ختم ولي العهد السعودي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز جولته الآسيوية بزيارة الصين التي أشار إليها نبي الاسلام (صلى الله عليه وسلم) بقوله: <أطلبوا العلم ولو في الصين>، وعاد الى الرياض. وكان لولي العهد السعودي في الصين بلاد الحكماء، منذ عهد <كونفوشيوس> استقبال متميز، بدءاً من الرئيس الصيني <شي جين بينغ> ونائب الرئيس الصيني <لي يوان تشاو>، ورئيس الوزراء الصيني <لي كينغ لانغ>، ووزير الدفاع الصيني <تشانغ وانغ وان>. وفي محادثات الأمير سلمان مع الرئيس الصيني <شي جين بينغ> لم يغب الجانب السياسي المتمثل بمأساة الشعب السوري، حيث دعا الرئيس الصيني الى التعاون لإنهاء أزمة سوريا وفقاً لبيان <جنيف واحد> الصادر عام 2012، بكل ما يكفل حقن دماء الأبرياء وإنشاء هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة..
وفي حفلة استقبال أقامتها القيادة الصينية على شرفه، قال الأمير سلمان: إن السعودية تقدر مواقف الصين الايجابية تجاه القضية الفلسطينية. ونحن نتطلع الى الصين بصفتها قطباً دولياً ذا ثقل سياسي واقتصادي كبير، لكي تقوم بدور بارز لتحقيق السلام والأمن في المنطقة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وهي المبادرة التي أطلقها من القمة العربية في بيروت عام
2002 خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد الى
جانب الملك فهد بن عبد العزيز طيب الله ثراه.
وأكد الأمير سلمان أن زيارته لبكين تأتي في إطار توجهات خادم الحرمين الشريفين <لب
ناء شراكة استراتيجية بين بلدينا الصديقين تقوم على مبادئ الخير والاحترام والحرص على توثيق التعاون وتعميق الحوار والتواصل وتنمية علاقاتنا الثنائية في المجالات كافة>.
وبدوره أكد الرئيس الصيني <شي جين بينغ> موقف بلاده الداعم دوماً للقضية الفلسطينية، وعلى تواصل جهود الصين لتسهيل محادثات السلام، كما عبّر عن مساندة الصين لجهود المملكة السعودية الرامية الى المحافظة على استقرار المنطقة مع استعداد الصين لزيادة التنسيق مع السعودية من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة.
تعاون سعودي ــ صيني على أوسع نطاق
وفي بيان للديوان الملكي السعودي (رئيسه السيد خالد التويجري) وصفت زيارة ولي العهد السعودي للصين بأنها تأتي <استمراراً لنهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في التواصل مع قادة العالم في كل ما فيه مصلحة الشعب السعودي>.
ومما قاله الرئيس الصيني <جين بينغ>
في المحادثات الثنائية حول المنطقة إن تطوير العلاقات الثنائية الودية مع المملكة السعودية <يسير وفق سياسة راسخة وطويلة الأمد للصين> داعياً الى تمتين الشراكة بين البلدين <وان على الجانبين الحفاظ على مستوى عال من التبادل الديبلوماسي والدعم المتبادل بشأن القضايا التي تتعلق بالمصالح الجوهرية للطرفين>، وأعرب عن مساندة بكين لما اختارته الرياض من مسار تنموي يتناسب وظروفها.
ونوّه الرئيس الصيني بتبادل الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات، وسعي حكومة كل من البلدين الى تعزيز التعاون القائم بينهما، مؤكداً ان الأمير سلمان بن عبد العزيز يعد صديقاً للصين منذ القدم حيث قدم مساهمات كبيرة من أجل تطوير التعاون بين بلاده والصين مما أضفى الكثير للعلاقات بين البلدين الصديقين.
أما من الجانب الصيني، فقد حضر الاجتماع ومأدبة العشاء التكريمية عضو مجلس الدولة <يانغ جينغ شي>، ووزير الخارجية <وانغ يي> ومدير لجنة التنمية والاصلاح <تشيو تشاو وي>، وسفير الصين لدى السعودية <لي تشنغ وين> وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة الصينية. وقد أقام الرئيس الصيني مأدبة عشاء تكريماً لضيفه الكبير والوفد المرافق، وحضر الاجتماع ومأدبة العشاء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس ديوان ولي العهد ومستشاره الخاص، والمهندس علي بن ابراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور ابراهيم العساف وزير المال، والدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام، والدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير التجارة والصناعة، والدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، والفريق الركن عبد الرحمن بن صالح البنيان نائب رئيس هيئة الأركان العامة، والسفير يحيى بن عبد الكريم الزيد سفير السعودية في بكين.
من جهته، رحب نائب الرئيس الصيني <لي يوان تشاو> بولي العهد السعودي، وهو يزوره في ديوان مكتبه، وقال إن للسعودية مكانتها الكبيرة، وهي أهم شريك استراتيجي للصين في الشرق الأوسط والخليج العربي، وان بلاده تولي زيارة ولي العهد السعودي اهتماماً كبيراً وان حرص القيادة الصينية على الاجتماع مع الأمير سلمان خير دليل على متانة العلاقات وعلى الرغبة في تطويرها.
وشكر الأمير سلمان لنائب الرئيس الصيني دعوته له لزيارة الصين، وما أظهره من مشاعر ودية تجاه السعودية، ولفت سموه الى أن زيارته تأتي امتداداً لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل ثمانية أعوام، وهي الزيارة التي أرست لعهد جديد في العلاقات بين بلدينا.
مبان جامعية بتمويل سعودي
وقد أعرب الأمير سلمان عن ارتياح بلاده لما توصل إليه الطرفان من توافق في الآراء مع الرئيس الصيني حول القضايا والمواضيع التي جرى بحثها، بما في ذلك الاتفاق على توسيع دائرة التعاون الثنائي وخاصة في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والصناعية والتقنية والعلوم وفي مجال الطاقة والثقافة والعمل على توثيق الصلات بين القطاع الخاص في البلدين وإقامة المشاريع والاستثمارات المشتركة وبما يحقق المصالح المتبادلة للشعبين الصديقين.
وقال الأمير سلمان: <إن التعاون المثمر بين بلدينا لم يعد مقتصراً على مجالات محدودة، فنحن نشهد تحول هذه العلاقة الى شراكة استراتيجية ذات أبعاد واسعة لما فيه خير الشعبين
الصديقين>، وأكد ان توقيع مذكرات التفاهم في الاستثمار والتعاون في علوم وتقنية الفضاء وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع انشاء مبان جامعية في اقليم <سانشي> يعكس عمق هذه الشراكة وأهدافها الخيّرة التي تقوم على أساس الرغبة المشتركة في استمرار التواصل التاريخي بين شعبينا وسعينا المشترك لتحقيق التنمية الشاملة في بلدينا ولخدمة السلام والاستقرار.
وشهد ولي العهد السعودي ونائب الرئيس الصيني مراسم توقيع أربع اتفاقيات بين السعودية والصين في مجال التجارة والص
ناعة والمصلحة العامة لمراقبة الجودة والفحص والحجر الصحي في الصين، ومذكرة تفاهم بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة وإدارة الفضاء الوطنية الصينية للتعاون في علوم وتقنيات الفضاء.
أما الاتفاقية الثالثة، فقد اشتملت على مذكرة تفاهم حول مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في مشروع إنشاء المقر الجديد لجامعة <ليو ليانغ> في محافظة <شنسي> الصينية، والاتفاقية الرابعة كانت في مجال التعاون في تنمية الاستثمار في السعودية وهيئة تنمية الاستثمار التابعة لوزارة التجارة الصينية.