بقلم وردية بطرس
سرطان الثدي هو مرض معروف ومرتبط عادة بالنساء. لكن هل يعلم الجميع ان سرطان الثدي قد يظهر لدى الرجال أيضاً؟ على الرغم من عدم وجود أثداء نافرة لدى الرجال مثل تلك الموجودة لدى النساء، فإن في جسم الرجل كمية صغيرة من أنسجة الثدي، وأثداء الرجال البالغين مشابهة في تركيبها لأثداء البنات قبل بلوغهن سن المراهقة اذ تحتوي على بضعة أنابيب مغلفة بأنسجة الثدي وأنسجة أخرى... وتبدأ هذه الأنسجة بالنمو والتطور كاستجابة لإفراز <هورمونات> أنثوية لدى السيدات، وخلافاً لذلك لدى الرجال، لا تفرز الكمية نفسها من <الهورمونات> وبالتالي لا تتطور أنسجة الثدي. ويُصاب الرجال بالنوع نفسه من سرطان الثدي الذي تُصاب به النساء، أما السرطان الذي يتطور في الأجزاء المسؤولة عن انتاج وتخزين حليب الأم فهو نادر جداً لدى الرجال.
وسرطان الثدي هو مرض معروف وحظي وبحق باهتمام وسائل الاعلام وبتسليط الضوء عليه. وتقريباً ليس هناك شخص لا يعرف ان سرطان الثدي يشكل تهديداً للحياة، ويتعين على كل امرأة اجراء الفحوصات على الأقل مرة في السنة للكشف المبكر عن الورم بالثدي في حال وجوده. اذاً سرطان الثدي ليس مرضاً نسائياً فقط.
وعلى الرغم من ان النساء هن اللواتي يعانين منه بالأساس، فإن الرجال ايضاً قد يُصابون به ويهدد حياتهم عند ظهوره، لأن لديهم أيضاً توجد أنسجة الثدي، فمن الممكن ان تنمو فيها خلايا سرطانية، وهكذا تسبب ظهور سرطان الثدي لديهم.
أما سبب ظهور سرطان الثدي لدى الرجال فحتى الآن من غير الواضح الأسباب التي تؤدي لظهور هذا السرطان. مع ذلك يبدو ان هناك رجالاً لديهم احتمال أكبر لظهور سرطان الثدي من رجال آخرين، خصوصاً بسبب سنهم (60 عاماً وما فوق)، وحقيقة وجود تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي (بأحد الثديين او كليهما). كذلك الرجال الذين تعرضوا في عمر أصغر لجرعات عالية جداً لعلاج اشعاعي قد يكونون ضمن المجموعة التي تضم احتمالاً كبيراً للإصابة بمرض سرطان الثدي. اما لماذا يندر سرطان الثدي عند الرجال فهو انه تصيب الرجال حالة واحدة فقط من بين كل 100 حالة سرطان الثدي، بينما يُصاب بسرطان الثدي رجل واحد فقط من بين 10 ملايين رجل، وذلك لأن كمية أنسجة الثدي لدى الرجل قليلة جداً، ولكونها تفرز كميات أقل من الهورمونات مثل <الأستروجين> المعروف بكونه عاملاً مؤثراً في نشوء سرطان الثدي لدى النساء.
ولقد اكتشف العلماء ان سرطان الثدي أكثر خطورة على الرجال من النساء لأنه يكتشف لديهم فقط عندما يكون المرض في مراحل متقدمة في حين يمكن ان يكتشف لدى النساء في مراحله الأولى. وكان هناك اعتقاد في الماضي بأن سرطان الثدي يصيب النساء فقط، ولكن تبين انه يمكن ان يصيب الرجال أيضاً. فقد اتضح من الدراسة التي أجراها علماء من بلجيكا ان خطورة المرض على حياة الرجال أعلى من خطورته على حياة النساء. صحيح ان المرض يصيب النساء بنسبة أعلى بكثير من الرجال، حيث يشخص عند امرأة واحدة من بين ثماني نساء، خلال الفحوصات السنوية التي تخضع لها النساء في بلجيكا، في حين لا يخضع الرجال لمثل هذه الفحوصات، لذلك يتأخر تشخيص المرض عندهم. كما ان من بين كل 100 إصابة بسرطان الثدي إصابة واحدة فقط لدى الرجل. ويقول الباحثون ان سرطان الثدي عند الرجال يكتشف عندما يصبح واضحاً للعيان.
