موسم شحائح وجفاف؟ بالتأكيد، شتاء لبنان تحول صيفاً، المشهد كان واضحاً، لكن أن نسمع ونقرأ بأن بلد المياه سيستورد المياه لري الأراضي وإشباع ظمأ اللبنانيين، ففي الأمر أكثر من ريبة وعلامات استفهام، لأن الثابت أن لبنان تجاوز مرحلة الكارثة، وما نعيشه هو أزمة مياه، إلا إذا غاب عن بال المسؤولين أن لبنان المصنف كثالث بلد عربي في غزارة المياه قادر على ان يسترد جزءاً من ثروته المائية من خلال سياسة الترشيد، وتخزين المياه في الآبار. تسألون عن مكان هذه الآبار؟ الخطة وضعت، ولا ينقص إلا التنفيذ.
وتنذر المؤشرات الحالية بأننا قادمون على أزمة مياه حادّة وفق بعض الدراسات والاحصاءات التي كشفت تداعيات عدم هطول الأمطار أو هطولها بقلّة، حيث ارتفعت كثافة التلوث، بعد أن باتت المياه غير قادرة على التدفق، خصوصاً أن التدفق السطحي للمياه يعتبر نتيجة حتمية للمتساقطات. ومن المحتم أن تكون هذه السنة قاسية، لا سيما بعد أن استقرت متساقطات العام على ثلاثمئة ملم تقريباً مقابل ثمانمئة ملم للفترة نفسها من العام المنصرم، بحسب مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، فبحيرة القرعون التي يتراوح منسوبها عادة في مثل هذه الأيام بين 200 و220 مليون متر مكعب، لا يتعدّى اليوم الـ42 مليون متر مكعب.
ولا يُخفى على احد ان كل شخص في لبنان يستهلك 180 ليتراً من المياه يومياً، وإذا احتسبنا معادلة وجود 4 ملايين مواطن ونحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري، إن لم يكن أكثر، فهذا يعني تفاقم استهلاك هذا المورد الحيوي، مما سيؤثر حكماً على الموسم الزراعي، ولن نجرؤ حتماً على ترداد المثل الشعبي القائل «إشتدي أزمة تنفرجي»، فما سمعناه عن دخول لبنان مرحلة الشح والجفاف ليس كذبة طالما أن معدل الأمطارالعام لم يتخطَ ثلث كمية متساقطات العام الماضي التي كانت في الأساس اقل من المعدل العام المطلوب، فهذا يعني أن التداعيات ستنعكس على الزراعة والري وكذلك على كميات استهلاك المياه عند المواطنين.
الأزمة إذاً باتت واقعاً شبه محسوم، وما إعلان مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وكل المناطق عن برنامج تقنين بدأ يتظهر مع هدير صهاريج المياه المتنقلة بين البيوت، إلا بداية لما يمكن ان يشهد عليه اللبنانيون في زمن الشح.
امام هذا الواقع المأساوي يطرح المواطن عدة تساؤلات تتمحور حول سبب الجفاف والنتائج المترتبة عنه، لا سيما على صعيد المواسم الزراعية، ناهيك عن الحلول المقترحة ومنها الري عن طريق المياه المبتذلة وما يرافق ذلك من نتائج سلبية على صحة المستهلك من جهة، و جودة التربة من جهة ثانية.
لمعالجة هذه التساؤلات بطريقة موضوعية، قابلت <الافكار>، بعض المزارعين، كما التقت الخبير الزراعي - الجيولوجي وليد رزق وقصدت المسؤول عن المختبر الزراعي الدكتور خالد العمري حاورتهم وجاءت بالتحقيق الآتي:
مواسم تحت حكم الإعدام
بداية من وسط البترون، ومع المزارع فريد سركيس الذي اشار الى ان أكثر من 2000 عائلة من قرى وبلدات البترون وخارجها يعيشون من مشاريعهم الزراعية، ولكن للاسف، حتى الطبيعة عاكست المزارعين، اذ لا قاعدة ولا فترات محدّدة لا للحرارة المرتفعة ولا للصقيع والأمطار، الموازين تبدلت والتقلبات المناخية قضت وتقضي للاسف في كل مرة على المواسم.
