بقلم وردية بطرس
العين من اهم الحواس التي تمكّن الانسان من ادراك الأشياء وأشكالها وألوانها وبواسطتها يستطيع ان يقدر المسافات ويميز بين الأشياء والأضواء... وتكاد العين ان تكون مستديرة الا عند مقدمتها حيث يوجد انتفاخ بسيط. وعرض العين لدى الأطفال يبلغ حوالى ثلاثة أرباع بوصة تزداد الى بوصة عند البالغين، وبالتالي يتضح ان العين لا تنمو كثيراً مع نمو الجسم. ويمكن القول اننا مرتبطون بحاسة البصر لدينا اكثر من اية حاسة أخرى:السمع، اللمس، التذوق والشم. بإمكان العيون ان تلتقط كمية هائلة من المعلومات ونحن بدورنا نستخدم قسماً كبيراً من الدماغ لاستخلاص وتطبيق هذه المعلومات.
الخلايا العصبية في الشبكية التي هي عبارة عن نسيج حساس للضوء تبطن القسم الخلفي من العين وتهتم بفرز وتوضيح الأشكال التي تلتقطها قبل ان تنتقل الى الدماغ. وخلافاً للدماغ، فإن عيني الانسان غير متطورتين بما فيه الكفاية بالمقارنة مع عيون الحيوانات. هناك حيوانات كثيرة ترى أفضل منا بكثير في الظلمة وهناك طيور ــ مثل الصقر ــ تملك رؤية حادة اكثر من عين الانسان وبإمكانها اكتشاف فأر صغير يختبىء بين العشب عندما تكون محلقة على ارتفاع بعيد في السماء.
أجزاء العين
تجدر الاشارة الى ان عين الانسان تتألف من ثلاث طبقات رئيسية: الصلبة وتقع في الخارج حيث تتكون من نسيج خاص يحمي العين وهي غنية بالأوعية الدموية. والجزء الأمامي من هذه الطبقة شفاف وهو القرنية، والقرنية لا تحتوي على الأوعية الدموية، فتأخذ ما تحتاج اليه من غذاء وأوكسجين من الخلط المائي الذي يفرز من الجسم الهدبي.
المشيمية: وتقع بين الصلبة والشبكية. تحتوي على أوعية دموية، وتعمل على توصيل الدم المحمل بالأوكسجين للشبكية، وهي غنية بصباغ <الميلانين> الذي يمتص الفائض من الأشعة الضوئية التي تجتاز الشبكية، فيمنع انعكاسها ويسبب وضوح الرؤية. وتشكل المشيمية في القسم الأمامي منها: القزحية وهي قرص ملون (مسؤولة عن لون العين) في منتصفه فتحة يتغير قطرها بحسب كمية الضوء الداخل الى العين تدعى الحدقة. الجسم الهدبي: يتشكل خلف القزحية وتحيط به زوائد هدبية تفرز الخلط المائي، وتحوي القزحية والجسم الهدبي أليافاً عضلية ملساء بعضها شعاعي التوضع وبعضها دائري، تخضع لإشراف الجملة العصبية وعملها لاارادي.
الشبكية تبطن المشيمية من الخلف والجوانب، ولكن لا تصل الى الامام وتتكون الشبكية من وريقتين هما وريقة صباغية خارجية، وريقة عصبية داخلية.
الوريقة الصباغية الخارجية تلتصق بالوجه الداخلي للمشيمية (رقم 28 في الشكل)،وتحوي خلاياها صباغاً أسود يقوم بوظيفتين يجعل جوف كرة العين مظلماً فيحقق وضوح الرؤية. يختزن كميات كبيرة من فيتامين <أ>. الوريقة العصبية الداخلية تتألف من ثلاث طبقات خلوية عصبية تفصل بينها طبقتان من الشابك وهي بالترتيب من الخارج الى الداخل: طبقة الخلايا البصرية: وهي عصبونات ثنائية القطب يوجد منها نمطان هما العصي والمخاريط.
الطبقة الوسطى: وتحوي أنماطاً خلوية عديدة وخصوصاً عصبونات ثنائية القطب.
طبقة المشابك الداخلية: طبقة عقدية وتحوي عصبونات متعددة الأقطاب تشكل أليافها العصب البصري.
