ما من أحد في لبنان وخارجه، كان ينتظر ان تُنتج الدعوة التي وجهها الرئيس نبيه بري لانعقاد الجلسة الاولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الرئيس الثالث عشر لجمهورية ما بعد الاستقلال الذي يفترض أن يخلف الرئيس الثاني عشر العماد ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته الرئاسية يوم 25 أيار/ مايو المقبل، لأن كل المعطيات كانت تدل على ان «الطبخة» الرئاسية لم تنضج بعد وهي لا تزال تحتاج الى <مهارة> الطباخين الكبار وتفرّغهم للاهتمام بالمائدة الرئاسية اللبنانية، الى جانب توجيه اهتمامهم الى <الموائد> الاقليمية الاخرى، لاسيما في العراق وسوريا ومصر وايران..
بري أرضى البطريرك وأبقى المفتاح بيده
إلا أنه كان لا بد من الدعوة الى جلسة انتخابية مع اقتراب مهلة الشهر على انتهاء الولاية الرئاسية، وذلك لاعتبارات عدة درسها الرئيس بري وتصرف على أساسها، على أمل ألا تكون الدعوة لجلسة الاربعاء (أمس الاول) <يتيمة> في المدى المنظور، خصوصاً إذا شاب <الانضباط> النيابي بحضور الجلسات، علّة التغيب المتعمد لتعطيل النصاب. و قد نجح الرئيس بري من خلال دعوته الى اصابة سلسلة <عصافير> بحجر واحد، وهذه الاهداف يمكن اختصارها بالآتي:
أولاً: تجاوب <أبو مصطفى> مع الدعوات المتتالية التي وجهها اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للدعوة الى عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وأسقط بالتالي اي محاولة لاتهامه بعدم التجاوب مع البطريرك و<التفرّد> في التعاطي مع مسار الجلسات الانتخابية على رغم أن الدستور يعطي حق الدعوة الى رئيس المجلس النيابي حصراً. وكان لافتاً اتصال الرئيس بري بالبطريرك الذي رحب بالمبادرة في رسالة الفصح وفي العظات المتتالية التي ألقاها لمناسبة الاعياد.
ثانياً: بمبادرة الرئيس بري الى توجيه الدعوة بعد 23 يوماً من بدء المهلة الدستورية، احتفظ بحق توجيه الدعوات تباعاً ولم يعد للفقرة الاخيرة من المادة 73 من الدستور (وهي الاجتماع الحكمي للبرلمان في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية) أي جدوى عملية لأن مهمة توجيه الدعوات باتت من مسؤولية رئيس المجلس لان <الانعقاد الحكمي> يكون إذا تقاعس رئيس المجلس عن الدعوة قبل انتهاء الولاية الرئاسية، فتنتقل المبادرة إذ ذاك الى المجلس الذي يمكن أن ينعقد من دون دعوة.
ثالثاً: <حشر> الرئيس نبيه بري الاطراف المحليين في الزاوية من خلال دعوته الى الجلسة، وذلك لتبيان من سيستجيب لها ومن سيمتنع عن الحضور، وفي ذلك تبرز رسائل موجهة الى اكثر من طرف طالب الرئيس بري بـ<حسم> موعد الجلسة، وذلك لمعرفة حقيقة المواقف والتوجهات. وبذلك يكون الرئيس بري قد <اختبر> الكتل النيابية التي سبق أن استشارها بواسطة لجنته النيابية الثلاثية لإظهار مدى التزامها ما أبلغته اللجنة في ما خص مسألة تأمين النصاب القانوني للجلسة الانتخابية الرئاسية وهو غالبية ثلثي اعضاء مجلس النواب، أي 86 نائباً.