ويتابع سركيس: الموسم لم يعد موسماً كاملاً، والكلفة التي تكبّدناها مع أصحاب البيوت البلاستيكية، لم يعد بالإمكان سدّها من المحاصيل، فنحن نقف مكتوفي الأيدي أمام شتول يابسة، وبراعم مهترئة بسبب قلة المياه وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير طبيعي من جهة، وارتفاع اسعار صهاريج مياه الري من جهة ثانية، (70 دولاراً لكل 1000 لتر) علماً ان السعر يصل الى 25 دولاراً في حال استعملنا مياه الصرف الصحي للري.
ويضيف سركيس: خسائرنا فادحة جداً، فعلى سبيل المثال لا الحصر، موسم البازيلاء هذه المرة كان نصف موسم، فأنا أزرع 4 دونمات بازيلاء، كنت أقطف منها 12 طناً، اما هذا الموسم فقطفت 6 أطنان. كذلك مواسم الخس ضربت بشكل كامل، فالأوضاع تبدلت والضربات تنوعت من صقيع وحرارة مرتفعة في عز الشتاء، الى جفاف في فصل الصيف وقلة مياه، مما انعكس سلباً على المزروعات لا سيما الخس، فالحرارة المرتفعة خلال ساعات النهار وما رافقها من قلة مياه قضت على موسم الخس، ولم يتمكن المزارعون من قطف خسة واحدة.
ويستطرد سركيس: مقابل هذا الواقع المأساوي عمد ويعمد، للأسف العديد من المزارعين الى شراء المياه المبتذلة وذلك بسبب قلة سعرها لاستعمالها في ري المزروعات كالخس والملفوف والبقدونس وذلك لمنعها من اليباس في ظل فترة الجفاف، معتقدين ان مياه الصرف الصحي تحتوي على سماد عضوي مفيد للخضار والفاكهة. اما انا فتمنعت عن الشراء لأسباب نفسية اكثر مما هي صحية، فالاراضي الزراعية العائدة لي تقع بمعظمها بالقرب من منزلي ومياه الصرف الصحي ستؤدي حكماً الى انتشار الروائح الكريهة.
وداعاً لشتلة الخيار والكوسى
ويجمع المزارعون على أن الكلام على معاناة وخسائر لا ينفع في ظل ظروف اقتصادية متردية يعيشها اللبنانيون على المستويات كافة، وهــــم باتوا يعون أن عليهم حلّ مشكلاتهم بأنفســهم، لأن أي وعود بتعويضات أو مراجعات في هذا المجال لا نتيجة فعلية منها. فالحاجة هيام حيدر ابنة جرود جبيل أعلمتنا ان للجفاف كما للامطار في غير مواسمها تأثيراً سلبياً على المزروعات وبالتالي على معيشة المزارع ومردوده المالي، فالامطار التي تساقطت في ايار/ مايو كان لها تأثيرها السلبي لا سيما على الخيار الربيعي، فالمعروف أنّ الأمطار تضعف شتلة الخيار مما يؤدي إلى إصابتها بالآفات ومهاجمتها من الحشرات عند توقف المطر، وهذا ما كبدنا كمزارعين كلفة مالية إضافية من خلال الأدوية التي استعملناها لرش النباتات لوقف التدهور الحاصل، كذلك الأمر بالنسبة للكوسى، لكن يبقى الضرر الأكبر على المزروعات الحبوبية كالقمح والشعير، على اعتبار ان سيطرة الجفاف المدقع في موسم الحاجة الى المطر لم تعوضه مياه الري، بما يتناسب مع حاجة حقول القمح، تلك الحقول التي تعودت أن ترتوي من مياه الامطار بما يكفل انعقادها وامتلاءها بالحب قبل أن ترويها مياه الآبار الارتوازية، ليشتد عودها وتنضج سنابلها قبل شهرين من موسم الحصاد، ولكن للاسف عانينا من انحباس الامطار وعدم توفر مياه الري، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الصهاريج 80 أو 90 دولاراً لكل نقلة مياه، مما ادى الى غزو حشرة <السونا> لمحاصيلنا و جعل الموسم ضعيفاً جداً.
وتضيف حيدر: خسائرنا كمزارعين كبيرة، وانا في ظل هذه الظروف من جفاف، وحرارة مرتفعة، وقلة مياه، فضلت خسارة المواسم على استعمال المياه المبتذلة للري، بسبب امتناع المواطن عن شراء خضار مروية بالمياه المبتذلة، كما ركزت وزوجي همدر على موسم الزعتر والسماق، والمحاصيل الاخرى التي لا تحتاج الى المياه.
