ربما هو آخر عنقود المهرجانات الدولية اللبنانية ولادة، لكنه وضع نفسه في مقدمة المهرجانات التي تعلن عن برنامجها لهذا العام، كما حجز لنفسه مكاناً طليعياً بين المهرجانات المميزة تنظيماً واستقطاباً في منطقة لبنانية لطالما شكّلت قبلة للسياح عرباً وأجانب كما للبنانيين طبعاً على خليج جونيه الرائع.
ماذا في مهرجان جونيه لهذا العام وهو الرابع على التوالي؟
للموسيقار الياس الرحباني عقد لواء الافتتاح. فمؤلفات إلياس الرحباني الموسيقية تزيد على 800 قطعة موسيقية، إضافة إلى عشرات الوصلات الموسيقية الخاصة بالأفلام والمسرح، هو الذي ألف أيضاً مقطوعات موسيقى لرقصات الباليه ومقطوعات كلاسيكية للبيانو والموسيقى التصويرية لأكثر من 25 فيلماً سينمائياً. <الافكار> قابلته وتحدثت عن الامسية الاولى ومفاجآتها.
وسط التحضيرات يجيب الموسيقار عن المهرجان والمشاركة رابطاً حال الفن بالسياسة والاقتصاد والمصارف. يقول الرحباني:
- يجب ان تبقى الحياة في لبنان والحياة الفنية بشكل خاص تلك التي بدأت منذ أيام بعلبك في طليعة الاهتمامات. كنت اقصدها زمن الخمسينات وأنا صغير في عمر الست سنوات مع أخوي عاصي ومنصور أيام الرئيس الراحل كميل شمعون. في تلك المرحلة لمن يذكر، ازدهرت المصارف بشكل كبير وساعدت في دعم وانطلاق الحياة الفنية في لبنان. كان الفنان الاجنبي القادم من الغرب والذي يمر ببعلبك ومهرجاناتها يحمل بشرف لقب <مر من هنا> ويضيفه الى تاريخه الفني. أنا اليوم احمل المصارف جزءاً كبيراً من مسؤولية هبوط الفن اللبناني الذي مسكته في الآونة الاخيرة شركات يديرها من لا يفقهون الموسيقى.. لا أجد البنوك اللبنانية تساهم بالقدر المطلوب في منع الهبوط الفني الذي وصلنا اليه منذ خمسة وعشرين عاماً. هذه نقطة مهمة جداً، ذلك ان مشاركة المصارف في تفعيل الحركة الفنية وتقدمها أمر واجب. كذلك فإنني اربط الفن بالسياسة وادعو القيمين عليها الى التحاور الحضاري وترك الموسيقى بعيداً عن الخلافات لانني وبفعل التجربة اختبرت ان الانقسام السياسي يؤثر على الاعمال الفنية. وقد لمست ذلك لما عرضت مسرحية <ايلا> منذ مدة على خشبة <قصر المؤتمرات> في الضبيه فقاطعها حزب القوات ونسي ان يحضرها العونيون.. هذا امر مخزٍ فعلاً فنحن لم نكن يوماً مع هذا الطرف ضد ذاك. وكما اقول في كتابي <الله والموسيقى> توأمان فاتركوهما في مكان عالٍ وبعيد. وكان لي منذ فترة لقاء بمطرانين وطلبت منهما العمل على تحسين أداء المسيحيين والمصالحة بينهم.
وبالنسبة لمهرجان جونيه وما سيقدمه فيه للجمهور، قال الرحباني:
- احيي من القلب نعمة وزينة افرام والقيمين على المهرجان، فهذا يعكس الرقي والحضارة اللذين يتمتعان بهما فقد جعلا مع بلدية جونيه هذا المهرجان الحديث الولادة يوازي أكبر المهرجانات الدولية اللبنانية، وذلك من حيث الاسماء والفرق المتفق معها أو من حيث التنظيم والحضور. لقد قفزوا الدرجات بسرعة ولم يتعثروا، وهذا امر يحسب لهم. اتصلوا بي منذ اربعة اشهر تقريباً وكان اجتماع مع زينة والمساعدين وأثمر اللقاء عن امسية ستستمعون فيها الى جزء من ارثنا الفني اللبناني الكبير.