سبب سرطان الثدي عند الرجل
أما لماذا يُصاب الرجل بسرطان الثدي فكما هو معلوم ان الغدة الثديية عند الرجل غير متطورة، بسبب انخفاض مستوى الهورمونات الجنسية النسائية في جسمه، وهي المسؤولة عن تطور ونمو هذه الغدة. ان العوامل الرئيسية لإصابة الرجل بسرطان الثدي تعود الى تضخم هذه الغدة بسبب اختلال التوازن الهرموني حيث ثبت ان 30 الى 70 بالمئة من الاصابات سببها هذا التضخم. كما قد تحدث الإصابة لأسباب وراثية حيث تنتقل التغيرات الجينية من الوالدين الى الأبناء. ويشير بعض الخبراء الى ان سرطان الثدي ينتشر بين الرجال العاملين في الورشات ذات درجات الحرارة المرتفعة، وبين الرجال الذين تعرضوا في طفولتهم لعلاج منطقة الصدر بالأشعة. وأهم عوارض إصابة الرجل بهذا المرض هي ظهور عقدة تحت حلمة الثدي او بالقرب منها، كما يلاحظ في بعض الأحيان خروج افرازات مع الدم من الحلمة. وعند عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة تتضخم الغدد اللمفاوية تحت الابط.
ويعالج سرطان الثدي عند الرجال بالطرق نفسها المستخدمة في علاجه عند النساء. وسرطان الثدي الذي يصيب نحو واحد بالمئة من الرجال يقول خبراء ان معظم المصابين به من الرجال يتجاهلون الأعراض، وهو ما برر نجاة النساء مقارنة بالرجال، لذا ينصح باستشارة الطبيب في حال الشعور بألياف خصوصاً اذا تجاوز الرجل سن الخمسين او كان يعاني من السمنة.
الدكتورة ميرنا الحاج تشرح
فهل من مسببات لحدوث سرطان الثدي لدى الرجال؟ وما هي عوارضه؟ وهل طرق التشخيص والعلاج هي نفسها التي تُستخدم لعلاج سرطان الثدي لدى النساء؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتورة ميرنا الحاج اختصاصية في أمراض الدم والأورام ونسألها عن نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى الرجال فتقول:
- ان نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى الرجال هي واحد على مئة ولكن هذه ليست نسبة قليلة، وما يجعل سرطان الثدي عند الرجل اكثر خطورة من سرطان الثدي عند المرأة هو ان الغدة اللمفاوية عند الرجل صغيرة اذ انها قريبة من عضل الصدر، ولهذا يصل المرض الى العضل اذ تظهر درنتان تحت الابط، ولهذا فإن انتشاره في جسم الرجل أسرع من انتشاره في جسم المرأة، وهو اخطر مما هو الوضع عند المرأة. اذاً إصابة الرجل بسرطان الثدي واحد مقابل مئة امرأة. ويذكر ان سرطان الثدي الذي يصيب الرجال يعتبر أخطر من ذلك الذي يصيب النساء لأن الكشف عن المرض لا يتم بصورة مبكرة، وفي أسوأ الحالات يكون قد انتشر في الجسم وهو ما يصعب معه العلاج.
ــ وهل من مسببات لحدوث سرطان الثدي عند الرجل؟
- أولاً الرجل لا يأخذ الهرمونات ولكن ليست هناك مسببات لحدوث سرطان الثدي عند الرجل مثل سرطان الثدي عند المرأة عندما يكون المرض وراثياً في عائلة المرأة اي امها او شقيقتها فهذا واحد من أسباب حدوث سرطان الثدي عند المرأة. ولدى النساء توارث اكثر بما يتعلق بسرطان الثدي. ثانياً ان البدانة تزيد من الإصابة بالسرطان بما فيه سرطان الثدي. ولكن ليس هناك سبب معين اكثر من غيره... وهناك أشخاص سبق ان خضعوا لعلاج كيميائي وأشعة اكثر من غيرهم فهناك احتمال ان يُصابوا بسرطان الثدي، واذا كان الأشخاص قد اصيبوا بالسرطان من قبل فهم معرضون للإصابة بسرطان الثدي او اي نوع من الأمراض السرطانية. وبشكل عام هذه هي الأسباب ولكن ليس هناك سبب معين يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي عند الرجل.
ــ وما هي العوارض؟
- العوارض هي الآتية: يكبر حجم الثدي عند الرجل وطبعاً حجمه في الأساس صغير، ولكن عند الإصابة بسرطان الثدي يبدو حجم الثدي اكبر مما كان قبل الإصابة بالمرض، او ممكن ان تظهر مثل كتلة داخل الثدي او حتى الشعور بالألم. كما يظهر احمرار حول الثدي او التهاب وقد يكون اي التهاب، ولكن هذا لا يعني انه اذا ظهر اي التهاب او احمرار في الثدي انه مصاب بسرطان الثدي، ولكن عليه ان يستشير الطبيب المختص عند ظهور هذه العلامات او العوارض.