رابعاً: ساهمت الدعوة التي وجهت لانعقاد مجلس النواب، في بلورة الصورة أمام الاطراف الاقليميين والدوليين عبر ممثليهم الديبلوماسيين في لبنان الذين وإن لم توجه لهم دعوات لحضور جلسة الانتخاب، تابعوا كل التفاصيل التي سبقت انعقادها وواكبته وتلته، لاسيما وان هؤلاء الديبلوماسيين باتوا يفقهون في السياسة اللبنانية وزواريبها، اكثر مما يعلمون عن الحياة السياسية في بلدانهم! ولا تستبعد مراجع سياسية متابعة ان تختلف آلية تحرك عدد من الديبلوماسيين في المرحلة المقبلة انطلاقاً من <الدروس> التي تكونت لديهم مما حصل بالنسبة الى الدعوة الاولى التي وجهها رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.
خامساً: أظهرت وقائع يوم الاربعاء الماضي ان المواقف المعلنة لبعض الكتل النيابية، هي غير المواقف غير المعلنة، لا بل تتناقض كلياً، ما يعني ان التحالفات السياسية لم تنضج بعد وان الوعود التي أعطيت لهذا المرشح أو ذاك لا تزال من دون التزام فعلي في انتظار ما ستؤول اليه الاتصالات الجارية في الخارج للتعاطي مع الملف الرئاسي اللبناني.
لا انتخابات قبل بلورة الاتصالات الخارجية...
وفيما تباينت ردود الفعل السياسية على المناخات التي سادت أجواء الندوة البرلمانية في ساحة النجمة، برز شبه اجماع من الاوساط السياسية المتابعة للملف الرئاسي خلاصته ان لا انتخابات رئاسية قبل ان تتبلور صورة الاتصالات الجارية في الداخل والخارج، بعدما بدا أن المرشح الرئاسي الابرز غير المعلن رسمياً هو رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي يقدم نفسه <مرشح الاجماع الوطني>، وبالتالي فإن ترشح رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لم يحدث <اختراقاً> على جبهة الكتل النيابية، خصوصاً في 14 آذار حين يتعدد المرشحون بدءاً من الرئيس امين الجميل وصولاً الى الوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم. وفي مكان ما <أربك> ترشيح جعجع الحلفاء في 14 آذار ، في حين كانت وحدة الصف في 8 آذار بارزة من خلال التزام المرشح غير المعلن العماد ميشال عون.
وترى المصادر المتابعة للحراك الرئاسي ان وجود العماد عون في الساحة الرئاسية يقطع الطريق على ما عداه من المرشحين، أقله في المرحلة الراهنة التي تسبق انتهاء المهلة الدستورية، وبالتالي فإن لا إمكانية لانتخاب رئيس جديد - إذا لم يكن العماد عون - قبل 25 أيار/ مايو المقبل، في وقت يواصل <الجنرال> حراكه الرئاسي من دون ضجيج متكلاً خصوصاً على <ديبلوماسية الكواليس> التي سبق أن قادته الى باريس حيث التقى الرئيس سعد الحريري لتتواصل بعدها اللقاءات في لبنان من خلال مدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري، على رغم ان المعلومات تشير الى أن الرئيس الاسبق للحكومة لم يقدم أي <وعد رسمي> للعماد عون في دعمه في معركة رئاسة الجمهورية، بل أبلغه ان قوى 14 آذار سيكون لها مرشح خصوصاً في الدورة الاولى لجلسة الانتخاب، وإذا لم يفز، فإن كل الاحتمالات تصبح واردة.
وتضيف المصادر نفسها ان العماد عون الذي رفض الترشح لمنافسة جعجع آثر عدم تقديم نفسه على انه مرشح مثل جعجع، وبالتالي يتم استبعاد الاسمين، لأنه يرى انه المرشح الجدي الوحيد الذي يريد أن يأتي بالاتفاق بين غالبية الكتل النيابية التي تمثل المكونات الطائفية للمجتمع اللبناني. وينطلق عون في حساباته هذه من كونه يحظى بتأييد 60 بالمئة من المسيحيين (قياساً الى التمثيل النيابي المسيحي) و100 بالمئة من الطائفة الشيعية، ويتطلع للحصول على دعم ممثلي الطائفة السنية، إضافة الى حصوله على نسبة معقولة من الطائفة الدرزية. في المقابل لا يحظى جعجع أو أي من المرشحين الآخرين المعلنين وغير المعلنين، بدعم مسيحي واسع ولا بتأييد شيعي ظاهر وموحّد، بينما يتوزع التأييد السني على مرشحين ويُحجب عن آخرين.
