بقلم علي الحسيني
[caption id="attachment_85043" align="alignleft" width="250"] الرئيس نبيه بري.. إلا استقرار البلد.[/caption]بعد مضي نحو ثلاثة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، يبدو أن هذا الملف قد وصل إلى طريق مسدود بحيث لم يعد هناك من باب أمل ولو بسيط، لإحياء الجهود واستعادة النوايا من جديد، بعدما تحطّمت الأمنيات على الطريق المُمتدة من بعبدا إلى "بيت الوسط". وفي ظل الوضع الصعب والمعقد، يبدو أن الأمور تتجه نحو ولادة تحالفات جديدة قد تكون مُفاجئة بالنسبة إلى البعض خصوصاً لجهة الأسماء التي ستنضوي ضمن هذه التحالفات بهدف مواجهة العرقلة التي يفرضها رئيس "التيّار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، المدعوم من رئاسة الجمهورية.
خطة قد تُعيد عملية الدفع نحو التأليف
وسط التخبّط السياسي الحاصل والذي بدأ يطفو بشكل علني على وجه الأحداث، وبعد إعطاب المساعي الداخلية والخارجية وفرملة الاندفاعات المتعددة في ما خصّ التأليف، يبدو أن الوقت قد حان للذهاب نحو خطّة بديلة تكون قادرة على كسر القيود التي تمنع خروج الحكومة وسحب ورقة الضغط التي يستخدمها البعض لفرض الإيقاع الذي ينسجم مع طموحاته خصوصاً بعدما رُدّ الحكم في البلاد، إلى أرذل العمر.
منذ أشهر غير بعيدة، والوسط السياسي والإعلامي لا يخلو من الحديث عن استعادة تحالفات قديمة أو إحياء مكوّنات جديدة، وعلى الرغم من إنكار البعض لهذه الاستنتاجات وربّما الأمنيات، إلّا أن الموضوع عاد ليُطرح مُجدداً على بساط البحث الداخلي خصوصاً في ظل التعقيدات التي تواجه عملية تأليف الحكومة، وأيضاً بعد دعوة رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط إلى خلق جبهة موحدة لمواجهة الضغوطات التي تُعيق التأليف.
لم تمر سوى أيّام قليلة على دعوة جنبلاط هذه، حتّى تكشّفت مجموعة أمور تتعلّق بوجود نيّة حقيقية لولادة مكوّن سياسي جديد هدفه مواجهة فريق التعطيل المُمثل بحسب الجهات التي تستعد للانضواء ضمن هذا المكوّن برئيس الجمهورية ميشال عون والنائب باسيل خصوصاً بعد كلامه الأخير الذي أوحى من خلاله أن لا حكومة على الإطلاق ما دام الحريري هو المرشّح لتأليفها.
اتصال ليلي يُمهد لولادة جبهة سياسية
[caption id="attachment_85044" align="alignleft" width="399"] الصدام مع حزب الله خط أحمر.[/caption]في المعلومات أن إتصالاً ليليّاً حصل الاسبوع الماضي وتحديداً بعد تسريب مقطع الفيديو الشهير للرئيس عون والذي يظهر فيه وهو يتهم الرئيس المكلف سعد الحريري بـ"الكذب"، بين الحريري وجنبلاط كان الهدف منه أولاً إزالة سوء التفاهم بينهما، واستنكار الحملة التي يتعرض لها الحريري، وأيضاً الدخول في نقاش جدّي حول الجبهة السياسية الجديدة أو جبهة الرأي الموحّد كما يحلو للبعض أن يُسميه، لمواجهة "استفراد" باسيل بالحكم بدعم من رئيس الجمهورية وبغض طرف من "حزب الله". وتكشف المعلومات أن المكوّن السياسي الجديد المواجه، سيضمّ الى جانب الحريري وجنبلاط، كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع، لكن وسط شرط أساسي من برّي، على حصر الخلاف مع الجهة الأخرى بالسياسة وعدم اللجوء إلى استخدام الشارع أو الإساءات عبر المنابر، ولا الدخول في الاصطفافات الحزبية أو الطائفية.
ولادة المكوّن السياسي قريبة جداً
وفي المعلومات أن البصمات الأولية لولادة جبهة الرأي الموحدة أصبحت قريبة جداً بعدما وًضعت العناوين البارزة التي ستنطلق منها الجبهة، شددت على أن ثمّة تخوّفاً كبيراً من انسحاب بري منها الذي يُشكّل وجوده ضمن المكوّن ضمانة سياسية وطائفية يعني حتماً انسحاب الحريري وجنبلاط لأنه عندها سيُتّهم المكوّن بالبعد الطائفي والمذهبي وبأنه موجه ضد فئة محددة من اللبنانيين.
