بقلم وردية بطرس
الاختصاصية في الغدد الصماء والسكري الدكتورة اليزابيت أبو جودة: 463 مليون مصاب بالسكري في العالم والتشخيص ضروري لتفادي حدوث مضاعفات شديدة
[caption id="attachment_83075" align="alignleft" width="333"] الفحص الروتيني لمرضى السكري أمر لا بد منه[/caption]اختارت الأمم المتحدة للاحتفال باليوم العالمي لمرضى السكري لعام 2020، يوم الرابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) بهدف زيادة الوعي حول الدور الأساسي الذي يقوم به الممرضون والممرضات لدعم المصابين بمرض السكري. صحيح أن فيروس "كورونا المستجد" يفتك بالشعوب ويصيب الملايين ويؤدي الى الوفيات، ولكن لا يغيب عن البال بأن الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط تزداد في العالم نظراً لتغيّر نمط الحياة من جهة والشعور بالقلق والخوف من الاصابة بالفيروس فلا يكترث الكثيرين لاجراء فحص السكري الى ما هنالك، وبالتالي من الضروري اجراء فحص السكري بانتظام والتقيد بالتوصيات لأن المضاعفات التي تظهر لدى مرضى السكري عند الاصابة بالفيروس شديدة وقد تودي الى الوفاة في بعض الحالات.
الدكتورة أبو جودة وارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكري
فما أهمية التشخيص؟ وماذا عن العلاجات الجديدة؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها الاختصاصية في الغدد الصماء والسكري والكوليسترول الدكتورة اليزابيت أبو جودة وهي أستاذة محاضرة في جامعة الروح القدس – الكسليك وسألناها:
* في اليوم العالمي للسكري تبين أن نسبة الاصابة بمرض السكري قد ازدادت أكثر فما السبب؟ والي أي مدى أدى تغيّر نمط حياة الناس في ظل وباء الكورونا الى ازدياد نسبة المرض؟
- أولاً مرض السكري هو مرض مزمن ويزيد في العالم كله، حالياً هناك 463 مليون مصاب بالسكري في العالم. وللأسف نصف المصابين لا يعلمون أنهم مصابون بالسكري اذ نكتشف اصابتهم من خلال حملات التوعية او عند اجراء فحوصات الدم وهنا خطورة المرض. السكري هو نوعان: سكري من النوع الأول الذي يُصاب به الأطفال والمراهقون والذين هم ما دون سن الأربعين بالاجمال، حيث يشكل من 5 الى 10 في المئة من مرضى السكري، وهنا جهاز المناعة في الجسم يفتك بخلايا (بيتا) في البنكرياس الذي يفرز الأنسولين. والنوع الأكثر شيوعاً الذي يشكل 90 الى 95 في المئة من مرض السكري هو من النوع الثاني. والسبب ان النوع الثاني مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسمنة والبدانة. وكما نرى ان السمنة والبدانة تزداد في العالم كله اذ تغيّر نمط الحياة فالناس لا يقومون بالتمارين الرياضية، ويتناولون الوجبات السريعة أكثر. ولا ننسى ان التوتر ازداد كثيراً أينما كان خصوصاً منذ بداية جائحة "الكورونا" حث يلازم الناس بيوتهم ويشعرون بالتوتر والضغط . فكل هذه الأمور ادت الى زيادة نسبة السكر في الدم ولاسيما خلال الحجر المنزلي لأن الناس يكثرون من تناول الطعام ولا يقومون بالتمارين الرياضية ويشعرون بالخوف والتوتر بسبب الفيروس ، وأصبحوا يشعرون بعوارض السكري ، حيث تبين أن نسبة السكر في الدم قد ارتفعت لديهم اي وصلت الى 400 و 500 وهذا بالاجمال