... حول عون <مرشح الوفاق والاتفاق>
انطلاقاً من هذه المعطيات وغيرها كثير، فإن ثمة قناعة بدأت تتكوّن في شأن الملف الرئاسي اللبناني تشير الى ان لا انتخابات قريبة إذا لم يكن العماد عون هو الرئيس المنتخب، وبالتالي فإن الرئيس بري قد يدعو الى جلسات متتالية، لكن النتيجة ستبقى واحدة سواء لجهة تعطيل النصاب القانوني، أو لجهة تعثر الاتفاق على مرشح. وهذا الأمر دفع الجهات التي تعمل على الملف الرئاسي الى التأكيد بأن للمشاورات العربية والاقليمية والدولية الكلمة الفصل في اختيار الرئيس المقبل للجمهورية، سواء أكان العماد عون أو غيره، وأبرز هذه المشاورات تلك الجارية بين السعودية وايران والتي تتابعها فرنسا والولايات المتحدة بكثير من الاهتمام والدقة. وإذا كان لا بد من اختيار العماد عون ليحل في قصر بعبدا، فإن لا مجال لتحقيق ذلك إلا من خلال التوافق الاقليمي والدولي المنطلق من حد أدنى من التوافق الداخلي وتحديداً بين 8 آذار وتيار <المستقبل>، علماً أن البعض يرى في هذه المسألة <صعوبة>، ويرى البعض الآخر <استحالة>.
غير ان اختلاف الحسابات لا يلغي واقعاً قائماً خلاصته ان الاتصالات الاقليمية والدولية لا تزال في بداياتها ومن المتوقع ان تستمر لفترة زمنية اضافية، لاسيما الموقف السعودي الذي لم يحسم بعد لاعتبارات عدة أبرزها التغييرات التي تحصل داخل القيادة السعودية منذ أشهر والتي كان آخرها إعفاء الأمير بندر من مهماته الاستخباراتية <بناء على طلبه> كما جاء في بيان الديوان الملكي السعودي. وتتوقع المصادر المتابعة ان يتكثف الحراك الاقليمي والدولي لأن ثمة من يرى ان في الإدارة الاميركية - وتحديداً في وزارة الخارجية - ان الوقت قد حان لتعزيز الحضور المسيحي في لبنان من خلال انتخاب رئيس <صلب> يمكن أن يخوض معارك الاصلاح والتوازن، في مقابل اعتبار الفريق السني ان اتفاق الطائف يشكّل صمام أمان له، واعتبار الفريق الشيعي ان سلاح حزب الله هو ضمانة له. من هنا فإن عودة التوازن في حسابات فريق الخارجية الاميركية، يكون من خلال الرئيس المسيحي الذي يشبه في بعض مواصفاته <بروفيل> العماد عون الذي يُعتبر <الأقدر> على التعاطي مع التحديات التي يمثلها سلاح حزب الله، والقادر وحده على استيعاب طروحات الحزب وممارساته والعمل على الحد منها بالتفاهم مع قيادة المقاومة، لاسيما وان الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله يثق ثقة كبيرة بالعماد عون وهو أمر غير متوافر بسواه من المرشحين، وهو - اي نصر الله - يتحين الفرصة لرد <الجميل> للعماد عون على احتضانه المقاومة في ظروف صعبة وحساسة، لاسيما في الوقت الذي بدت فيه مستفردة مع بيئتها وشارعها.