خريطة طريق التشخيص
ــ وكيف يتم التشخيص؟
يتم التشخيص على الشكل الآتي: أولاً، لا نخضع الرجل لفحص <الماموغرافي> كما نخضع المرأة في هذه الحالة، بل نخضعه لفحص <Ultra Sound> (الرنين المغناطيسي) لأن ثدي الرجل صغير، وبالتالي لا نقدر ان نخضعه لفحص <الماموغرافي>، بل نأخذ خزعة ونرسلها الى مختبر الأنسجة وبعد يوم نحصل على النتيجة وعما اذا كانت هناك خلايا سرطانية. اذاً نجري هذا الفحص على الخزعة اذا كانت الكتلة حساسة على هورمونات معينة ام لا لكي نعرف ماذا ينقصه من علاج.
ــ وماذا عن العلاج؟
- عندما نقوم بالتشخيص نرى مدى امتداد او انتشار المرض داخل الثدي عند الرجل، اذ يجب ان نعرف ما اذا كان المرض منتشراً داخل الثدي ام لا اذ لا داعٍ لاخضاعه لعملية جراحية لنعرف ذلك، ونرسل صورة صوتية تعكس كل الأعضاء الداخلية حتى العظام ونخضعه لفحص الرنيم المغناطيسي لأن فحص <السكانر> لا يظهر بالتحديد ولهذا نخضعه لفحص الرنيم المغناطيسي للرأس لنعرف ما اذا كان المرض منتشراً وكيف سنعالجه.
وتتابع:
- هناك أربعة أنواع لعلاجات سرطان الثدي كما العملية الجراحية اي استئصال كامل، اذ لا نقدر ان نقوم باستئصال جزئي ونكتشف الدرنات تحت الابط. ولدينا طريقتان: فإما ان نشق تحت الابط ونأخذ الدرنات وهي تقريباً 12 درنة ونرسلها الى مختبر الأنسجة، ونضيف إليها مادة زرقاء في مكان الورم ونتابع وضع المريض وهو تحت تأثير البنج، فإذا اصبح ازرق اللون عندئذٍ نرسلها الى مختبر الأنسجة، وبعد ربع ساعة نحصل على النتيجة، فإذا تبين ان هناك خلايا سرطانية نكمل العملية الجراحية، واذا لم يتبين ذلك، نتوقف عند هذا الحد. وهذا مهم جداً لنعرف ما اذا كانت هناك خطورة على المريض لأنه قد يحدث تورم في يد الرجل. اذاً هذه اول عملية استئصال جزئي للثدي تحت الابط. والعلاج الثاني هو العلاجات الكيميائية لهدف وقائي وذلك لمدة ستة أشهر من العلاج الكيميائي بهدف وقائي اي بعد ستة أشهر على علاج كيميائي، الهدف الآخر ليس هناك مرض منتشر عند الرجل بعد العلاج الكيميائي.
وتتابع:
- النوع الثالث هو علاجات الأشعة للكشف عما اذا كانت هناك خلايا سرطانية لكي نقوم بحرقها قبل ان تتكاثر وتسبب مشاكل له. والنوع الرابع هو العلاج الهرموني، فالعلاجات التي نستعملها للمرأة هي نفسها التي نستخدمها للرجل، الا ان الخلايا حساسة لهذا النوع من العلاج اذ نعطي المريض حبة كل يوم وذلك لمدة خمس سنوات. هناك علاج واحد نقوم به وهو العلاج المهدّف نقوم به مع العلاج الكيميائي ولكن نضطر الى ان نقوم به اذا كان هناك سرطان في الخلايا، عندئذٍ نتابع العلاج كل ثلاثة أشهر ولاحقاً كل ستة أشهر، اذ نخضع الرجل لفحص الصورة للثدي والبطن والرأس.
ــ وهل من طرق وقائية؟
- مــــن الضـــــروري الا يهمـــــل الرجــــــل نفســــه عندما تظهر العوارض التي ذكرناها في سياق الحديث، ولهذا ننصح بالكشف المبكر لأنه يشكل خطورة عليه اكثر من المرأة عند الإصابة بسرطان الثدي، وبالتالي ان استشارة الطبيب المختص امر ضروري وملح لتفادي مشاكل خطيرة.