وللاطلاع اكثر على سبب المشكلة والآثار المترتبة عن الزراعة، التقت <الافكار> الخبير الزراعي وليد رزق الذي عرض المشكلة وانعكاسها السلبي على كل ما له علاقة بالمياه والنبات والتربة، فأشار الى ان لبنان وحتى الامس القريب كان يعتبر من اقل بلدان الشرق الاوسط فقراً بالمياه، فقد كان معدل مياهه السنوي يتجاوز بفعل تساقط الامطار 800 مليون متر مكعب ما يساعد في الحفاظ على اكثر من 2000 ينبوع خلال موسم الجفاف الذي يمتد سبعة اشهر، الا ان هذا المنسوب بدأ يتراجع بطريقة تطرح علامات استفهام حول مستقبل لبنان المائي، ومع تراجع نسبة هطول الامطار المتلاحقة سنوياً وتوزعها على مدار العام وصلت الى حدود الخطر خلال السنتين الماضيتين والانذار في هذا العام.
وأوضح ان كميات المياه الجوفية سجلت تراجعاً بنسبة كبيرة بلغت ثلث الكمية التي كانت تخزن العام الماضي، وقال رزق استناداً لدراسات علمية وخبراء في هذا المجال، فإن عدد الايام الممطرة قد تتقلص من 90 الى 80 يوماً في السنة في منطقة المتوسط قبل 20 عاماً والى 70 يوماً في السنة في أيامنا هذه، مقابل ارتفاع شدة هطول الامطار من جهة اخرى، مؤكداً «ان تراجع نسبة تساقط الثلوج سنوياً وانخفاض كثافتها سيؤديان الى تناقص في كمية المياه التي تتجمع بفعل ذوبانها.
وأعلن رزق: ان تناقص منسوب المياه بفعل قلة تساقط الامطار والثلوج سيؤثر على الثروة المائية، وهذا وضع مخيف. ولبنان بدأ هذا العام يتأثر بالتغيير المناخي الذي سيترافق مع ارتفاع درجات الحرارة عاماً بعد عام ويتبعه ارتفاع في نسبة تبخر المياه الجوفية والمتساقطة. وفي المقابل، يتزايد الطلب على المياه بسبب شدة الحر، ما سيوصلنا الى صحراء حقيقية قبل منتصف القرن الحالي، بحيث لن تنحصر التأثيرات بندرة المياه بل ستمتد الى الزراعة والامن الغذائي وسيشهد لبنان ارتفاعاً حاداً بأسعار المياه والغذاء في آن، والفقراء هم اكثر المتضررين.
وأشار رزق الى ان لبنان سيفتقر في المستقبل الى فصوله الاربعة التي تميزه عن غيره من الدول بفعل اصابته بعوارض التبدل المناخي، وقال: هناك دراسات تفيد ان تغييراً بسقوط الامطار وارتفاع الحرارة سيحدث بمعدل 2 الى 4 درجات اذا ما استمر ارتفاع ثاني اوكسيد الكربون. ومن سلبيات هذا الارتفاع الحراري ذوبان الثلوج التي تغذي الينابيع والانهار في فصلي الربيع والصيف والذي يتصاحب مع ارتفاع الحاجة الى الماء، فتذوب الثلوج المغذية لمعظم الانهار ولا سيما نهري الليطاني والعاصي، ما يسبب انجراف التربة والفيضانات الكبيرة التي تذهب بكميات كبيرة من المياه هدراً وضرراً بشكل لا يتيح للأرض ابتلاعها والاستفادة منها، وهذه المشكلة المائية تستدعي وضع خطة مدروسة لمواجهتها مع تزايد الحاجة اليومية للاستهلاك المائي.
