[caption id="attachment_85307" align="alignleft" width="436"] الرئيس حسان دياب في ضيافة الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط.[/caption]
هدفان أساسيان كانا وراء التحرك الذي قام به رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب باتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وهو تحرك خرق الجمود السياسي المتصل بتشكيل الحكومة الجديدة. الهدف الأول كان التضامن مع الرئيس الحريري بعد العبارة التي قالها الرئيس عون على مسمع من دياب بحق الرئيس المكلف، والثاني بهدف استعجال تشكيل الحكومة الجديدة. وبدا واضحاً من خلال تحرك الرئيس دياب بأنه من غير الجائز تحميل لقاءاته اكثر مما تحتمل والتعاطي معها على انها أدت الى فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي اصطدمت به مشاورات تشكيل الحكومة. ويمكن القول إن تحرك دياب انتهى عملياً مع انتهاء زياراته الثلاث الى قصر بعبدا وعين التينة "وبيت الوسط" من دون الحاجة الى الرهان على إمكانية ان تسفر هذه الزيارات عن أي جديد، وإن كان الرئيس دياب أوحى من خلال التصاريح التي ادلى بها بعد هذه الزيارات، بان تطوراً إيجابياً سيحصل قريبــــاً بلقاء بين الرئيس عــون والرئيس الحريري "عندما يرى الرئيسان ذلك مناسباً"!
إذاً، زيارة "تضامنية" مع الرئيس الحريري أرادها الرئيس دياب بعدما وردت الى مسامعه ملاحظات كثيرة خلاصتها انه لم يعلق على كلام الرئيس عون عندما اتهم الرئيس الحريري بــ "الكـــذب" وهو كـــلام قــــيل على مسمعـــه. من بين هذه المــــلاحظات وجوب "التضامن" مع الرئيس الحريري الذي كان زاره في السرايا الكبير "متضامناً" بعد ادعاء المحقق العدلي القاضي فادي صوان على دياب في جريمة تفجير مرفأ بيروت. يومها عوض الحريري عن رفعه الغطاء السني عن دياب منذ الإطاحة بمرشحه لرئاسة الحكومة السفير مصطفى اديب، واتى الى السرايا ليعلن ان السنة لا يقبلون بالمساس بموقع رئاسة الحكومة لأي سبب كان وبصرف النظر من يكون ساكن السرايا.
وفي تلك الزيارة شعر دياب ان الغطاء السني الذي افتقده عاد اليه وسجل بامتنان مبادرة الحريري الذي أراد أيضاً ان يقول من خلالها إن موقع رئاسة الحكومة لا يمكن الاستهانة به ولا يمكن ان يكون "لعبة" في يد احد غامزاً من قناة رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل الذي يتهمه الحريري بـــ "استباحة" موقع الرئاسة الثالثة للهيمنة عليه من خلال ما يسميه رفع الغبن عن المسيحيين بالاتكاء على معادلة "وحدة المعايير" بعد سنوات من استئثار رئيس "التيار البرتقالي" بتأليف ثلاث حكومات وفرض شروطه على رؤسائها منذ العام 2008! وبعد تقييم لمبادرة الحريري جاء من يقول للرئيس دياب ان بامكانه رد الإجر" له من خلال زيارته "في بيت الوسط" والتعبير عن الأسف عما حصل وما قيل امامه من كلام بحقه. ومن اجل "تغليف" الزيارة الرضائية ببعد سياسي، فمن الأنسب زيارة الرئيس بري ثم الرئيس عون والحديث عن سعي لحل الازمة الحكومية!
اقتنع الرئيس دياب بالفكرة، والتي يقال إنها من أفكار المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، وقام بالواجب المثلث لافتاً الى ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة لأن حكومة تصريف الاعمال غير قادرة على الاستمرار في ظل تراكم الازمات الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع منسوب الإصابات بوباء "كورونا" بعد ان تجاوزت الخطوط الحمر ما يستدعي الإسراع في تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد. قال دياب هذا الكلام لمستقبليه الثلاثة مبرراً الأسباب التي يدعو فيها الى ولادة سريعة للحكومة العتيدة مع علمه اليقين ان من كان يسمعه لم يكن قادراً على تأكيد إمكانية التجاوب مع مطلبه لعدم القدرة على ذلك في ظل الخلافات التي كانت وصلت بين الافرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة. لكن مع ذلك كان الرؤساء الثلاثة يقولون للرئيس دياب "ان شاء الله خير" وان كانوا ضمنياً يعرفون ان لا خير يرتجى في الملف الحكومي في الوقت الراهن.
دياب : لا للتعويم
غير ان ما هو غير معلن في أسباب مطالبة دياب بتشكيل حكومة جديدة، هو رفضه الضمني لتعويم حكومته بعدما كثرت الضغوط عليه لاعادة تفعيل الحكومة المستقيلة وتوسيع تصريف الاعمال وصولاً الى إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء تفرضها دقة الظروف التي تمر بها البلاد بدءاً من ازمة كورونا وصولاً الى الوضع الاقتصادي وملف التدقيق المالي الجنائي وغيرها من المواضيع الحساسة التي يرى البعض وجوب دعوة مجلس الوزراء الى درسها واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها، بدلاً من اعتماد ما بات يعرف بــ "الموافقة الاستثنائية" التي حلت مكان مجلس الوزراء في فترة تصريف الاعمال من خلال سابقة قانونية اباحها الأمين العام السابق لمجلس الوزراء المرحوم سهيل بوجي، الذي "اجترح" هذه المعجزة في خلال فترة تصريف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للاعمال طوال الـــ 11 شهراً.
من الواضح ان الرئيس دياب أراد من خلال دعوته الى الإسراع في تشكيل الحكومة إيصال رسالة رفضه "تعويم" حكومته الى من يدعوه الى ذلك، وربما من "يضغط" عليه من اجل ذلك فهو يعتبر دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد مخالفة للدستور رغم الظروف الصعبة في البلاد، ويرفض التمثيل بالرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا مجلس الوزراء في فترة تصريف الاعمال مرتين الى الانعقاد في الحكومة التي كان حسان دياب وزيراً للتربية فيها، يومها فرضت ظروف اعداد الموازنة والدعوة الى انتخابات نيابية فرعية دعوة مجلس الوزراء مرتين ولم يعترض احد نظراً للظروف السياسية التي كانت تمر بها البلاد وهي كانت افضل بكثير من الظروف الراهنة آنذاك لم تكن هناك موجة "كورونا " ولا كان هناك انهيار اقتصادي ومالي على الأبواب ولا شيء من كل السلبيات التي تعيشها البلاد حالياً. ومع ذلك يرفض الرئيس دياب تكرار تجربة ميقاتي ويتمسك بتصريف الاعمال بالنطاق الضيق للكلمة، وهو لم يعد يحضر الى السرايا الا للضرورة ويواصل تسيير الاعمال الإدارية من منزله وبالتالي ليس في الوارد القبول بدعوة الى جلسة حكومية ولا جلسة وزارية موسعة باستثناء لجنة "كورونا" .. كل ذلك بهدف الضغط لتشكيل الحكومة العتيدة ... وهو حدث قد يتأخر!