استحدث تقنية جديدة في الرسم، ففتحت له الابواب واسعة. الشاب غسان فران ابن منطقة <دير عمار> قضاء المنية - الضنية أقام معرض <سفينة نوح> في قصرالاونيسكو منذ مدة جعل الكثير من وسائل الاعلام
تتناقله وتتحدث عنه، حتى ان صيته وصل الى تركيا، فكتبت صحفها عنه. كيف؟ ولماذا؟ وما هي تقنيته الجديدة؟
اليكم التفاصيل في حوار مع <الافكار>
الرسم بالنيسكافيه..
انتقل غسان الى دراسة الاعلام اليوم وعينه تحديداً على الاعلام السياسي. فالاحداث متلاحقة ومنطقته، شمال لبنان، زاخرة بالتغطيات. كان يدرس قي مجال هندسة الديكور وأمضى في هذا الاختصاص اربع سنوات. لطالما رغب في ان يحصل على اجازة في المجالين، الا انه لم يعد يملك الطاقة
لتوزيع مهامه الكثيرة.
يهوى غسان الرسم منذ صغره. انتبه اساتذته في الصف الى موهبته، وفي المسابقات التي كانت تجري ما بين المدارس، لطالما حمل الجوائز وعاد بها الى أهله، كتلك التي حصدها في العام 2005 من جمعية المقاصد التي كرمته مع آخرين مميّزين وهو في عمر 13 ربيعاً بعد مسابقة اجريت على صعيد لبنان. كذلك فإن للرسامة هبة درويش فضلاً عليه لا ينساه، اذ امسكت بيده في هذا المجال، تماماً كما فعل والدها الثمانيني الذي وقف الى جانبه بخبرته وقد امتد ذلك طوال اعوام.
أهل غسان ايضاً ليسوا بعيدين عن مجاله، ووالده بارع في رسم تصاميم المفروشات التي يوزعها في <الغاليري> التابعة له او مختلف <غاليريهات آل فران> التي تفوق العشر <غاليريهات> وهي منتشرة بشكل كبير في الشمال اللبناني. <تصاميمنا منتشرة في لبنان كله وهذا فن بذاته>.
يحب غسان عالم المفروشات لكنه يقول: <لقد مللت من الروتين. منذ أن فتحت عيني وأنا مع الخشب والمفروشات.. هوايتي الحقيقية هي الرسم>. لا يريد الشاب ان يكون فنّه مصدر رزقه اذ حينئذ سوف <أدخل نطاق ما يسمى بـ<التجاري>، و<هذا برأيي بعيد عن مفهوم الفن ّ الحقيقي> يؤكد ذلك ولو انه يرسم احياناً حسب الطلب، خاصة بعد التقنية الناجحة التي عرف بها. فما هي هذه التقنية؟
انها تقنية الرسم بالنيسكافيه والتي اكتشفتها في العام 2012 بمحض المصادفة. <كنت اشرب النيسكافيه وبقي القليل منها في الكوب، فرسمت بها على ورقة، ووجدت انني يمكن أن أتوسع بأفكار أكثر جديّة فيها. البعض قلّل من أهمية الفكرة معتبرين ان الرسم بالقهوة فنّ موجود منذ زمن.الرسم بالنيسكافيه مختلف تماماً، وكذلك التقنية المتبعة فيه وهذه حديثة كلياً، حتى أنّ محطة <تي آر تي> التركية ذكرت انني الوحيد في الشرق الاوسط وربما في العالم الذي يستخدم هذه التقنية. فأنا لا أرسم بالطريقة الكلاسيكية بهذه المواد. قبلي كان الرسم بالقهوة عن طريق <التنقيط>، اما انا وبالنيسكافيه، فإنني استخدم طريقة الدمج والنتيجة تختلف تماماً من ناحية الشكل واللون اذ ان اللوحة المرسومة بـ<تفل> القهوة سمراء، فيما لوحتي المرسومة بالنيسكافيه <شقراء> ويمكنني التلاعب بألوانها بقدر ما أشاء. حتى ان احدى الصحافيات اعتقدت ان لوحاتي قيمة لمرور الزمن عليها، اذ ان الالوان المستخدمة تجعلها وكأنها موغلة في القدم وتاريخها يعود لسنوات.
