يأتون بها في قوارير على أنها دواء...
اكثر الشباب اليوم باتوا مدمنين على <الانترنت>، ليس في الأمر جديد خاصة وأنه دخل كل مجالات حياتنا، وليس من حاجة الى التذكير ان للأمر سلبيات وايجابيات بحسب وجهة استعمال الشاشة الزرقاء. لكن الجديد الخطر والمفزع في آن معاً ان <الانترنت> بات وسيلة لبيع المخدرات عبر مواقعه، وفي لبنان موقعان كشفا حتى الآن في هذا المضمار.
كيف يتم شراء المخدرات عبر <الانترنت>؟ لماذا اصبحت العملة الرقمية او ما يعرف بـ<البتكوين> مصدر خطر حتى انه حظر استعمالها في بعض البلدان بينها لبنان؟ ما هي هذه الاسماء الغريبة التي اقتحمت هذا العالم الاسود، ولماذا علينا توخي الحذر تجاه بعض المستخدمين والمستخدمات الاجانب العاملين في بيوتنا؟
الاسئلة في اجابات لجمعية <جاد> للمخدرات التي أضاءت على هذه الامور كافة آملة الاسراع في التدابير بعد قراءة المحاذير.
دكتوراه.. وهمية
تعلق الشباب بـ<الانترنت> الذي بات يتنفس في صحنهم اليومي وكتابهم وغرفة نومهم، له تهديدات مباشرة على حياتهم ان اساءوا الاستعمال. وعصر العولمة الذي جعل من المسكونة كلها قرية صغيرة جعل المفاهيم تختلط. بعض البلدان يسمح بوجود المواقع التي تتيح شراء المخدرات عبر <الانترنت> والبعض الآخر يمنعها.
جمعية <جاد> شبيبة ضد المخدرات التي يرئسها السيد جوزيف حواط تبقى بالمرصاد لكل ما يتعلق بهذا الامر. ندوات وورش عمل وتوعية في المناطق كافة. البعض يخفض القبعة لعملهم الجاد الا ان هناك بين المستفيدين من يحاربهم. والامر لا يقتصر على ذلك اذ يجدون انفسهم أحياناً في مواجهة متطفلين يزرعون الخوف والشك في نفوس الاهل بقصد الشهرة فقط ومن دون ثوابت وبراهين فعلية. من هذه النقطة انطلق حواط في حديثه معنا:
للأسف تجدنا مجبرين على المحاربة على الجبهات كافة. منذ فترة انتشرت في مدارس لبنان المختلفة 50 ألف <بروشور> تحت عنوان وجود <بونبون> مخدر يمنح للاولاد، وكنا في فترة اعياد. ارتاب الأهل وانهالت الاتصالات على الجمعية للاستفسار، وعند التدقيق، كشفنا ان صبية تعيش في الكويت طبعت هذه <البروشورات> مع اخيها ووضعت اسماً وموقعاً وهمياً للاتصال بها: الدكتورة كذا... خبيرة بعالم الادمان. حاولنا التقصي، وهي جعلت الانتربول يفتش عنها لمدة 15 يوماً وعندما تم اكتشاف أمرها للبلبلة التي أثارتها، راحت تبكي وتقول ان هدفها نبيل، وانه وان كان الامر عارياً عن الصحة، فهو بقصد الوقاية. لقد ساهمت بضرب موسم تجاري في فترة الاعياد. من هنا ادعو المواطنين كافة الى الاستقصاء الجيد عن هذه الامور قبل الوقوع في شركها.
هذا بلاغ كاذب. لكن ماذا عن شراء المخدرات عبر <الانترنت> الذي كشف منه موقعان في لبنان، وكيف يتم الشراء؟ وبأية عملة؟
يقول حواط:
- منذ سنتين ونحن في بحث مستمر حول هذا الامر الذي لم نتوصل حتى الآن لحل حاسم له، ومن الأفضل عدم التكلم عنه بشكل مفصّل عبر وسائل الاعلام كي لا يتم الترويج العلني او غير المباشر. قد يتم طلب المخدرات بأنواعها المختلفة من قبل الشاب أو الصبية وهو في غرفة نومه. وفي لبنان عرفنا بحالات ثلاث حتى الآن. هذه المواقع تروج لتجارة المخدرات في الوطن العربي ومختلف انحاء العالم وخطورتها تكمن في القدرة على اقفالها عند الشك بها وكشفها من قبل الاجهزة المعنية بالمراقبة، الا انها تعود بمواقع جديدة تحمل اسماء متشابهة. هذا الأمر يتطلب وجود رجال أمن متخصصين في مراقبة انتشار هكذا مواقع في العالم خوفاً من تمددها أكثر في العالم العربي.