وتقول معلومات المتحركين على الخط الرئاسي، ان عون أبلغ مراجعيه بأنه <مرشح الوفاق والاتفاق> وان اسمه سيطرح جدياً في مرحلة لاحقة في انتظار استكمال عملية إنضاج ظروف انتخابه والتي تدور فصولها خارج لبنان وتحديداً الرياض وطهران وباريس بمتابعة قريبة من واشنطن وموسكو. ويتطلع عون - وفقاً للمصادر نفسها - الى ان يكون <الرئيس القوي> الذي يصل الى قصر بعبدا بـ<قناعة مشتركة> من فريقي 8 و14 آذار على حدٍ سواء، فيكون استطراداً <الرئيس الوفاقي> (وليس الرئيس التوافقي) الذي تنادي به الجهات السياسية بتشجيع من الخارج.
تعديل في الخطاب وتنسيق مع <المستقبل>
وتوقفت المصادر المتابعة عند واقعتين للتدليل على حصول <تبدل نوعي> في أداء العماد عون لجهة استيعابه خصومه السياسيين وتفعيل الشراكة معهم، الأولى تراجع منسوب الحدة في مواقف عون وامتناعه عن الادلاء بأي تصريحات <نارية> كتلك التي كان يطلقها في السابق، وتكليف أحد نواب الكتلة الحديث الى الإعلام بعد كل جلسة دورية تفادياً لاستدراجه بأسئلة <ملغومة>. أما الواقعة الثانية فهي تجاوب عون مع اقتراح الرئيس فؤاد السنيورة بتأجيل سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب والتصويت مع اقتراح تشكيل لجنة للمتابعة، وقد أدى ذلك الموقف العوني الى <إنقاذ> السلسلة بدرجة أولى، وجلسة مجلس النواب بدرجة ثانية، خصوصاً أنه لو عُرضت السلسلة على التصويت في الجلسة النيابية لكانت سقطت حتماً، لأن أصوات كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والتغيير والإصلاح، لم تكن تكفي لتأمين الاكثرية النيابية المطروحة، في حين يمنحها التأجيل فرصة أخرى للمرور بعد توفير الحماية لها من خلال التوافق السياسي المنشود.
وفي وقت أثار موقف عون من السلسلة ارتياب حلفائه في حركة <أمل> وحزب الله <استغربوا> تراجع نواب <التيار البرتقالي> عن رفع قيمة نفقات السلسلة من 1600 مليار الى 2800 مليار، قالت مصادر <التيار> ان عون أراد عدم تعميق الصراع حول السلسلة فأيد تشكيل اللجنة انطلاقاً من خياراته بأن يكون إنقاذياً وعامل جمع وليس سبب التفرقة، وهو لذلك يرفض المساومات ويعمل على تقريب وجهات النظر خصوصاً في المسائل التي تحتاج الى مثل هذا التوافق الذي حمى السلسلة بدلاً من ان يفجرها ومعها قدرة المجلس النيابي على متابعة درس الملف الشائك الذي استهلك أكثر من سنة.
التحرك السعودي - الايراني - الفرنسي
في أي حال، تجمع مراجع سياسية رسمية على القول ان ما حصل يوم الاربعاء في ساحة النجمة سيحرّك اكثر المشاورات الاقليمية والدولية التي ستكون لها الكلمة المؤثرة في المسار الانتخابي الرئاسي، لأن كل توافق - كما كل خلاف - له طابع اقليمي ودولي، ستكون له ارتداداته على الساحة الداخلية، وهذا ما بدا واضحاً خلال تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام التي ولدت بسحر ساحر بعد 10 أشهر ونيّف على المراوحة، ثم تكرر ذلك في إخراج البيان الوزاري من لجة الانتظار، ما اتاح للحكومة المثول امام مجلس النواب. صحيح - تضيف المراجع نفسها - ان المسار الاقليمي لم يحقق بعد انفراجات واسعة وعملية في ما خص الاستحقاق الرئاسي تشبه تلك التي حققها على صعيدي تشكيل الحكومة وإنتاج البيان الوزاري، إلا أن الصحيح أيضاً أن الاتصالات والمشاورات لم تنقطع ويكفي لإدراك الأهمية متابعة حركة السفير السعودي في ايران عبد الرحمن الشهري منذ منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي والتحضير لزيارات متبادلة بين مسؤولين سعوديين وايرانيين، وصولاً الى حد الاعلان عن استعداد الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني لزيارة السعودية، في وقت يتم تحضير زيارة نائب زير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان الذي يتولى الملف العربي، للرياض خلال الاسابيع المقبلة، بعد زيارتين <مثمرتين> للكويت ودولة الامارات. ولم تستبعد المراجع نفسها حصول زيارة لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للرياض، بعد تحضير جيد للزيارة كي تؤتي ثمارها. وتتزامن كل هذه الزيارات المتوقعة مع اقتراب الوصول الى <اتفاق نهائي> مع طهران حول الملف النووي، لاسيما وان المفاوضات مع مجموعة 5 + 1 قطعت شوطاً بعيداً وصيغة الاتفاق باتت شبه منجزة بحيث تردد ان التوقيع قد يحصل في شهر حزيران/ يونيو المقبل، وهذا ما سيشكل عاملاً إيجابياً دافعاً للحوار السعودي - الايراني.