وأوضح رزق ان أول الزراعات المتضررة من هذه الازمة هي الحبوب والقمح، وما حصل من تأخر الامطار في بداية موسم الخريف، وندرتها في اشهر فصل الشتاء انعكس سلباً على انتاجيتها. كما ان الاشجار المثمرة تضررت، بفعل ارتفاع الحرارة خلال موسم الشتاء فوق المعدل السنوي، وأزهرت معظم اشجار اللوزيات في وقت مبكر. اما في ما خص الزراعات الصيفية الاخرى، فإن عدم توفر كميات الامطار بشكلها المعتاد سيؤثر على المحاصيل ونوعيتها وجودة انتاجها.وأكد رزق ان القطاع الزراعي هو الاكثر تضرراً من ازمة الجفاف يليه الامن الغذائي، لافتاً الى ان بوادر الازمة اخذت تظهر في المناطق اللبنانية كافة، عبر تساقط حبوب الزيتون ويباس شتول الخضار قبل نضوجها، وقال: منذ عشرين عاماً، كان المزارع يستطيع الحصول على المياه من الآبار على عمق عشرة امتار، اما اليوم فغالباً ما يصل عمق الآبار الى 40 متراً وكحد اقصى الى 100 متر، وبالتالي فإن التراجع الكبير بنسبة المياه سيرتد سوءاً على العديد من القطاعات الانتاجية الزراعية التي ترتكز على المياه الجوفية للري في مواسم الصيف.
وقال رزق: اذا ما استمرت ظاهرة انحباس الامطار، سيضطر المزارعون الى زيادة منسوب مياه الري، الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع التكاليف وانخفاض في الانتاج الزراعي واصابة المزروعات بأمراض فطرية وجرثومية ووبائية، الى جانب انخفاض منسوب المياه الجوفية وتضرر الزراعات البعلية.
مرض عين الطاووس
وأعلن ان الآثار الصحية الخطيرة والمتمثلة بالأمراض والآفات النباتية التي يمكن ان تصيب محيطنا البيئي بسبب الجفاف وقلة الامطار، ستحدث خللاً في الوظائف الفيزيولوجية للآفات الحشرية المضادة، وسيتبعه قصور في دورة حياتها وتزايد أعدادها بسرعة كبيرة، مثال على ذلك آفة صانعة انفاق البندورة <توتا ابسلوتا> والتي ظهرت خلال العام الماضي كما الحالي وأدت الى خسائر فادحة، وستضرب ايضاً اشجار حمضيات الساحل اللبناني آفة <التربس> وقد انتشرت هذه الحشرة على نباتات الزينة وخصوصاً الغاردينيا، ولأول مرة على اشجار التوت الابيض الشامي والاحمر.
وأشار الى ان زخات المطر التي هطلت بين الحين والآخر أدت الى تزايد حشرة المن على الخضار ونباتات الزينة والاشجار المثمرة وأشجار الزيتون التي أصيبت بمرض عين الطاووس، كذلك انتشرت فطريات اخرى على جذورها الى جانب اشجار الدراق والنكتارين التي ضربتها امراض فطرية كالرمد وتجعد اوراق الدراق.
الحلول
وطرح رزق عدداً من الحلول للحفاظ على ثروتنا المائية المتبقية وتجنيب بيئتنا قدر الامكان كوارث لا تحمد عقباها، على الشكل الآتي:
- اقامة البرك والسدود لتخزين المياه والاستفادة منها.
- مراقبة استخدام المياه الجوفية والشفة والزراعة والصناعة وتنظيمها.
- اقامة محطات لتكرير المياه المبتذلة التي يمكن استخدامها في ري المزروعات.
- زيادة المساحات الخضراء.
- الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يؤمن الحفاظ على التوازن البيئي وبالتالي على نظافة البيئة وسلامة العيش.
- تفعيل دور الشباب والمنظمات العاملة في مجال البيئة والقيام بحملات تشجير.
- اعتماد زراعات مقاومة للجفاف وتتلاءم مع التغيير المناخي في لبنان.
وفي مجال مساعدة المزارعين، اشار الى ان على وزارة الزراعة ان تعمل بشكل دوري على:
1 - تأمين الفرمونات اللازمة لمصائد دودة ثمار البندورة وتوزيعها على المزارعين.
2 - تأمين مادة (Delfin) وهي عبارة عن مبيد بيولوجي لمكافحة دودة ثمار البندورة.
3 - تأمين الزيوت المعدنية والمصائد الفرمونية لمكافحة حشرات الحمضيات.
4 - تأمين مادة الجنزارة والمصائد الفرمونية لأمراض وحشرات الزيتون.
وأكد ان على الوزارة متابعة مراحل هذه الخطوات بشكل منتظم للمعالجة في التوقيت المناسب.