اردوغان.. والأسير
لكن، ما الذي أوصل غسان الى تركيا؟
رسمت رئيس الوزراء التركي رجب طيّب اردوغان ووضعت الصورة على صفحتي عبر
<الفايسبوك>، في فترة وجيزة تناقلها الكثيرون ولا أعرف بأية طريقة وصلت الى تركيا. نشرتها وكالة انباء الأناضول، وتناقلتها أكثر من 30 وسيلة اعلامية مكتوبة ومرئية.
وعن السبب الذي جعله يختار رئيس الوزراء التركي، قال غسان:
اختار من ارسمه عادة لسبب معيّن، وفي توقيت معين. التوقيت مهم جداً. رسمت رئيس الوزراء التركي لآرائه السياسية في فترة ما. وأنا ارسم مسؤولين سياسيين من توجهات مختلفة. فقد رسمت الرئيس الشهيد رفيق الحريري والوزير السابق سليمان فرنجية والوزير الراحل محمد شطح لانه كان من المفترض أن يفتتح معرضي في اليوم الذي استشهد فيه، ما أدى الى تأجيله.
يقول غسان: <اختار الشخصيات التي تولّد تفاعلاً ولا اقاربها من خلفيات سياسية ضيّقة. طلب الي في فترة ما رسم الشيخ أحمد الأسير، ففعلت وصورت اللوحة ووضعتها على موقعي، وأخذت ضجة كبيرة اذ تناقلها الكثيرون، الا انه بعد أحداث عبرا سحبتها عن الموقع. هكذا ايضاً يمكنني التعبير بشكل فني وسلمي عن آرائي. انا لست من الذين يتعففون بالقول انني لا أبغي الشهرة وأن يعرف الناس بفني، بل اريد ان اوصل فني ومن خلاله آرائي الى الجميع، لذلك تجدني أنتبه الى التوقيت. ولقد لفت نظري في هذا المجال أمر محدد. فقد وجدت ان الناس تعجب باللوحة او ترفضها، تبعاً للمرحلة التي يكونون فيها. أعود هنا لصورة الشيخ الأسير. قبل احداث عبرا كان الكثيرون ممن يشاهدونها يضعون علامة <لايك> عليها وقد وصل عددهم تقريباً الى 1400 <لايك>. بعد الأحداث اصبحوا هم انفسهم يعلقون سلباً على الصورة عينها. هذا يرصد فعلاً مزاج الناس بحسب المرحلة التي يكونون فيها>.
ويضيف غسان:
الى رسوماته الكلاسيكية للوجوه وهو عادة ما ينقلها عن صورة معينة، يرسم غسان بعض الاشخاص كاريكاتورياً. قد يرسم الشخص عينه بالطريقتين. هذه المرة ايضاً رسم غسان صورة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لكن بطريقة كاريكاتورية. <كثيرون اعجبوا بالأولى ولم يعجبوا بالثانية وهذا تعبير عن مزاجهم السياسي هنا ايضاً>. - لقد رسمت مختلف وجوه القادة والرؤساء في الربيع العربي، واشهرهم لوحة الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي وواحدة للرئيس السوري بشار الأسد.
سفينة نوح..
بالعودة الى النيسكافيه، فإن غسان يستخدمه <حاف>، اي من دون اضافة المواد المبيضة إليه، فقط بعض الماء الذي يمكّنه من التحكم بالألوان. بالطبع للامر <أسرار اخرى، فأنا افتح وأغمّق ببعض المواد الخاصة>، هذه المواد لن يفضحها غسان <حتى يبقى الامر محصوراً بي مبدئياً، بانتظار المشروع الذي أعمل عليه جدياً اليوم وهو افتتاح مدرسة لتعليم اصول الرسم والنحت وبينها طبعاً الرسم بالنيسكافيه>. كذلك فإنه يحضر لمواد أخرى سيفاجئ الجميع بها، ويقول إنها قابلة للاستعمال كمواد للرسم.