وأشارت المراجع نفسها لـ<الأفكار> الى أن المواكبة الفرنسية للتواصل السعودي - الايراني المرتقب تتم من خلال حوار فرنسي - ايراني مباشر تولاه في مرحلة اولى مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية <جان فرانسوا جيرو>، ثم أكمله المستشار الرئاسي الفرنسي <ايمانويل بون> الذي كان زار بيروت ثلاث مرات، ثم انتقل الى واشنطن حيث تم تبادل المعلومات حول التواصل الفرنسي - الاميركي - الايراني، لاسيما حول الملف الرئاسي اللبناني الذي يتولاه المستشار <بون> بتكليف من الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند>، والذي دخل على الخط الفرنسي - الايراني من خلال مدير الشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية <جاك اودير> الذي ينسّق مع نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون الاوروبية <ماجد تخت رافنشي>.
وأكدت مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ<الأفكار> ان مسؤولين فرنسيين استقبلوا في الآونة الاخيرة مرشحين رئاسيين أو ممثلين عنهم واستمعوا إليهم من دون الدخول في أية اسماء، وهذا الامر نفسه تكرر مع مسؤولين اميركيين التقوا مع الفرنسيين على القول ان الموقف الايراني يتلخص بضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها لتعزيز الاستقرار كما حصل مع الحكومة <السلامية>، علماً ان اصداء لبنانية ايجابية وصلت الى الايرانيين والفرنسيين والاميركيين حول الخطوط المفتوحة، وهي ركزت على اهمية حصول تقدم في الحوار السعودي - الايراني حول لبنان، وفصل ملف الرئاسة اللبنانية عن ملفات الرئاسات الاخرى، لاسيما منها في سوريا ومصر والعراق.
وفي وقت تحرص فيه السعودية على ارسال اشارات تترجم حيادها في ما يتعلق ببورصة اسماء المرشحين المحتملين للرئاسة، تنتظر القيادة السعودية في المقابل زيارة متوقعة للسفير الاميركي في لبنان <دايفيد هيل> خلال الاسبوعين المقبلين، على أمل ان يكون الموقف السعودي النهائي قد تحدد ورُفع القرار الى الملك عبد الله لإبلاغ الاميركيين والفرنسيين به.
وتوقعت مراجع سياسية ورسمية ألا يتبلور الموقف النهائي قريباً، لان المشاورات حول لبنان ما زالت في بداياتها وهي تحتاج الى مزيد من الوقت كي تنضج، ما يعني عملياً أن دعوات عدة ستوجه لعقد جلسات انتخابية في مجلس النواب، ستبقى من دون نتيجة، الى أن يستقر الخيار المتفق عليه دولياً واقليمياً على مرشح يوحي بالقدرة على إعادة الحضور المسيحي في لبنان ومنه الى دول المشرق العربي، وعند ذاك يمكن جمع المجلس وضمان حضور غالبية الثلثين لانتخاب <الرئيس المختار>، وهذا <الإنجاز> قد لا يتحقق إلا بعد فترة من الفراغ الرئاسي قد تمتد الى ثلاثة أشهر!