البيتكوين.. والحبة الحمراء
يشرح حواط:
- العملة المستخدمة لشراء المخدرات هي عملة <البيتكوين> وقد وردتنا تحذيرات دولية من رؤساء مكاتب مكافحة مخدرات حول العالم تحذر من خطورة استخدامها في هذا المضمار. هذه العملة قد تستخدم في وجوه ايجابية طبعاً، وهي متداولة في بعض البلدان، الا ان دولاً كثيرة منعتها بينها الولايات المتحدة الاميركية لاستخدامها في تبييض الاموال او لاستخدامها من قبل تجار المخدرات. فأغلقت أخيراً ما يعرف بطريق الحرير على شبكة TOR الذي كان يعتمد على العملة الرقمية او الافتراضية في معاملات بيع المخدرات. كذلك فإن مصرف لبنان أصدر قراراً بمنع تداولها للمخاوف عينها. من هنا يجب مراقبة هذه العملة جيداً تفادياً لمخاطرها، اذ يصعب ضبطها ومراقبتها بسبب صعوبة الدخول الى هذه المواقع السرية المالية وعدم خضوعها لاي مراقبة من قبل اي جهة مصرفية رسمية. وهنا اقول ان مسؤولة رفيعة المستوى في بلدنا اخبرتنا ان شخصاً عندنا انتحر لتراكم ديونه جراء استخدامه هذه العملة نتيجة شرائه للمخدرات وعدم قدرته على السداد..
بالإضافة الى الشراء عبر <الانترنت>، يلفت حواط الى تطور طرق اغراق الاطفال بتجارة وتعاطي المخدرات بعدما أفاد التجار من المراهقين في عملية الترويج، خاصة مع تنوع اشكال المخدر واستعمالاته. كذلك، فقد نبه الاهل الى ضرورة التيقظ من <الحبة الحمراء> او <ما يعرف بالـ<يابا> YAABA التي يحملها العمال وبشكل خاص المستخدمات الاجنبيات في بيوتنا وبمختلف الجنسيات المعروفة التي تعمل عندنا، والذين يأتون بها في قوارير على انها دواء لهم. وطالب الاجهزة المعنية بتشديد المراقبة في المطار وباقي المعابر الحدودية.
بنج حيوانات.. وكاتو مخدر
الى الحبة الحمراء هذه، أصناف وأسماء من المخدرات الجديدة وصلت على مستوى العالم الى أكثر من سبعمئة نوع ونسمع عنها في لبنان منها <الكيتامين>، وهو بنج الحيوانات الذي يستخدمه المدمنون وخطورته تكمن في عدم وجود قانون ينظم ويراقب هذه المادة التي أفاد منها التجار ويطلبها المدمنون بينهم النازحون السوريون الموجودون بأرقام كبيرة على اراضينا. كذلك هناك حبوب <الكبتاغون> التي تغزو الاسواق العربية والتي تجتاح لبنان منذ أكثر من سنة حتى بلغت نسبة الحبوب المصادرة ما يفوق الخمسين مليون حبة، وتم ضبط عدد من المصانع في لبنان بينها واحد في عمشيت كان يصنع مليون حبة في النهار. ضبط هذه الحبوب تمّ بفضل التعاون بين لبنان وعدد من دول الخليج التي كانت ستهرب اليها. الـ liquid cocaine وهو المشروب الذي يغزو الاسواق العالمية والذي بدأ ينتشر في لبنان في الملاهي الليلية بشكل خاص وقد واجهه عند محاولة استصدار قانون يمنع ادراجه على لائحة الاسعار اعتراض معظم المسؤولين عن القطاع السياحي. الـ SPACE CAKE أو الـ CIBER CAKE وهي حلويات وصلت الى لبنان والعالم العربي باتت تتمتع بشهرة عالمية ويجري دمج موادها بمادة الحشيش وقد عرفت حالة اغتصاب لفتاة لبنانية بعدما أكلت منه. كذلك فقد ادى تطور مادة THC السامة في الأعوام الاخيرة وهي مادة موجودة في حشيشة الكيف الى مستوى جعلها تسكن تحت جلد المتعاطي ما يقارب 25 يوماً، ويمكن ان تكون المسؤولة عن أعلى نسبة من مرض انفصام الشخصية وأمراض اخرى.
وزاد قائلاً:
- اضف الى ذلك ادوية مخدرة من صناعة عربية يساء استعمالها مثل الـ SIMO وDULSANA. أما على مستوى العالم، فإن أخطر أنواع المخدرات هو مخدر آكل لحوم البشر KROKODIL DRUGS وهو مخدر جديد يستعمل لما بعد مرحلة تعاطي <الهيرويين> انطلق من روسيا وانتقل بعدها الى اوروبا وقد بات منتشراً بأعداد هائلة في روسيا واميركا ويعتبر النوع الأخطر كونه يؤدي الى تآكل لحم الانسان عن عظمه ويمكن تركيبه في المنزل.
لا تعاطٍ آمن..
