ندخل بعد أيام في مهلة الاستحقاق الرئاسي، أي من 25 آذار الى 25 أيار، والبلد يبحث عن رئيس. وباق للرئيس ميشال سليمان ستون يوماً حتى ينتقل من القصر الجمهوري الى بلدته عمشيت، ويحمل المنكوش، كما قال لنا في غير مناسبة، ويعود الى مجتمع الفلاحين.
هكذا هي الصورة حتى الآن.
ولكن ماذا لو عجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل 25 أيار (مايو) المقبل! وماذا لو ترشح الدكتور سمير جعجع للرئاسة، ومثله فعل الرئيس أمين الجميّل من جبهة 14 آذار، والعماد ميشال عون وسليمان فرنجية من جبهة 8 آذار، ولم يستطع أي منهم الحصول في الدورة الثانية للاقتراع على نصف عدد النواب زائد واحداً أي 65 صوتاً؟ هل تبقى البلاد بلا رئيس وتعيش الفراغ الدستوري المسيء الى كرامة لبنان ووحدة بيته؟
هنا لا مناص للرئيس ميشال سليمان من التضحية، وسحب كلامه عن العودة الى عمشيت والقبض على المنكوش. فالواجب الوطني سيغلب كل اعتبار، ويقول لميشال سليمان: يا رئيس السنوات الست هذه الكرسي الرئاسية فاستلم!
بغض النظر عن رأي جمهور من اللبنانيين بحسنات العهد، أو سيئاته، يمكن القول إن ميشال سليمان كسر القاعدة وجعل السنوات الثلاث الأخيرة من عهده أقوى من سنوات البداية الثلاث: فقد نشر اعلان بعبدا على بنود قادة العالم عبر مؤتمر باريس الأخير، وأخذ منهم لهذا الاعلان درع تثبيت، وإذا لم يستطع تأمين الغطاء المالي الدولي المطلوب لملف النازحين السوريين، فقد استطاع بالمقابل أن يعزز وهج لبنان في العالم، ويجعل الوزير الأميركي <جون كيري> والوزير الروسي <سيرغي لافروف> يتفقان حول ملف لبنان، بعدما اختلفا كل الاختلاف حول ملف أوكرانيا.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة من عهده، استطاع الرئيس ميشال سليمان أن يحتوي كل القيادات المارونية، باستثناء النائب سليمان فرنجية، وأن ينسج علاقة مميزة مع البطريرك مار بشارة الراعي، بعدما تعود اللبنانيون أن يكون أكثر رؤساء الجمهورية في أواخر عهودهم على علاقة متوترة مع البطريركية المارونية ذهاباً من العلاقة المتوترة بين الرئيس كميل شمعون والبطريرك بولس المعوشي، والعلاقة المتوترة بين المحسوبين على المرشح الرئاسي ميشال عون والبطريرك السابق نصر الله صفير، في أعقاب مباركة غبطته لاتفاق الطائف الذي أوقف حمام الدم في لبنان عام 1989.
قد يكون الاقتصاد في عهد الرئيس ميشال سليمان أقل حظاً في طلب الازدهار، وقد يكون الشباب اللبناني أكثر طلباً للهجرة بفعل جفاف فرص العمل، وقد تكون مشكلة النازحين السوريين كابوساً على صدور اللبنانيين في أرزاقهم وحياتهم الاجتماعية، وقد يكون دابر الاغتيالات لم يقطع كما ينبغي، وقد يكون التقصير الأمني في طرابلس على كل شفة ولسان، بدءاً من النائب السابق مصباح الأحدب، إلا أن ميشال سليمان عرف كيف يقود السفينة في حمأة الأمواج العاتية، ويحميها من الغرق.
وغداً، إذا أصر ميشال سليمان على رفض التمديد، وأبعد عنه هذه الكأس، برغم حاجة الوطن إليها، أمام شبح الفراغ الدستوري، وإذا أتى رئيس جديد ولو بعد انتهاء المهلة الدستورية، سوف يقال: نريد رئيساً على صورة ميشال سليمان ومثاله، أو سليمان الحكيم، كما أردنا في الماضي رئيساً على صورة الرئيس فؤاد شهاب ومثاله!
وما أصعب الخيار!