رؤوف أبو زكي: السياحة الصحية أهم أهداف العراقيين في لبنان الى جانب الاستثمارات والتبادل المصرفي!
كان <المؤتمر المصرفي العراقي - اللبناني> المنعقد في بيروت حتى آخر الشهر الحالي هو الأول من نوعه من حيث تناوله التطورات المصرفية في كلا البلدين ومجالات التعاون الواعدة بين المصارف العراقية واللبنانية في ظل العلاقات الاقتصادية المتنامية، والمتتبع للامور يرى ان انعقاد هذا المؤتمر في فندق <موفنبيك> قد فرضته الرغبة المتبادلة بالالتقاء والقناعة المشتركة بوجود مصالح مشتركة.
للاطلاع على وقائع هذا المؤتمر وعلى العلاقات الاقتصادية والمصرفية بين لبنان والعراق وعلى خطط التطوير لدى المصارف اللبنانية والعراقية، قابلت <الافكار> الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والاعمال الاستاذ رؤوف ابو زكي، كما قابلت محافظ البنك المركزي العراقي عبد الباسط تركي سعيد و مستشار مجلس ادارة مصرف <اشور> الدولي الاستاذ عدنان الجلبي، حاورتهم وجاءت بالتحقيق الآتي:
بداية اشار رؤوف ابو زكي الى ان العلاقات الاقتصادية والمصرفية بين لبنان والعراق متقادمة العهد إذ اسس بنك <الرافدين> العراقي فرعاً له في لبنان في العام 1948 وكان بذلك أحد أقدم البنوك العاملة في لبنان بعد بنك مصر سوريا لبنان. كذلك كان السياح ورجال الأعمال والمستثمرون العراقيون في مقدمة الاخوة العرب الذين قدموا إلى لبنان للاصطياف والتسوق والاستثمار وممارسة الأعمال على اختلافها منذ خمسينات القرن الماضي، وكان العراق سوقاً رئيسياً أمام الصادرات الصناعية اللبنانية.
عراق المصارف
ويتابع أبو زكي:
- نشهد اليوم نمواً متسارعاً في السياحة العراقية إلى لبنان، منها بشكل خاص السياحة الصحية. وهناك أيضاً استثمارات عراقية متزايدة في لبنان، خاصة في العقارات، ويقابل ذلك نشاط متنام لرجال الأعمال اللبنانيين في العراق وبشكل خاص للمصارف اللبنانية حيث هناك 7 مصارف عاملة، وأربعة مصارف تستعد للدخول. والمعروف أن المصارف اللبنانية كانت سباقة بين البنوك الأجنبية والعربية في الدخول الى السوق العراقي وقد غطى نشاطها العاصمة بغداد وأربيل والبصرة، وهي تقوم اليوم بدور اساسي في تطوير الخدمات المصرفية في العراق بالتعاون مع المصارف العراقية ومكونات السوق النقدية الأخرى، وتعتمد في ذلك على الخبرة الطويلة للعمل المصرفي في لبنان، خاصة في ظل بيئة من المخاطر المرتفعة، وعلى السيولة المتوفرة لديها والتي تمكنها من الاستثمار في فروع وعمليات خارج لبنان.
ــ ما هي مجالات التعاون المصرفي بين البلدين؟
- هناك مجالات واسعة للتعاون المصرفي بين البلدين، بحيث تستفيد المصارف والسلطات النقدية في العراق من التجربة اللبنانية، سواء من حيث العمل المصرفي في ظل الأزمات والمخاطر، أم من حيث تطوير الخدمات والمنتجات المصرفية المختلفة، أم من حيث قواعد وممارسات الرقابة على المصارف، وتجربة السياسات الكفيلة بالمحافظة على الاستقرار النقدي والمصرفي عامة. ويقابل ذلك ما ستحققه المصارف اللبنانية العاملة في العراق وتلك المرتقب دخولها مستقبلاً، من الفرص الكبيرة التي توفرها هذه السوق، وذلك بالأخص في ضوء خطط الاستثمار والمشاريع التنموية والتي ستوفر مجالات وفرصاً كبيرة لتوسع نشاط القطاع الخاص، وفي ضوء السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي العراقي والتشجيع المستمر للقطاع المصرفي الخاص.