أكثر شيء يكوّن النوع الأول والنوع الثاني. ولكن هناك أيضاً سكري الحمل والسكري الثانوي، اي اذ كان هناك خلل بالغدة الدرقية أو خلل بغدة النمو أو ان المريض يأخذ دواء الكورتيزون فهذه الأمور كلها تؤدي الى ارتفاع نسبة السكر في الدم. تجدر الاشارة الى أن كل أنواع السكري تعالج ولكن أهم ما في الأمر أننا نعمل بطريقة بأن نجعل المريض مشتركاً معنا بعلاجه وأن يساعد بتغيير نمط حياته أي بالعلاج الغذائي والتمارين الرياضية وكيف يتناول دواءه، وأن يتناقش مع طبيبه عما هو الأفضل له لأن اليوم هناك علاجات جديدة كثيرة. وبالتالي ندخل المريض ما نسميه "Patient Centered Protocol" بعلاجات السكري
أهمية التشخيص
* ما أهمية التشخيص خصوصاً أنه في كثير من الأحيان لا تظهر أعراض السكري؟
- في كثير من الأحيان لا تظهر أعراض مرض السكري، يعني اذا لم يرتفع نسبة السكر فوق 200 و 250 فلن تظهر الأعراض، عندما يرتفع نسبة السكر أكثر من 180 ميليغرام/ ديسيلتر في الدم سيمّر في البول وعندما يحصل ذلك يأخذ معه كمية من الماء الى البول واذا ازدادت كمية ادرار البول يشعر المريض بالعطش أكثر وبجفاف في الفم وبالتالي يشعر أنه يريد ان يشرب كمية من الماء اكثر ويتبول اكثر. ولكن هنا يكون السكر قد ارتفع لكي تظهر أعراضه ويفقد المريض من وزنه، وأحياناً نكتشف ان نسبة السكر لدى المريض ربما 120 او 150 او 130 ولكنه لا يشعر
[caption id="attachment_83251" align="alignleft" width="167"] :الدكتورة اليزابيت أبو جودة أصبح علاج السكري سهلاً بفضل العلاجات الجديدة التي تنظّم السكر وتخفّض المخزون.[/caption]بأي أعراض وهنا خطورته لأن المرض يعمل بشكل صامت ويؤثر على شرايين القلب وشرايين الكلى والقدمين والعيون من دون ان يشعر المريض، ولهذا أهمية الكشف المبكر من خلال اجراء فحص الدم مرة في السنة وفحص نسبة السكر في الدم وأيضاً فحص مخزون السكر. ان نسبة السكر في الدم على الريق يجب ان تكون كحد أقصى 99 ميليغرام/ديسيلتر، وللأسف لا نزال نرى في بعض المختبرات أنهم يضعونها 105 و 110 وحتى 115 بينما يجب ان يكون كحد أقصى 99 ميليغرام / ديسيلتر، فاذا كان السكري ما بين 100 و 120 يكون ذلك ما قبل داء السكري او لدى الشخص استعداد للسكري، واذا كان 126 وما فوق يصبح لدى المريض داء السكري.
وتتابع:
- بالنسبة لمخزون السكري فكنا نستعمله لكي نرى اذا كان السكر منتظماً في الجسم، أي كنا نستعمله كأداة ووسيلة لنرى مدى انتظام السكر في الجسم آخر ثلاثة أشهر. وحالياً أصبحنا نستعمله لتشخيص مرض السكري. يجب ان يكون مخزون السكري 5,6 في المئة هذا كحد أقصى، واذا ارتفع وأصبح 5,7 الى 6,4 يكون هناك استعداد للسكري واذا ارتفع مخزون السكر عن 6,5 وما فوق يصبح هناك مرض السكري. واذا شعر المريض بالأعراض أي أنه يشعر بالعطش كثيراً ويتبوّل كثيراً ويفقد من وزنه وقمنا بفحص السكر لديه بأي وقت في النهار صباحاً او مساءً وكانت نسبة السكر فوق 200 ميليغرام / ديسيلتر ففي هذه الحالة يتم تشخيص الحالة بأنها مرض السكري وحتى لو كان في بيته وهو يقوم بفحص السكر بواسطة الآلة وتبين انه أكثر من 200 ميليغرام ديسيلتر عندها يكون التشخيص بأنه مصاب بالسكري.