يؤكد غسان الذي يرسم ايضاً بالتقنيات والمواد المعروفة لدى الجميع ان لوحة <النيسكافيه> يمكنها ان تعيش لمئة عام، اذا ما كانت شروط عرضها جيّدة، وهو يطليها بنوع من <الفرنيش> النهائي الذي يثبت الوانها لمدى العمر.
المعرض الذي افتتحه غسان منذ فترة في قصر الاونسكو فتح له الباب على طلبات كثيرة للرسم. <الضجة الاعلامية التي اثيرت حول تقنيتي افادتني جداً، وكثيرون من لبنان وخارجه تواصلوا معي عبر <الفيسبوك> لرسمهم أو رسم احباء او زعماء أعزاء على قلوبهم بينهم لوحات لملوك وحكام عرب>. هذه اللوحات هي اقل كلفة من اللوحات المرسومة بالمواد الزيتية المعروفة واللوحة الصغيرة تكون أكثر كلفة
من اللوحة الكبيرة ذلك ان <الثمن يكمن في التفاصيل>. وبأقل من كيلو واحد من النيسكافيه، يمكن للفنان الشاب أن يرسم ما يقارب عشر لوحات كبيرة يصل ثمن الواحدة منها الى حوالى 150 دولاراً تقريباً. قد تستغرق لوحة ما معه 8 ساعات غير متواصلة، فالمزاج يكون تبعاً للحالة التي هو فيها. اما الرسم فليس على قماشة كما يجري عادة بل على نوع خاص جداً من أنواع الكرتون.
ليست الوجوه السياسية وحدها هي من يهوى غسان رسمها. اللوحة الأولى أو اختبار التقنية الجديدة بالنيسكافيه كانت لفنانته الملهمة نجوى كرم. <أردت ان ابدأ بها، فأنا احب صوتها وشخصيتها وأجدها قريبة من القلب، وبالنسبة لي تمثل وجهاً مشرقاً من لبنان>. كنت اعتقد ان التجربة الاولى ستكون ناقصة وسأعيدها، الا انها بلغت مكاناً من الجمال جعلني اضمها الى المعرض الذي اقمته. الى نجوى كرم والراحل الكبير وديع الصافي، رسمت فنانين عديدين، لكن بالمواد الزيتية او بطريقة الفحم، امثال النجم المصري عادل امام والمذيعة الجميلة منى ابو حمزة والفنانة نانسي عجرم كذلك النجمة العالمية انجلينا جولي ودوقة كمبريدج <كايت ميدلتون>.
لا ينجذب غسان الى المدرسة التشكيلية في التعبير، خاصة تلك الغامضة جداً وغير المفهومة الا في بعض النقاط ومن منطلق التقنية المستخدمة.
يعد غسان العدة لمعارض مقبلة جديدة: <أنا مصرّ على تقديم جديد يميّزني، وإلا فما الجدوى؟>. يرفض ان يلقب بـ<رسام النيسكافيه>، انا رسام أنوّع في استخدام موادي وأجيد الرسم بمختلف هذه المواد، لذلك اخترت لمعرضي عنوان <سفينة نوح> تشبهاً بالنبي نوح الذي جمع في سفينته كل أنواع المخلوقات الحيّة. انا وضعت كل أنواع الفن في سفينتي وأبحر بها>.
ضم المعرض أكثر من اربعين لوحة متنوعة ما بين المناظر الطبيعية والبورتريه واللوحات الكلاسيكية. اذن، غسان ليس فقط <رساماً للوجوه>، ولكنه وبحسب قوله ماذا يرسم اليوم <شارع سوريا أو باب التبانة>؟ من سياسيي منطقته، رسم وجه الخير عليه النائب صالح الخير الذي كان راعياً لمعرضه في الاونيسكو، وهو ممتن جداً للسيدة ايمان الخير والدة النائب التي شجعته جداً: <نحن في الشمال متعطشون لفكر ينشر الفن والجمال>. لقد اهتمت السيدة ايمان جداً وتحمست وكان لها فضل كبير في معرض <سفينة نوح>. اما من يعن على باله رسمه اليوم فهو النائب السابق مصباح الاحدب.