ــ وهل ستحمل حفلة جونيه برنامج حفلة دبي عينه الذي سيقدمه الرحباني في دبي يوم الخامس والعشرين من الجاري في مركز دبي التجاري العالمي؟
- قد لا يتغير فيها الكثير وهذا عادة ما يعتمد عليه الفنانون في جولاتهم الفنية عينها في أكثر من مكان أو بلد. حفلة دبي تلاقي صدى واسعاً وتصلنا اصداء لحجز البطاقات من اميركا حتى. انا سعيد بالفكر العربي الذي يرتقي صوب الموسيقى الصرف غير المصحوبة بالكلام. الغرب معتاد على هذا الامر اما نحن الشرقيين فبعيدون عنه الا في ما ندر، وبعض المقطوعات الموسيقية بات اللبنانيون والعرب يعرفونها عن ظهر قلب مثل <حبيبتي>، <لا تقولي وداعاً> وغيرها.. هذه كلها ستستمعون اليها في الامسية. واسمحوا لي هنا ان استعيد نجاح حفلات كازينو لبنان الاربع التي عزفت فيها المقطوعات الموسيقية الشهيرة من تأليفي والتي حضرها 38 ألف شخص.. في مهرجان جونيه ستحتضن الخشبة خمسين شخصاً بين عازف ومنشد لاغانٍ معروفة مثل <حنا السكران>، <كان عنا طاحون>، <دخلك يا طير الوروار>، فضلاً عن اغنية <قومي تنرقص يا صبية> لسامي كلارك وأخرى لصباح والعديد مما سنتركه مفاجأة. كذلك سيغني ابني غسان <توم جونز> في اداء رائع. غسان سوف يدهش الجميع.. وسيكون هناك مشاركة - وان كانت حتى اللحظة غير نهائية - للفنانة باسمة، رانيا الحاج، ألبير جلخ ومغني <الاوبرا> الايطالية جوني عواد. جل ما استطيع قوله ان السهرة هذه ستكون حفلة الفرح المنبثق من كل مكان.
وعن سؤالنا الاخير عن عدم تحضير مسرحية جديدة بدلاً من الحفلة الموسيقية هو المتمكن فنياً من ذلك يجيب الرحباني:
- المسرحية مكلفة أكثر وللصراحة، بت اخاف من الشعب..
<زاز> و<روك>.. وأحلى أصوات
ليلة الفرح الموعودة من قبل الرحباني ستنسحب على ليالي المهرجان جميعها. السيد فادي فياض مدير لجنة المهرجان عرض بالتفصيل للبرنامج الذي ينطلق يوم الجمعة 27 حزيران/ يونيو مع الحدث السنويّ <الشعلة> ويتضمن عرضاً نادراً وفريداً للألعاب النارية. هذا الحدث يستقطب كل عام الآلاف على طول خليج جونيه في احتفالية ضوئية مبهرة، كما يليه مباريات في التصوير بين هواةٍ ومتمرّسين، تجمعهم بالإضافة إلى الموهبة، فرحة تغطية روعة هذا الحدث المميز جداً.
أما ليل الخميس3 تموز/ يوليو 2014، فسيشعل صوت النجمة الفرنسية العالمية (ZAZ) أجواء مجمّع فؤاد شهاب، حيث ستؤدي أشهر أغنياتها مثل <Je veux> و <On ira>، لتمدّ كلمات وألحان وطاقة هذه الفنّانة الشابّة معجبيها بالحماس والغبطة المتجدّدة. أما فريق <الروك> الأميركيّ، <Imagine Dragons>، الذي حصد نصيبه الوافر من النجاح في كلٍّ من احتفال جوائز الغرامي 2014 وحفل توزيع جوائز الموسيقى الأميركية (AMA)، فسيشكل محطّة خاصّة في جونيه ضمن جولته العالميّة المنتظرة. ففي ليل الإثنين 7 تموز/ يوليو سيشهد مجمّع فؤاد شهاب أضخم وأكبر حفل <Rock> لصيف هذا العام.
وأضاف:
- اما في آخر السهرات الغنائية، فتستقبل مهرجانات جونيه فرقة برنامج <The Voice> في موسمه الثالث، يوم الخميس 10 تموز/يوليو 2014 حين سيشتعل مجمّع فؤاد شهاب بأجمل وأعذب ثماني أصوات من البرنامج العالمي <The Voice> في نسخته الفرنسية، والذي اختار جونيه استثنائياً لإحياء حفلته الوحيدة خارج فرنسا.
كذلك وبعد الأصداء الإيجابيّة لليوم البيئيّ، يجدّد المهرجان صلته بالطبيعة هذا العام من خلال تكريسه يوماً أخضر بامتياز، يحظر فيه تجوال السيّارات في أرجاء المدينة وتتخلّله نشاطات لجميع أفراد العائلة، وذلك يومَي السبت والأحد، 5 و6 تمّوز/ يوليو 2014.
الى ما سبق يشهد المهرجان استعراضات <كرنفاليّة> ومسيرات وعروض، ومناسبات متنوّعة ومجّانيّة تُمتع جميع الأعمار وتسلّط الضوء على أبرز معالم هذه المدينة الجميلة وخليجها الرائع.
افرام.. الامن والمجازفة..