العلاجات الجديدة
* ماذا عن العلاجات الجديدة؟
- لدينا علاجات متقدمة جداً، في السابق كنا نقول إن السكر لا ينتظم وإن المخزون يظل مرتفعاً ولكن الآن غير مسموح في وقتنا هذا في 2020 أن نقول هذا الكلام اذ ليس هناك سكري لا ينتظم فاليوم أصبح الأمر أسهل بفضل العلاجات الجديدة التي تنظّم السكر وتخفّض المخزون، ولا تعمل فقط على السكري بل على ما أبعد من مستويات السكري، اذ تعمل على حماية القلب وأيضاً الكلى. ان نسبة الوفيات لدى مرض السكري تكون بسبب القلب وقصور القلب او الذبحة فهذه كلها من أسباب الوفيات لدى مرضى السكري لأنه يتزامن السكري مع قصور عضلة القلب، واذا أُصيب المريض بقصور في الكلى أو قصور بعضلة القلب عندها تصبح نسبة الوفيات عالية جداً. بالنسبة للعلاج هناك عائلتان من الدواء أول عائلة هي: العلاجات التي تدر السكر في البول اذ نحن نعلم ان السكر لا يقطع في البول بل يقطع في الكلى من ثم يفلتر ويدخل الى الدم. ودور الأدوية في هذه الحالة هي أنها تساعد الا يرجع السكر الى الدم على العكس يمر الى البول وبهذه الحالة يُخفّف نسبة السكر في الدم. لقد وجدوا هذه العلاجات مهمة جداً للحفاظ على عضلة القلب والتخفيف من الاستشفاء نتيجة قصور عضلة القلب وبذلك تحمي الكلى بهذه الطريقة، والسبب أنه عندما يُخفّض السكر في البول يُخفض معه القليل من الملح وبهذه الطريقة يتم حماية القلب. حالياً اذا كان مريض السكري لديه قصور في عضلة القلب أو الكلى أو لديه مشاكل صحية بشرايين القلب ففي هذه الحالة بغض النظر ومهما كان مخزون السكر يجب أن نحضر له العلاجات التي هي عبارة عن حقنة ممكن أن تُوخذ مرة في اليوم او مرة في الاسبوع اذ تساعد على تخفيض السكر ومخزون السكر وأيضاً تخفيض الوزن وتحمي القلب ولكن لا تعمل على قصور عضلة القلب اذ تحمي شرايين القلب والكلى. اذاً هذه من أهم العلاجات الجديدة التي نستعملها ليس فقط لنخفض السكر ومخزون السكر في الدم لكي يشعر المريض أنه بوضع جيد او ان يخفض وزنه لأن هذين العلاجين الجديدين يعملان على تخفيض الوزن أيضاً لأنه بالنهاية السكر هو سعرات حرارية وبالتالي نخفّض السعرات الحرارية في الجسم. وأبعد من ذلك هذا يساعد على حماية القلب والشرايين.
اليوم العالمي للسكري ودور الممرضة
* من خلال مشاركتك في اليوم العالمي للسكري فعلام كان التركيز هذه السنة بما يتعلق بمرض السكري؟
- ركزنا كثيراً على دور التشخيص لمرض السكري وخصوصاً دور الممرض / الممرضة المثقفة لمرض السكري اذ كان عنوان المؤتمر "Nursing Education" وعملنا مع مركز الرعاية الدائمة لأنه مركز تثقيفي على مستوى عالٍ، اذ إن الممرضات في المركز مجازات ولديهن خبرة واسعة خصوصاً عن النوع الأول من السكري اي الأطفال والمراهقين الذين لديهم نسبة السكر في الدم مرتفعة، وبالتالي التثقيف كان أهم محور تناولناه هذه السنة، وبالمحاضرات العلمية كان لدينا أهم الدراسات التي صدرت عن العائلتين من الدواء التي ذكرتها في سياق الحديث لأن همنا اليوم ليس فقط تخفيض السكر بل همنا الأساسي هو نوعية حياة جيدة للمريض، أي يعيش المريض بطريقة جيدة ونحميه من مشاكل القلب والكلى التي تغيّر حياته وتؤدي الى الوفاة وبالتالي همنا تخفيف مشاكل القلب والكلى ويعيش بطريقة صحية.
