديداً وزارة المال، على أربعة أسئلة ستساعد الأجوبة عليها الشركة في اتخاذ قرارها النهائي سواء من حيث إعادة توقيع عقد جديد مع الحكومة اللبنانية مفوضة بوزارة المال لانجاز التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، او لجهة توسيع هذه المهمة لتشمل حسابات الوزارات والمصالح المستقلة والصناديق والمؤسسات العامة، وقبل أيام حمل وزير المال غازي وزني الى رئيس الجمهورية ملفاً ضم كل المراسلات التي تمت بين الوزارة والشركة وفيه الأسئلة الأربعة التي ستبني "الفاريز" قرارها على ضوء الأجوبة عليها.
4 أسئلة .. شروط
والأسئلة هي الآتية:
- سألت "الفاريز" أولاً عما اذا كان القانون الذي اقره المجلس النيابي لناحية تعليق السرية المصرفية لمدة سنة واحدة لغايات التدقيق الجنائي يسمح للشركة بالاطلاع على حسابات المؤسسات الخاصة لدى مصرف لبنان. وما قصدته الشركة هنا هي حسابات المصارف لدى مصرف لبنان.
- عادت الشركة لتسأل عن مصير لائحة المعلومات والمستندات التي كانت طلبت الحصول عليها من مصرف لبنان، وما اذا كانت الدولة اللبنانية، وانطلاقاً من القوانين المرعية الإجراءات، وما اقر في المجلس النيابي لناحية رفع السرية المصرفية لغاية انجاز التدقيق الجنائي، ستلتزم تأمينها، وما اذا كان مصرف لبنان سيلتزم هذه المرة تأمينها كلها من دون أي استثناء والتحجج بأي من القوانين اللبنانية ومنها قانون النقد والتسليف وقانون السرية المصرفية.
- ومن التساؤلات التي أرسلتها "الفاريز اند مارسال" الى وزارة المال، تعهد السلطات اللبنانية، وتحديداً مصرف لبنان، الموافقة على تأمين المعلومات التي تطلبها الشركة في ما يخص هيكلية مصرف لبنان التنظيمة وآلية عمله وإدارته وغيرها من المعلومات الخاصة بعمله.
- أصرت شركة التدقيق الجنائي على الحصول على جواب من وزارة المال حولها، فتتعلق بمصرف لبنان، حيث طلبت الحصول على موافقة "المركزي" للولوج الى نظام التدقيق المحاسبي للمصرف، والعودة بالحسابات سنوات الى الوراء يحددها العقد الموقع بين الحكومة اللبنانية والشركة.
بعد اكتمال المراسلات بين الوزارة "والفاريز اند مارسال" وعرض كل التساؤلات التي حملتها الشركة للسلطات اللبنانية، راسل الوزير وزني هيئة التشريع والاستشارات لأخذ رأيها لناحية تفسير قانون تعليق السرية المصرفية لمدة سنة واحدة لغايات التدقيق الجنائي وماذا كان اقراره يسمح للشركة بالاطلاع على حسابات المصارف لدى مصرف لبنان، فأتت خلاصة استشارة الهيئة ان قانون سرية المصارف يتناول حسابات زبائن المصرف وليس حسابات المصارف، وان تعليق العمل بالقانون يقصد به رفع السرية المصرفية عن كل الحسابات لدى مصرف لبنان والتي تحميها السرية المصرفية أي
[caption id="attachment_85447" align="alignleft" width="375"] حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يؤكد انه سيسهل عمل الشركة .[/caption]حساب زبائن "المركزي".
وهم بحسب المادة 82 من قانون النقد والتسليف: القطاع العام، المصارف والمؤسسات المالية المقيمة في لبنان، المصارف المركزية والمصارف والمؤسسات المالية في الخارج والمؤسسات المالية الدولية.
وتشير المعلومات الى ان موقف وزني من هذه المراجعة يأتي انطلاقاً مما اوصت به هيئة التشريع والاستشارات. اما في ما يتعلق بحصول الشركة على ضمانات وتعهد من مصرف لبنان، إضافة الى ولوجها نظام التدقيق المحاسبي للبنك المركزي، كما الحصول على معلومات تتعلق بهيكليته، فقد راسل وزني الحاكم رياض سلامة بما تقدم، وهو ينتظر رد "المركزي" في الأيام المقبلة، فيما اكدت المعلومات ان المديرية القانونية في مصرف لبنان والمديريات ذات الاختصاص بدأت درس الطلب ليأتي رد مصرف لبنان في الأيام المقبلة.
وعند حصول وزارة المال على رد منه، يقوم وزني بتحضير كتاب مفصل يرد على كل التساؤلات التي وضعتها شركة "الفاريز" أمام السلطات اللبنانية لتحديد مسار التعاون لناحية العودة لانجاز التدقيق الجنائي في حسابات "المركزي"، فيما تؤكد مصادر وزارة المال انها تنتظر أيضاً رداً من "الفاريز" حول ما اذا كانت مستعدة لتوسيع مهمتها لتشمل حسابات الوزارات والمصالح المستقلة والصناديق والمؤسسات العامة، ام ستكتفي بــ "المركزي" لتقوم بعدها وزارة المال، وضمن التفويض المعطى لها من الحكومة، بالتحضير للمناقصة وصولاً الى التعاقد مع شركة تدقيق جديدة لانجاز المهمة المطلوبة.
ويستدل مما تقدم ان الشركة الأميركية لن تباشر عملها التدقيقي الا اذا استجاب مصرف لبنان لــ "شروطهــا" وهو امـــر متروك للحاكم رياض سلامــة الذي قـــال شفهيـــاً إنه سيسهل عمل "الفاريز" ويؤمن لها المطلوب، ويبقى ان يقترن هذا القول بالفعل من خلال مراسلة رسمية يجيب فيها سلامة على الأسئلة الأربعة التي طرحتها الشركة.