وبحسب التسريبات السياسية، فإن الأولويات بالنسبة إلى المكوّن السياسي الذي من المُنتظر ولادته أو الإعلان عنه في غضون فترة قصيرة، الوقوف في وجه مُعرقلي قيام الدولة وفكّ أسر الحكومة من أيدي "بعبدا" و"ميرنا شالوحي"، كاشفة أن "لا مشكلة في الأمكنة التي سيُعلن فيها إطلاق عمل جبهة الرأي الموحد سواء في "عين التينة" أو "معراب" أو "المختارة" أو "بيت الوسط"، مع العلم أن ثمّة ميلاً بأن تأخذ الأمور مجراها بالشكل الطبيعي بحيث تُعلن اللقاءات بين الأقطاب نفسها.
هل بدد باسيل الأمل؟
[caption id="attachment_85042" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل.. هل العهد في أمان؟.[/caption]مصدر مقرب من "بيت الوسط" يرى أن الأمل الذي أعطاه الحريري بإمكان تشكيل الحكومة خلال الأيّام الأخيرة، بدده باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير وكذلك كلام عون حول الحريري، وقد اعاده كلاهما إلى مربّع التشاؤم. وقال المصدر: بات واضحاً للبنانيين من الذي يعرقل تشكيل الحكومة، من أجل احتكار القرار المسيحي، وكأنه يقول الأمر لي. وشدد على أن خلق الجبهة السياسية بات أمراً واجباً، مع كل من لديه خطاب وطني جامع لا تفردي أو استقوائي.
ويشير المصدر إلى أن هناك دستوراً ومجلس نواب هو من يأتمن أو لا يأتمن، موضحاً أن باسيل يمثل قوة سياسية لم تسم الحريري، بينما هناك أكثرية نيابية سمت الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة. كما أننا كفريق سياسي لبناني، لا نثق بباسيل لكن على الرغم من ذلك شكّل حكومة بعد 17 تشرين الأول (اكتوبر) من العام 2019 هي حكومة حسان دياب.
ويكشف أن الرئيس عون حاول ابتزاز النواب قبل يوم من تسمية الحريري، ومع الأسف هناك منظومة حقد وتدمير ذاتي تقود اليوم الواقع في رئاسة الجمهورية، معتبراً أنهم يريدون دفع الحريري إلى الاعتذار أو إلى تشكيل حكومة يقودها باسيل من وراء الكواليس، لكن الحريري صامد طالما انه يتمتع بتأييد سياسي وشعبي.
البديل.. مواجهة من داخل الطائفة المسيحية
[caption id="attachment_85041" align="alignleft" width="444"] الدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط.. عنوان المواجهة المرتقبة.[/caption]يقول مصدر سياسي بارز إنه في حال لم تؤد الجبهة السياسية الجديدة مفعولاً ايجابياً لجهة إجبار باسيل على حلحلة العقد التي يفرضها على عملية التأليف، أو في حال تراجع الرئيس بري عن قرار الإنضمام إلى المكوّن الجديد، فهناك خطة بديلة تقوم على الذهاب إلى تأليف نواة من داخل الشارع المسيحي يتألف من أحزاب وازنة مثل: "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب اللبنانية" وتيّار "المردة" مع دعم من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، للوقوف أمام استفراد جبران باسيل وفريقه بلبنان، وعدم القبول بإدارة البلد كأنه شركة خاصة.
ويُشدد المصدر على أن لبنان لا يحكم إلا بتوافق جميع أبنائه، وبمشاركة الجميع خصوصاً وأن البلد يمرّ بمرحلة خطيرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً، ويجب التخلّص من فكرة أن (العهد) عبارة عن فريق يحكم البلد وحده. وقال: لا أحد يُريد تعميق الشرخ المسيحي، لكن بالتأكيد لا بد من إيجاد أرضية تساعد في إنقاذ لبنان وتأمين حياة كريمة لأبنائه، مؤكداً أن لغة الفوقية التي تستخدم ضدنا مرفوضة، والنبرة العالية لا تخيفنا.
أضاف المصدر: إن ما يحصل يستوجب قيام جبهة سياسية لمواجهة حكم الحزب الواحد، مؤكداً أن ما يميّز الساحة المسيحية منذ الاستقلال حتى الآن هو التعددية، لكن للأسف نرى اليوم سياسة الاستفراد من التعيينات في المؤسسات العسكرية والأمنية والإدارية، وصولاً إلى الحكومة، والإمساك بالقرار المسيحي داخل السلط، وقال: هذا الفريق (التيّار الوطني الحرّ) يتناسى أن 55 في المئة من اللبنانيين لم ينتخبوا، لأنهم غير مؤمنين بالسياسات المتعبة.