ويجتاز الضوء الوارد الى العين أربعة أوساط شفافة، وهي بالترتيب من الأمام الى الخلف:
القرنية الشفافة: وتشتق من الطبقة الصلبة وهي خالية من الأوعية الدموية. الخلط المائي: وهو سائل يشغل الحجرة الأمامية للعين ويغذي القرنية الشفافة لخلوها من الأوعية الدموية. الجسم البلوري: وهو عدسة مرنة محدبة الوجهين. الخلط الزجاجي: ويشغل الحجرة الداخلية من العين.
مشاكل الرمد الربيعي
وتعارف الجميع على ان التهاب العين مهما كان سببه يسمى الرمد. ومن انواع الالتهابات التي نسمع عنها كثيراً ما يسمى بالرمد الربيعي، وهي أحد انواع أمراض الحساسية التي تصيب ملتحمة العين (وهو غشاء رقيق يغطي بياض العين والجفون من الداخل)، مما يؤدي الى انتفاخ العين واحمرارها، وزيادة الافرازات والدموع، وقد تؤدي الى ألم في العين مع حكة قد تكون شديدة ومؤذية، وفي بعض الحالات تكون مصحوبة بسيلان الأنف وأعراض أخرى، وهو غير معد وعادة تنتهي نوبات المرض عندما يكبر الشخص.
والرمد الربيعي يتأثر به عدد كبير من الأشخاص في بداية فصل الربيع، حيث يكون الجو مشبعاً بغبار الزهور وبزيادة نسبة حبوب اللقاح في الجو وارتفاع درجة الحرارة. ونتيجة ذلك تظهر عليهم درجات متفاوتة من الحساسية في العين وفي الجهاز التنفسي. وتختفي ظواهر هذه الحساسية تدريجياً مع برودة الطقس ثم تعود لتظهر مرة أخرى في الربيع. اذاً الرمد الربيعي هو أحد ظواهر الحساسية التي تؤثر في ملتحمة العين او ملتحمة الجفن عند الكثير من الصغار والشباب. ولكن نسبة ظهوره لدى الذكور أكبر من الاناث خصوصاً في الفترة ما بين عمر 5 الى 20 سنة. وأيضاً يصيب الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للحساسية والذين يعيشون في المناطق الحارة حيث يعتبرون اكثر عرضة من غيرهم للإصابة بهذا المرض، وهو مزمن أكثر من غيره من أمراض العيون.
اذاً في فصل الربيع تكثر الإصابة بأمراض حساسية العين وتمتد طوال فصل الصيف وذلك لتشبع الهواء بحبوب اللقاح والغبار والأتربة وارتفاع درجة الحرارة. وحساسية العين مرض غير معد يصيب الأطفال والكبار، وتزداد نسبته لدى الشباب الذكور لزيادة تعرضهم لمسببات الحساسية.
ويعتبر الرمد الربيعي من أهم أمراض حساسية العين المزمنة التي تبدأ مع بداية فصل الربيع وقد تمتد طوال الصيف او طوال العام وقد تتحسن مع بداية فصل الشتاء.
والرمد هي كلمة تطلق على اي التهاب خارجي للعين، اما الربيعي فهي نسبة الى فصل الربيع، وهي حساسية مزمنة تصيب ملتحمة العين (وهي غشاء مخاطي رقيق يغطي بياض العين المسمى بالصلبة وكذلك يبطن الجفون من الداخل). وتحدث الإصابة في سن الطفولة، ويكون هناك تحسن في معظم الحالات عند سن البلوغ. أما بالنسبة للأسباب، فتحدث الحساسية نتيجة تفاعل مواد خارجية موجودة في البيئة مع ملتحمة العين مما يؤدي الى افراز مواد كيميائية وغيرها تؤدي الى التهاب العين والحساسية، وهي قابلية فردية نتيجة اضطراب في جهاز المناعة ووجود استعداد وراثي في الجسم للحساسية.
وتظهر العوارض الآتية: احمرار في الجفن، وحكة ونزول الدمع بكثرة خصوصاً في الصباح. ثم تظهر في الجفن نتوءات صغيرة لا تلبث ان تصبح كبيرة متراصة مع بعضها البعض، مما يؤدي الى ألم شديد وانتفاخ في الجفن، وينتج عنه أيضاً عدم القدرة على تحمل الضوء. ويمكن ان تظهر تورمات ليفية حول القرنية لا تلبث ان تنمو فوق القرنية نفسها مما يؤدي الى انخفاض شديد في حدة النظر.