نذكر ان المهرجان، و بالتعاون مع المجلس البلدي، تنظمه جمعية <فيليبوليس> وتعني <أصدقاء المدينة> لمؤسسها نعمة افرام. وحول الظروف الامنية التي قد تعرقل مسيرة المهرجان واخواته في المناطق اللبنانية كافة كما حدث مثلاً الصيف الماضي مع مهرجانات بعلبك التي انطلقت بعد ان تقلص برنامجها الى منطقة الجديدة، قال منير افرام نائب رئيس الجمعية نعمة الغائب بداعي السفر ان الحماس ممزوج بالحذر: <انه شعور يتملك كل مبادر لبناني، نظراً إلى حجم المجازفة في الظروف التي نحن فيها. إلا أن روح المبادرة لدى اللبناني موجودة منذ تكوين لبنان وبما تحمله من شغف وريادة، لم تقف يوماً أمامها صعوبة الأيام والتجارب. على العكس من ذلك، كانت تُصقل مع السنين، وتزداد مناعة، وتتألق عزماً وإقداماً، في سبيل تظهير وجه لبنان الحقيقي، وطن الحلم والإبداع>.
واضاف افرام:
- إننا بروح من التفاؤل نطلق مهرجانات جونيه الدولية لصيف 2014. وهو أمل رسخته فينا تضحيات جيشنا الوطني ومؤسساتنا العسكرية كافة التي أعادت إلى الكثير من المناطق الهدوء والطمأنينة. وهو أمل عززه التفاهم الذي أرسته الحكومة الجامعة، وما نطمح إليه من إتمام الاستحقاق الرئاسي في سبيل انطلاقة جديدة للوطن.
من ناحيته، اعتبر رئيس المجلس البلدي لمدينة جونيه أنطوان افرام ان اطلاق مهرجان جونيه الرابع هو تأكيد أيضاً على عزم المجلس البلدي بالتعاون والتكاتف مع المجتمع الأهلي لإطلاق وتنفيذ خطة الإنماء الشامل لكل المدينة، فالفن والثقافة عاملان أساسيان في التنمية الشاملة.
زينة.. والكواليس
وختاماً كان لـ<الافكار> وقفة مع السيدة زينة افرام حول كواليس المهرجان وجديده لهذا العام، فتحدثت عن الصعوبات التي فاقت هذه السنة صعوبات الاعوام الثلاثة الماضية من حيث اقناع الفرق بالقدوم الى لبنان واحياء لياليه. وعن ذلك قالت:
- لقد جرى التواصل مع اصحاب اسماء كبيرة افضل ألا اذكرهم لانهم ربما يكونون ضيوف المهرجان المقبل. كل ما استطيع قوله انه بعد مشقات وصلنا الى فريق <الروك> الاكبر حول العالم اليوم. كان الجميع يسأل عن الوضع الأمني ويطلب ايضاحات وتفسيرات كثيرة ابرزها عن جغرافية المكان وابتعاده عن مناطق التوتر. ارسلنا كماً هائلاً من الاجوبة المطمئنة والتفاصيل التي ارادوا الاطلاع عليها. كذلك فإن وجود ألين لحود من ضمن السهرة التي سيحييها نجوم <ذي فويس> اعطى دعماً كبيراً لحفلتهم.
وتزيد قائلة:
- منذ اعلنا عن حفلات <ايماجين دراغونز> جرى طلب كبير على البطاقات تماماً كما على حفلات الموسيقار الياس الرحباني الذي لنا جميعاً في ذاكرتنا حنين لارثه الفني الكبير. كذلك فإن للمغنية <زاز> حصة كبيرة من المعجبين الذين حجزوا البطاقات، وهذا يدلنا على ان اي توتر لن يمنع رواد الحفلات الموسيقية من حضورها، كذلك فإن اسعار البطاقات لم تجرَ عليها اية زيادات لهذا العام وهي بمتناول الجميع .
وعن كلفة المهرجان الاجمالية اضافت افرام انها زادت بنسبة 10 بالمئة تقريباً عن العام الفائت للأمور اللوجستية من اضاءة وصوت ومدرج الخ.. الا ان المنافسة الايجابية والعروض المتنوعة من الشركات جعلتهم يختارون الافضل سعراً ونوعية. اما جديد العام فهو انه فضلاً عن الالعاب النارية المكلفة جداً التي يفتتح بها مهرجان جونيه امسياته فإنه يمكن للباقين في منازلهم ان يفتحوا اجهزة الراديو على عدد من الاذاعات المحلية (<ان ار جي>، <نوستالجي>، <الجرس> و<اغاني اغاني>) ويستمتعوا بموسيقى تتزامن مع اطلاق هذه المفرقعات والمميز انها ستكون على وقعها اي على طريق <سينكرونيزاسيون>.
افرام سعيدة جداً بان المهرجان سيشكل محطة تواصل بين ابناء المنطقة وسعادة <مجانية> لمن يشعرون بضائقة مادية كما انه ينعش المنطقة كلها، وتنهي مبتسمة: <ما عليكم الا ان تسألوا المطاعم في جونيه التي اصبحت حجوزاتها لليالي المهرجان شبه كاملة>.