ــ ما سبب اهتمام مجموعة <الاقتصاد والاعمال> بإقامة هذا المؤتمر؟ وهل هنالك مؤتمرات مشابهة لدول عربية اخرى؟
- ليست المرة الأولى التي تعنى فيها مجموعة الاقتصاد والأعمال بشؤون العراق إذ سبق لها أن نظمت في العام 2004 <ملتقى العراق الاقتصادي> في بيروت والذي يعتبر أكبر ملتقى اقتصادي لرجال الأعمال العراقيين ونظرائهم اللبنانيين والعرب. وعادت المجموعة ونظمت ندوة عن العراق في العاصمة الأردنية وندوة أخرى عن الكهرباء إضافة إلى معرضين نظمتهما في بغداد الأول عن الزراعة والغذاء والثاني عن مواد البناء. وها نحن نعود معكم إلى الشأن العراقي من باب العلاقات المصرفية اللبنانية - العراقية.
ويضيف أبو زكي:
- ويأتي هذا المؤتمر ليضفي بعداً جديداً على سلسلة المؤتمرات والملتقيات التي دأبت مجموعة الاقتصاد والأعمال على تنظيمها في مختلف الدول العربية وغير العربية والتي بلغ عددها نحو 300 مؤتمر في 30 دولة. وقد سبق للمجموعة أن نظمت هذا العام سلسلة من المؤتمرات في موريتانيا وقطر ولبنان وسلطنة عُمان وجنيف. وهي تستعد لتنظيم مؤتمر الاستثمار في سوق العراق للأوراق المالية في 14 - 15 أيار/ مايو في دبي، كذلك <الملتقى الاقتصادي التركي-العربي> في اسطنبول يومي 28 - 29 أيار/ مايو المقبل ولتنظيم الــــــدورة الـ 22 من <منتدى الاقتصاد العربي> في بيروت يوم 19 حزيران/ يونيو المقبل. هدف مجموعة <الاقتصاد والأعمال> من كل ذلك كان ولم يــــــزل هو التعريف بالاقتصادات العربية ومزاياها وفرص الاستثمار فيها وتعزيز التعاون والتبادل في ما بينها ومع بقية العالم والإضاءة على قضايا معينة وبحثها بشكل متعمق.
الدكتور سعيد والخدمات المصرفية
اما محافظ البنك العراقي المركزي الدكتور عبد الباسط تركي سعيد فألمح الى ان حجم المصارف اللبنانية العاملة في العراق صغير قياساً إلى ضخامة السوق المصرفية العراقية بالرغم من كون 80 بالمئة من إجمالي الموجودات و90 بالمئة من إجمالي الودائع هي من حصة المصارف الحكومية السبعة.
ــ ما الهدف من التعاون المصرفي بين لبنان والعراق؟
- هنالك اهداف عدة اهمها:
أولاً: تطوير تقنيّات العمل المصرفي في العراق، بما فيها نُظُم العمل وأنظمة وشبكة الفروع بحيث تغطّي ما أمكن من أرجاء العراق.
ثانياً: تطوير وتحديث الخدمات المصرفية العديدة التي تحتاجها السوق العراقية، والتي أطلقنا عليها، في حوارنا مع السلطات النقدية اللبنانية، مصطلح الصيرفة الشاملة باعتبارها تشمل التسليف بأنواعه كافة وإصدار خطابات الضمان والبطاقات الائتمانية والعديد من الأنشطة المصرفية وأدوات الدفع، كالتحاويل من وإلى العراق وخدمات المصارف المراسلة وفتح وتثبيت الاعتمادات المستدينة. باختصار، نحن نسعى فعلاً إلى تطوير العلاقات المصرفية داخل العراق وبين العراق والخارج، الأمر الذي من شأنه طبعاً المساهمة بفعاليّة في تنمية الاقتصاد العراقي بمختلف قطاعاته الواعدة وفي إعادة إعمار وتطوير البُنى التحتيّة للبلاد.