وتكون الوقاية من الرمد الربيعي او حساسية العين في فصل الربيع من خلال الابتعاد عن الأشياء التي تسبب الحساسية مثل الغبار والأتربة والحشائش، والوقاية من الحر والغبار والابتعاد عن الأماكن التي تساعد على ظهور هذه الحساسية، واستعمال النظارات الشمسية ذات النوع الجيد لتلافي التعرض للأشعة ما فوق البنفسجية. كما ينصح الأطباء بإغلاق نوافذ المنزل في الصباح، وغسل العينين جيداً والحفاظ على نظافة المناشف، والابتعاد عن الحشائش والأتربة. ويجب التذكير بأن الرمد الربيعي من الأمراض غير المعدية والتي تزول مع تقدم العمر حتى وان استمرت لسنوات.
الدكتور شقال والحساسية
فما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث رمد العيون؟ ومن هم الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي؟ وماذا عن العوارض والعلاج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على طبيب العيون الكسندر شقال وسألناه أولاً:
ــ هل هناك أنواع من الرمد؟
- حسب نوع الحساسية اذ قد يكون ضمن بياض العين او على القرنية وقد تدمع العين، ويمكن ان يشعر الانسان بأن هناك رملاً في عينيه. أما بالنسبة للأطفال، فتسبب الحساسية الحكاك كما يحدث تقوس في القرنية. ويجب الانتباه لأمر ألا وهو عندما يبدأ الطفل بالحكاك يجب ان يصطحبه أهله الى طبيب العيون لفحص عينيه في الوقت المناسب وتلقي العلاج المناسب.
ــ وما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث الرمد في العين؟
- كأي حساسية، عندما يكون الانسان في أحضان الطبيعة او يتعرض للغبار، تُصاب عيناه بالرمد، وربما تكون لدى الانسان حساسية ضد الصابون والكريم الذي يستخدمه، وبالتالي، فإذا استعمل ــ سواء الرجل ام المرأة ــ صابوناً او كريماً معيناً وكان الجلد معرضاً للإصابة بالحساسية، فقد يؤدي الأمر للإصابة بالاكزيما (وهو شكل من أشكال التهاب الطبقات العليا من الجلد).
ويتابع الدكتور الكسندر شقال:
- وأحياناً تحدث الحساسية بدون ان يكون هناك مسبب اذ قد يكون الشخص يتناول فاكهة معينة ولكنه يصاب بالحساسية تجاه هذا النوع من الفاكهة بعد تجاوز سن الاربعين، فلا يقدر ان يتناولها لأنها تسبب له الحساسية. وقد يُصاب بعض الاشخاص بالحساسية تجاه اي كريم او مستحضر تجميلي حتى لو كانوا معتادين على استعماله انما قد تحدث الحساسية. كما ان غبار السجاد والأثاث وغيرها يسبب حدوث الحساسية حتى لو يكن الشخص مصاباً بالحساسية. ولا يغيب عن البال تلوث الهواء الذي يسبب حدوث الحساسية، وبحسب الدراسات فإن نسبة التلوث في لبنان عالية وخصوصاً في مدينة بيروت، ونسبة إصابة الناس بالحساسية في بيروت عالية. كما هناك عوامل أخرى تزيد من نسبة حدوث الحساسية مثل الأشجار وخصوصاً الصنوبر الذي يؤدي الى الإصابة بالرمد، وأيضاً الزهور بمختلف أنواعها، ولا ننسى الحيوانات الأليفة اذ في بعض الحالات تسبب حدوث الحساسية أيضاً. اذاً كل هذه الأمور يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لأنها تسبب الحساسية.
ــ وماذا عن العوارض؟
- العوارض هي التالية: حكاك في العيون، وتدمع العين أيضاً، ويشكل الضوء ازعاجاً للعينين عند الإصابة بالرمد، واحمرار في العينين، والقليل من العمش وأحياناً يحدث انتفاخ في الجفون. ويجب التذكير هنا بأن العينين تُصابان بالرمد. واذا ظهرت هذه العوارض في عين واحدة فمعنى ذلك انه ليس رمداً، ويجب ان يستشير الشخص طبيب العيون لتشخيص الحالة وعلاجها في حال كانت المشكلة غير متعلقة بالرمد الربيعي.