الدكتور العمري والاحتباس الحراري
وللاطلاع على الآثار الصحية المترتبة على استخدام مياه الصرف الصحي كوسيلة للري، قابلت <الافكار> الدكتور خالد العمري مدير المختبر الزراعي الذي اعتبر انه قبل التطرق الى الآثار السلبية الناتجة عن الري بواسطة مياه الصرف الصحي، لا بد من الاشارة الى ان لبنان وللأسف يعاني من مشكلة الاحتباس الحراري، ناهيك عن عدم تطبيق المواطن للقانون الذي يمنع فتح الآبار بشكل عشوائي، فالآبار العشوائية لا سيما على الساحل، جعلت مياه البحر تختلط بالمياه الجوفية مما سيؤدي حكماً في حال عدم المعالجة الى انتشار فكرة التصحر، ولا يمكننا ان ننسى ايضاً ان اكثر من 80 بالمئة من القرى اللبنانية تفضل فكرة الجور الصحية ولا تعمد اطلاقاً الى وصل الشبكات الصحية بمحطات التكرير مما سيؤدي الى تفاقم المشكلة.
ويتابع العمري: بالعودة الى موضوعنا الاساسي، لا بد من الاشارة الى انه وبسبب الجفاف وقلة المياه، عمد العديد من المزارعين الى استعمال مياه الصرف الصحي لري المزروعات الموسمية مثل الخس، البقدونس، النعنع البقلة، الملفوف... وهي بمنزلة الصحن اللبناني الاساسي، معتقدين ان مياه الصرف تحتوي على مواد غذائية للنبات متجاهلين الجراثيم و<الفيروسات> المرضية الخطيرة على صحة الانسان.
ـــ المزارعون، بالاضافة الى فكرة الجفاف وقلة المياه، لديهم حاجة أساسية مفادها ان العديد من الدول ومن ضمنها فلسطين المحتلة تستعمل مياه الصرف الصحي لري النباتات، وهذا الامر لم يؤدِ اطلاقاً وفقاً لهم الى أية مخاطر على الصحة العامة، فما تعليقك على هذا الموضوع؟
- هذا اعتقاد خاطئ، ففي فلسطين على سبيل المثال، الشبكات الصحية موصولة بمحطات التكرير، تلك المحطات التي تؤدي الى فصل الفضلات الصلبة عن المياه، فيعاد تخمير الفضلات مما يؤدي الى حصول المزارع على سماد عضوي ممتاز للمزروعات، كما ينتج عن ذلك تأمين مياه صالحة للري، وهنا لا بد من التأكيد ان انعدام تطبيق هذا الامر في لبنان عائد الى عدم جهوزية شبكات الصرف الصحي.
ــ تحدثت عن اخطار عديدة على صحة الانسان تنتج عن الري بواسطة الصرف الصحي، فما سبب هذه الاخطار؟
- ان المياه المبتذلة المستعملة للري تحتوي اساساً على جراثيم و<فيروسات>، كما انها وللأسف تختلط بنفايات المصانع الكيميائية والمبيدات التي قد تحتوي على الرصاص والزئبق... مما يعني حكماً تعريض حياة المستهلك الى جراثيم وأمراض عديدة ومنها سرطان الكبد والكلى...
ــ المشكلة وقعت لا محالة، فهل من نصائح معينة لربات المنازل لتجنب خطورة هذا الامر على صحة افراد عائلتها؟
- للأسف 50 بالمئة من سيدات المنازل ينظفن الخضار بطريقة جيدة، وهذه الطريقة تعتمد على الآتي:
- ازالة الاوراق الخارجية للخس والملفوف ورميها.
- غسل بقية الاوراق، ورقة تلو الاخرى بداية بطريقة فيزيائية باليد من دون ادوية، وذلك تمهيداً لتساقط البيوض والوحل والتراب واي شوائب نراها بالعين المجردة.
- وضع الاوراق جميعها في حوض للمياه واضافة اي نوع من الخل المنزلي الى المياه، او اي نوع من المطهرات المتوفرة في المحال التجارية ونقع الخضار لمدة 15 دقيقة للقضاء على الجراثيم ومن ثم تشطيفها مرة ثانية.
ـــ في الدول المتقدمة نرى ان الخضار موضبة بأكياس وهي جاهزة للاستعمال، فما الضامن لصحة هذا القول؟
- لقد شاركت في مؤتمرات اوروبية عديدة وعلمت من هذه المشاركة ان الخضار كافة قبل توضيبها بالأكياس، يتم غسلها في المشاغل الزراعية وتعالج بطريقة علمية والامر نفسه يطبق على البطاطا، فنسبة التراب على حبة البطاطا لا تتجاوز الصفر بالمئة.