ملف الارهاب الذي يضرب المنطقة، ومعها القارة الافريقية، كان الدافع الأول لزيارة قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكل من دولة الإمارات، بدءاً من العاصمة أبو ظبي، ووصولاً الى المملكة العربية السعودية، وكان موضع حفاوة متميزة من نائب رئيس دولة الامارات رئيس الحكومة حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ومع الاثنين عقد الرئيس المصري جلسة محادثات شاملة، وشدد الجانبان الإماراتي والمصري على تميز العلاقات بين البلدين وخصوصيتها المنفردة، وهذا ما يؤكده حرص قيادتي البلدين على جعل هذه العلاقات نموذجاً في العلاقات الأخوية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة والحرص المشترك على مصالح البلدين والمنطقة، وأكدا العزم على إضافة المزيد من الانجازات والنجاحات الى رصيد العلاقات التاريخية التي تربط البلدين.
وعرض الجانبان لانتشار العنف والتطرف والارهاب، وأعربا عن أملهما في أن تتضافر الجهود الدولية وتسرّع من خطواتها لمواجهة جميع التحديات التي تؤثر على السلم والأمن العالميين، وان تعزز تلك الجهود التعايش السلمي بين مختلف شعوب العالم وأن تقف بجانب احترام الشرعية الدولية لتحقيق الاستقرار والأمان على نحو يساهم في تعزيز المناخ الملائم لدفع عملية التنمية في العالم والخروج بالمنطقة من الصراعات والقلاقل الى رحاب التقدم والازدهار.
وأكد الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد حرص الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على تمتين أواصر هذه العلاقات وتطوير التعاون الثنائي بين أبو ظبي والقاهرة بما يحترم المصالح الاستراتيجية للبلدين والشعبين، مع الإشارة الى أن موقف دولة الإمارات المساند والداعم لمصر وشعبها موقف تاريخي ثابت وليس وليد مرحلة معينة، وهو ينطلق من أسس راسخة وقواعد ثابتة وضعها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله عندما أدرك في وقت مبكر الدور المحوري والمهم لجمهورية مصر في محيطها الاقليمي والدولي وما تمثله من صمام أمان لاستقرار المنطقة وأمنها.
مصر والمناخ الاستثماري
أما الرئيس المصري فقد أعرب للشيخين محمد بن راشد ومحمد بن زايد عن شكره وتقديره لدولة الإمارات قيادة وشعباً، على وقفتها التاريخية الى جانب الشعب المصري، مشيداً بجهودها ومبادراتها في مساعدة مصر سياسياً واقتصادياً ودعمها المتواصل لتطلعات الشعب المصري، مؤكداً وجود فرصة حقيقية للاستثمار في مصر لما فيها الكثير من المنافع لرجال الأعمال الإماراتيين ولأبناء مصر.
وفي لقاء عقده الرئيس السيسي مع رجال الأعمال الإماراتيين قال: <إننا نرحب بكم في مصر وسنعمل على توفير المناخ الاستثماري المناسب ونسعى لكي تجدوا في مصر فرصاً حقيقية ومجدية>.
وأضاف الرئيس السيسي:
<إن الحكومة المصرية لن تستطيع وحدها أن تلبي الطموح الاقتصادي لمصر، وهنا يبرز دور المستثمرين من المصريين والأشقاء العرب والأجانب للنهوض بالاقتصاد المصري>.
وبدورهم أبدى رجال الأعمال الاماراتيون لتوظيف المزيد من الاستثمارات في مصر، ودعوا الى ضرورة ايجاد قانون استثماري جديد في مصر يلبي طموحات المستثمرين العرب والأجانب، وايجاد حل للنزاعات التجارية والاستثمارية لعدد من الشركات الاماراتية في مصر.
وألقى الرئيس السيسي الكلمة الرئيسية في الدورة الثامنة للقمة العالمية لطاقة المستقبل ضمن <أسبوع أبو ظبي للاستدامة> بحضور الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الامارات، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، وعدد من المسؤولين العرب والدوليين الحاضرين للقمة.
وتطرق الرئيس المصري في كلمته الى تفاقم ظاهرة الارهاب محذراً من المفاهيم المغلوطة عن دين الاسلام، ومندداً بالارهاب وترويع المواطنين الآمنين، وقال إن التصدي لهذه التحديات يتطلب شراكة واعية مع المجتمع الدولي.
ودعا السيسي الى تجديد الخطاب الديني وضرورة تنقيته من الأفكار المغلوطة، ونوّه بأهمية الارتقاء بجودة التعليم وربط مخرجاته بسوق العمل.
ولأن دولة الامارات دولة رائدة في انتاج الطاقة البديلة النظيفة، فقد أكد الرئيس السيسي أن محدودية مصادر الطاقة التقليدية في مصر يحتم عليها التوسع في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في ظل الامكانات الكبيرة لاستغلال الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح وصولاً الى مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المصري بنسبة 20 بالمئة بحلول عام 2020.
وأكد الرئيس المصري عزم بلاده على انتاج 4300 ميغاواط من الكهرباء بالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في مدى ثلاث سنوات.
السيسي في الرياض
وحرص الرئيس السيسي على الانتقال بعد ذلك من أبو ظبي الى الرياض للاطمئنان على صحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان في استقباله على أرض المطار الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد، واصطحبه الى مدينة الملك عبد العزيز الطبية حيث كان في استقباله الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وأعرب الرئيس المصري عن دعائه لخادم الحرمين الشريفين بالشفاء العاجل وموفور الصحة والعافية، كما أعرب الأمير سلمان عن شكره وتقديره للرئيس السيسي لمشاعره الأخوية النبيلة.
وكان في استقبال الرئيس المصري أيضاً وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز والأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض. وضم الوفد المصري وزير التخطيط الدكتور أشرف العربي، ووزير التنمية المحلية عادل لبيب، ووزير البترول المهندس الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الكهرباء الدكتور سالم شاكر، ووزير الخارجية سامح شكري، ومدير مكتب رئيس الجمهورية اللواء عباس مصطفى كامل، والسفير المصري لدى السعودية عفيفي عبد الوهاب.