ــ ولماذا سُمي بالرمد الربيعي؟ هل لأنه يصيب الانسان في فصل الربيع؟
- يمكن ان يكون الرمد في العيون رمداً ربيعياً او غير ربيعي، وقد تكون لدى الشخص حساسية بسبب وجوده في الطبيعة او لديه حساسية ضد الغبار تماماً كما يشعر الشخص عندما يُصاب بالرشح. وفي معظم الأوقات، يُصاب الانسان بالرمد اذ تكون لديه حساسية في الأنف او يكون مصاباً بالربو او قد تظهر الحساسية في الأنف او غيرها من الأعضاء، او التهاب بياض العين وقد يحدث ذلك بسبب الحساسية مثلاً يكون الانسان قد التقط <فيروساً> او <بكتيريا> او اذا كان هناك احمرار في العيون، لكن يجب ان نعرف ما اذا كان الشخص قد التقط <ميكروباً>. وعندما يبدأ الربيع فإن اكثر مشكلة تعاني منها العين هي الحساسية، وتصيب <الفيروسات> العين في فصل الصيف ايضاً وليس في الربيع فقط.
ــ ومن يُصاب بالرمد الربيعي اكثر من غيره؟
- ان الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة برمد العيون وتحديداً الرمد الربيعي. كما انهم يكونون اكثر عرضة للإصابة برمد العيون لأن المناعة لديهم ضعيفة ولهذا ترين أطفالاً مصابين بالحساسية يتحسن وضعهم عندما يكبرون اذ تخف الحساسية مع التقدم في السن. ويُصاب الكبار بالرمد الربيعي طبعاً في حين يتعرض الأشخاص المصابون بالحساسية للإصابة بالرمد الربيعي اكثر من غيرهم.
ــ هل تزداد حالات الإصابة برمد العيون في لبنان؟
- لا شك ان الرمد الربيعي يصيب الناس في لبنان على مدار السنة وليس في فصل الربيع فقط، ولكن ما نلاحظه كأطباء عيون ان حالات الإصابة بالحساسية في العيون تزداد اكثر في السنوات الأخيرة بسبب تزايد نسبة التلوث في الهواء، فالدراسات تبين ان نسبة التلوث في لبنان تزداد من سنة لأخرى مما يؤثر في هذا الخصوص. كما ان مناعة الانسان تخف بسبب كثرة التلوث سواء في الهواء او التربة او الطعام والماء وغيرها. فكل هذه الأمور نأخذها بعين الاعتبار. ان الرمد الربيعي يصيب الانسان في كل الفصول انما في فصل الربيع يتأثر اكثر بسبب وجود الانسان في الطبيعة بين الأشجار والزهور مما يعرضه للإصابة بالحساسية وبالتالي يصبح معرضاً للإصابة بالرمد الربيعي.
ــ وماذا عن التشخيص؟
- عندما تظهر العوارض مثل احمرار العيون والحكاك وغيرها، فمن الضروري ان يستشير الشخص طبيب العيون لتشخيص الحالة. نلجأ الى الفحص السريري لنعرف السبب وعندئذٍ نطلب منه ان يقصد اختصاصياً في أمراض الحساسية ليخضعه للفحوصات لنعرف ما اذا كانت الحساسية هي المسبب.
ــ كيف يُعالج الرمد الربيعي؟
- اولاً، يجب التنويه بأن رمد العيون ليس بمرض خطير واذا لم يُعالج، فلن تحدث اي مشكلة خطيرة ولكن الشخص سيشعر بالانزعاج ويتضايق من العوارض التي تظهر بسبب الرمد الربيعي. هناك أدوية لمعالجة الرمد وهي عبارة عن قطرات، ولكن يجب ان نعرف المشكلة وما اذا كانت بسبب الحساسية لأنه اذا كان المسبب الحساسية فيجب ان نعالجه وإذا لم تُعالج الحساسية فقد يحدث ارتفاع في الضغط او يؤدي الأمر للإصابة بالماء الزرقاء وبالتالي يجب ان يأخذ الشخص <الكورتيزون>.
ــ وكيف نحمي العين من الرمد الربيعي؟
- الوقاية هي ان نعرف سبب حدوث الرمد الربيعي وان نعالجه. كأطباء ننصح بغسل العيون بالماء البارد في حال كان هناك حساسية، وننصح بغسل العيون بالماء الفاتر اذا كان هناك التهاب في الجفون او في حالة إصابة العين بما يُسمى <الشحاذ>. وكوننا نعيش في بلد مثل لبنان حيث الطقس الدافئ، فإن نسبة إصابة الناس بحساسية العيون اعلى من البلدان ذات الطقس البارد اذ تقل فيها نسبة الإصابة بحساسية العيون في تلك البلدان. وكما ذكرت في سياق الحديث ان نسبة إصابة الناس في لبنان بحساسية العيون تزداد اكثر في السنوات الأخيرة بسبب تزايد نسبة التلوث في الهواء وخصوصاً في مدينة بيروت.