وأعلن القاضي في تلاوة الحكم «إدانة المتهمين سيف الإسلام القذافي وعبدالله السنوسي والبغدادي المحمودي بما أسند اليهم ومعاقبتهم بالإعدام رمياً بالرصاص». وجرت محاكمة 37 من رموز نظام القذافي مثّل منهم 29 أمس أمام المحكمة من بينهم المحمودي والسنوسي. وأعلن المدعي العام صديق الصور أن الأحكام الصادرة نهائية، لكن أحكام الإعدام تحتاج إلى مصادقة المحكمة العليا عليها ضمن مهلة 60 يوماً يحق للدفاع خلالها الطعن بها. وأصدرت المحكمة ثمانية أحكام بالسجن المؤبد بينما تراوحت الأحكام الباقية بين السجن 12 سنة وخمس سنوات بدأ تنفيذها على الفور، وأعلنت براءة أربعة متهمين بينما أمرت بنقل متهم إلى مصحة عقلية. وعشية صدور الأحكام ناشدت الحكومة الشرعية المجتمع الدولي عدم الاعتراف بها باعتبارها غير قانونية وصادرة من قضاة يعملون تحت تهديد السلاح ويخشون القتل والخطف في مدينة خارجة على الشرعية. وعقب صدور الحكم دانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الأحكام. وقالت الناطقة باسم المفوضية "رافينا شامداساني" في بيان نشر في جنيف إن «الأمم المتحدة تعارض استخدام عقوبة الإعدام في كل الظروف». وأضافت «تابعنا عن كثب الاعتقال والمحاكمة ولاحظنا أن المعايير الدولية لمحاكمة عادلة لم تتحقق»، مشيرة أيضاً إلى أن المحكمة الليبية لم تتمكن من «إثبات المسؤولية الجنائية الفردية للأشخاص المدانين في جرائم محددة». وعبرت المفوضية عن استيائها أيضاً لصعوبة حصول المتهمين على محامين ومعلومات عن إساءة معاملتهم. كما أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً اعتبرت فيه أن محاكمة هؤلاء المتهمين تؤكد صعوبة «توفير العدالة في وقت يطغى فيه حكم السلاح على حكم القانون». ورأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية بدورها أن المحاكمة تخللتها «تجاوزات»، معتبرة أن ليبيا «أضاعت فرصة مهمة لتقديم العدالة في مرحلة ما بعد القذافي». وقالت أيضاً بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في بيان إن المحاكمة لم تنعقد بحسب «المعايير الدولية الخاصة بالمحاكمات العادلة». بدوره قال المحامي فرج زيدان إن المحاكمة لم تتوفر فيها الضمانات الكافية للمتهمين. ودان محامي سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية الدولية محاكمة موكله غيابياً في طرابلس ووصفها بأنها صورية. وقال المحامي البريطاني "جون جونز" أن وزير العدل الليبي إعترف بنفسه إن المحاكمة غير قانونية. وأضاف لرويترز «الأمر برمته غير قانوني من البداية للنهاية.. إنه قتل بحكم القضاء». من جهة أخرى قال محام تونسي إنه سيقاضي المسؤولين لدى السلطات التونسية الذين كانوا وراء تسليم البغدادي المحمودي. وقال "مبروك كورشيد" أحد محامي هيئة الدفاع عن المحمودي إنه سيعمل على تتبع كل من تورط في تسليم موكله إلى السلطات الليبية أواخر 2012 وكل من ساهم في إيذائه وكل من أصدر حكما باطلاً ضده. وكانت حكومة الترويكا في تونس برئاسة حمادي الجبالي آنذاك وراء تسليم البغدادي إلى السلطات الليبية. وعند سؤال المدعي العام الصور حول كيفية تنفيذ الحكم بما يتعلق بسيف الإسلام اكتفى بالقول إن «المحكمة أصدرت الأحكام وهذا عملها فقط»، وأضاف أن «القضاء في ليبيا بعيد عن التجاذبات السياسية، هناك محكمة عليا واحدة ونائب عام واحد ونتمنى أن يدوم ذلك». ومثّل المتهمون حليقي الذقن يرتدون زي السجن الأزرق، بينما كان قسم كبير منهم حليق الرأس داخل قفص الاتهام وجلسوا على كراس خشبية. وباستثناء السنوسي الذي كان يمازح احد الحراس، لزم المتهمون الصمت طوال الجلسة. وعندما بدأ القاضي بتلاوة الحكم انقطع التيار الكهربائي للحظات. ولم يصدر أي رد فعل عن المتهمين على الأحكام، إلا أن واحداً منهم هتف في نهاية الجلسة «مجرمون، بلطجية، ظلمة» فتّم إخراجه من القاعة. وأصيب متهم آخر بنوبة عصبية فراح يهز رأسه يميناً ويساراً محدقاً بالسقف قبل أن يتم اصطحابه أيضاً خارج القاعة.
وصرح أحد محامي الدفاع عن السنوسي ويدعى إبراهيم أبو عائشة «لم يأت شهود إثبات ولم يحضر شهود نفي. لذا فإن عدالة هذه المحاكمة نسبية».