الى ما سبق، رفض حواط ما هو معروف في الغرب وقد يصلنا عاجلاً ام آجلاً تحت عنوان ما يسمى بالتعاطي الآمن <نافياً وجود اي تعاطٍ آمن>، اذ هناك اليوم حول العالم مدارس رسمية تعلم تعاطي المخدرات. كذلك نبّه حواط الى مشروبات الطاقة التي تحتوي على المخدرات والكحول بنسب عالية ويجري العمل على مواجهتها بشكل قاطع ويكفي زيارة قسم الطوارئ في المستشفيات اللبنانية المختلفة لقرع جرس الانذار عالياً.
ــ ماذا عن جسد المدمن وعلاماته؟
يلفت رئيس <جمعية شبيبة ضد المخدرات> الى امكان وجود رسوم وشعارات على جسد المدمن للدلالة على تعاطي او ترويج المخدرات اذ عادة ما تكون بين المتعاطين ارقام وشعارات سرية فيما بينهم. وهو يشدد على ضرورة فحص المدمن إن من خلال اجهزة فحص المخدرات المعروفة او من خلال اختبار منزلي يمكن القيام به وهو يظهر عبر البول التعاطي من عدمه، علماً ان كلفته زهيدة (3 آلاف ليرة)، ولكل نوع من المخدر اختبار خاص به مع وجود واحد بكلفة أعلى قادر على كشف أكثر من نوع مخدر في وقت واحد. وهنا يحذر حواط الاهل من ان هناك مواقع عبر <الانترنت> قد تعلم المدمن كيفية الغش للحصول على نتيجة سلبية للاختبار، كذلك فإنه يدعو الى التنبه لظاهرة الـ EMO والمخدرات اي تشطيب وقسم الدم مشيراً الى ضرورة درس هذه الظواهر ومراقبتها من قبل شبكة موحدة عربية لتبادل المعلومات.
لا.. يا عبود
وعند سؤال حواط عن رأيه باقتراح وزير السياحة السابق فادي عبود عن ايجاد مصادر تمويل لسلسة الرتب والرواتب عبر زراعة حشيشة الكيف لاغراض طبية فقط وبهدف التصدير وتحت المراقبة أجاب بطريقة واضحة لا لبس فيها: الامر مرفوض بتاتاً وأرجوكم ان تكتبوا ذلك على لساني: لم يعد باقياً سوى توزير نوح زعيتر في وزارة الداخلية! اذا اردتم ايجاد مصادر تمويل من الدعارة والحشيشة واعمال السوء فالشعب اللبناني كله مستغنٍ عنها.
هذا الرفض القاطع يزيد عليه حواط نقاطاً يدعو الى الانتباه عليها بينها ظاهرة المغنين والمطربين العالميين الذين يتاجرون ويتعاطون المخدرات وأعطى مثالاً على ذلك مغنٍ اجنبي زار لبنان مؤخراً وأحيا حفلة كبيرة وهو معروف انه مروج ومتعاطٍ وقد تمت حمايته الى أقصى الحدود. كذلك لفت الى ان <فيديو كليب> لاحد مغنيينا اللبنانيين المعروفين فيه ترويج غير مباشر للتعاطي ونرى فيه المغني يلعب طاولة الزهر مع احدى السيدات العجوزات ولما تصله رائحة الحشيش من بعيد يسلطن ويجعلها خياله صبية جميلة مثيرة. في <الكليب> هذا تنتشر رائحة الحشيش في الحي فينتعش سكانه النائمون ويبدأون بالرقص. لقد راجعنا المجلس الوطني للاعلام عدة مرات لمنع بث هذا <الكليب> فإذا به مستمر حتى اليوم.
وللمخدرات.. متحف
هذا نزر يسير مما يمكن ان تسمعه بعد عن عالم يتوسع بين شبابنا يوماً بعد يوم. التفنّن في الطرق والوسائل والاستعمالات يلبس الواناً وأشكالاً مختلفة ودور الاجهزة الامنية والرقابية في الكشف يوازيه دور الوسائل البديلة والمموهة في التعاطي والترويج والمتاجرة. هذا الأمر جعل الكثير من المدارس اللبنانية يفرد له حيّزاً مهماً في التوعية والارشاد لأعمار وصفوف صغيرة جداً عما كان عليه الامر من ذي قبل. وقد أصدرت وزارة التربية والتعليم العالي تعميماً الى جميع المدارس لتنظيم زيارات للطلاب الى متحف المركز الثقافي لجمعية <جاد> المتخصص بالتوعية والتدريب من أخطار المؤثرات العقلية. هذا المتحف الذي استغرق 33 عاماً من العمل والبحث يضم 600 قطعة من 90 بلداً مختلفاً فضلاً عن كتب ووثائق حول المخدرات كافة وهو سيدخل في شهر حزيران/ يونيو المقبل كتاب <غينيس> للأرقام القياسية.