ثالثاً: إعداد الكوادر المصرفيّة المؤهَّلة تأهيلاً كافياً وعالياً. إذ يرتكز نجاح العمل المصرفي بشكل متوازن على الإدارة والتنظيم من جهة، وعلى كفاءة العاملين وأدائهم، من جهة ثانية. ولا نفشي سرّاً إن قلنا إنّ مجموعاتٍ كاملةً من الموظفين المصرفيّين العراقيّين يتابعون دورات تدريبيّة في المقرّات الرئيسيّة لمصارف لبنان وفي فروعها، وتشهد إدارات المصارف اللبنانية على جدّيتهم وحرصهم الشديد على تحصيل المزيد من الخبرات والتقنيات المهنيّة.
ويضيف سعيد:
- ولا يسعني غير أن أُشير بل أن أُشيد بالجهود الحثيثة والمتواصلة التي يبذلها البنك المركزي العراقي والسلطات المعنيّة الأخرى من أجل استكمال إطار عمل المصارف، في ما يعود إلى مركزيّة المخاطر ومركزيّة الاستعلام عن الشركات، والى السماح للمصارف الأجنبية، كما في كلّ دول العالم، بأن تقدّم الخدمات المصرفية للعمليات الحكوميّة وبأن تُدرَجْ تالياً على لائحة المصارف المقبول التعامل معها من قبل الوزارات والمؤسّسات العامة.
الجلبي والمصارف اللبنانية السبعة
اما عدنان الجلبي مستشار مجلس ادارة مصرف <اشور> الدولي للاستثمار، فأشار الى ان خطط التطوير لدى المصارف العراقية تتركز في محورين رئيسيين:
الاول ويركز على بناء البنية التحتية للقطاع المصرفي.
اما الثاني فيتمثل بجهود المصارف في التطوير ووضع الخطط لذلك ويتم هذا الامر عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة في العمل المصرفي، وتدريب الكوادر المصرفية داخل وخارج العراق .
ــ من خلال مراجعة دقيقة لعدد المصارف في العراق، نرى ان هنالك عدم انسجام ما بين عدد المصارف وعدد السكان، فهل بإمكانك ايضاح هذا الامر بالارقام؟
- بالفعل ان عدد المصارف العاملة في العراق لا ينسجم مع عدد السكان، حيث ان الكثافة المصرفية تبلغ مصرفاً واحداً لكل 45 ألف شخص، في حين ان الكثافة المصرفية المعيارية هي مصرف واحد لكل 10 آلاف نسمة، حيث ان عدد المصارف الآن هو 54 مصرفاً منها 7 مصارف حكومية، و47 مصرفاً خاصاً، موزعة بين 23 مصرفاً محلياً و 12 مصرفاً اسلامياً و 12 مصرفاً اجنبياً منها 7 مصارف لبنانية.
ــ اشرت الى ان هنالك 7 مصارف لبنانية في العراق، فهل بالامكان الاستفادة من خبرات هذه المصارف؟
- انني ومن خلال المؤتمر المصرفي العراقي - اللبناني ادعو الى تفعيل التعاون الفني والمهني بين المصارف العراقية الخاصة والمصارف اللبنانية لتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا الحديثة في مجال العمل المصرفي، اضافة الى التعاون في مجال التدريب واقامة العلاقات المصرفية، ومنح التسهيلات المصرفية، خاصة ان هناك فروعاً لمصارف لبنانية عاملة في العراق، وكذلك عدد محدود من المصارف العراقية في لبنان، اضافة الى وجود شركات لبنانية استثمارية عاملة في العراق.
ويتابع الجلبي:
- كما ادعو الى ضرورة العمل على تأسيس مصارف خاصة لتمويل المشاريع الصناعية والزراعية والعقارية، وكذلك على المصارف الخاصة الاتجاه مستقبلاً الى انشاء شركات تأمين ساندة لعملها المصرفي حيث ان المصارف تحتاج الى التأمين في مجالات عديدة من عملها وكذلك زبائن تلك المصارف، والعمل على التوسع باستخدام التقنية الحديثة في العمل المصرفي وإضافة خدمات مصرفية جديدة وتطوير الخدمات المقدمة حالياً، ولا يسعني الا ان اؤكد ان المصارف الخاصة تأسست في العراق في ظروف صعبة وباشرت اعمالها معتمدة على الامكانيات الذاتية وبمساعدة البنك المركزي العراقي.