مريض السكري و"الكورونا"
* في ظل وباء "الكورونا" الجميع معرض للاصابة، فالى اي مدى يؤثر هذا الفيروس على مريض السكري عند الاصابة به وقد يودي الى الوفاة في بعض الحالات؟
- نسبة الاصابة عند مرضى السكري توازي النسبة عند الأشخاص غير المصابين بمرض السكري، بمعنى ان مريض السكري ليس معرّضاً أكثر من غيره للاصابة بكوفيد – 19. نعلم أن "الكورونا" فيروس جديد أي أننا نكتشف منذ بداية العام 2020 يوم بدأت الجائحة كل يوم أمراً جديداً. كانت هناك دراسات بأن الأشخاص الذين يكون نسبة السكر في الدم لديهم غير منتظم تكون الأعراض أكثر من غيرهم عند الاصابة بفيروس كورونا اذ يُدخلون الى العناية الفائقة أكثر من غيرهم، ويحتاجون للتنفس الاصطناعي أكثر من غيرهم، ولكن صدرت دراسات أخرى تفيد بأن هذا غير صحيح فحتى لو كان الشخص ليس لديه سكر منتظم يكون الأمر نفسه عند الاصابة بفيروس "كورونا " وبالتالي كل يوم نكتشف أمراً جديداً بما يتعلق بهذا الفيروس ولا تكون المضاعفات نفسها، والأعراض تختلف من بلد الى آخر اذ كل منطقة او كل بلد لديه خصوصية للتعامل مع هذا الفيروس. وطبعاً ننصح مرضانا الذين يلازمون بيوتهم ألا يتناولوا أطعمة تزيد من نسبة السكر في الدم التي هي النشويات والعجين والعصائر والاكثار من الفواكه، اذ برأيهم أنهم يتناولون الفيتامين عندما يكثرون من تناول الفواكه او شرب العصائر لتعزيزالمناعة لديهم، ولكن في الوقت نفسه هذا يزيد من نسبة السكر في الدم. وعليهم أن يقوموا بالتمارين الرياضية لأن هذا يعزز المناعة أيضاً. وبحال أُصيبوا بكوفيد- 19 فهناك مرضى سكري يحتاجون للاستشفاء ومرضى لا يحتاجون للاستشفاء. اما بالنسبة للمرضى الذين يدخلون الى المستشفى طبعاً نوقف كل العلاجات ونبدأ بالانسولين، وهناك عائلة من علاجات السكري تبين أنها اذا أضفناها على الانسولين للمرضى الذين يتعالجون من الكورونا تخفف من نسبة الوفيات لديهم. أما الأشخاص الذين لا يحتاجون للدخول الى المستشفى اذ نعلم أنه يُعطى للأشخاص في البيت دواء الكورتيزون، فالكورتيزون بحد ذاته يزيد من نسبة السكر وبالتالي نطلب منهم مراقبة ذاتية مكثفة للسكري وبأن يفحصوا السكر قبل تناول الطعام وبعد ساعتين من تناول الطعام وذلك في الصباح والظهر والمساء لكي يكون منتظماً كي لا تزداد المضاعفات لديهم، ونطلب من الأشخاص الذين لا يأخذون الكورتيزون ان يراقبوا نسبة السكر وان يزاولوا التمارين والأهم الا يكثروا من تناولوا أطعمة تزيد نسبة السكر في الدم.